لا زالت أصداء اللقاء الذي جمع رئيس مجلس الدولة الليبي، خالد المشري، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح تتردد في الأوساط السياسية الليبية، في ظل تشكيك في الأهداف الحقيقية وراء اللقاء، على إثر تسريبات أوردتها مجلة "جون أفريك" قالت فيها، إن الطرفين بحثا "صفقة سياسية" تشمل إقالة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة.
وفي حين قالت مصادر مطلعة إن اللقاء الذي جرى الأسبوع الماضي بحث المسار الدستوري في ضوء تشكيل لجنة بالخصوص من مجلس النواب، يرى سياسيون أن اللقاء يهدف إلى "إنقاذ مجلس النواب، وتقاسم السلطة".
مسؤول يؤكد
ورغم عدم تأكيد اللقاء رسميا، إلا أن عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس، أكد لـ"عربي21" أن اللقاء جرى بالفعل، وقال إنه "غير رسمي" ونتائجه "ليس لها أثر"، خصوصا أن عقيلة صالح "ليس له صفة الآن، ولم يجلس بصفته رئيسا لمجلس النواب".
ورأى كرموس أن "تراجع مجلس النواب عن موقفه السابق بعدم الاعتراف بشراكة المجلس الأعلى للدولة وفقا للاتفاق السياسي يعد خطوة إيجابية نحو الحل إن خلصت النوايا"، مشيرا إلى أن التواصل بين "الدولة والنواب"، حصل قبل أن يتناول الإعلام خبر لقاء "المشري وعقيلة".
اقرأ أيضا: مصدر لـ"عربي21": عقيلة صالح يعود لرئاسة مجلس النواب الليبي
وتابع قائلا: "التواصل الحقيقي الذي حدث بين المجلس، تمثل في تواصل لجنة خارطة الطريق التابعة لمجلس النواب، مع لجنة مقابلة شكلها المجلس الأعلى للدولة، وهذا التواصل يصب في مساعي إنهاء حالة الانسداد السياسي والبحث في مسألة المسار الدستوري الذي سبق وأن تجاهلته البعثة الأممية عقب توافق جرى بين المجلسين حين اجتمعا في الغردقة المصرية (جرت في شباط/ فبراير العام الماضي)".
وحول القضايا المثارة للبحث بين الطرفين قال كرموس في حديثه لـ"عربي21" إن المسار الدستوري هو محل البحث الآن بين المجلسين، متوقعا أن تكون هناك لقاءات لاحقة رسمية في نفس الإطار، إذا ما عاد عقيلة صالح إلى منصبه رئيسا لمجلس النواب.
وشدد المسؤول الليبي على أن اللقاءات بين المجلس تعد "خطوة أولى نحو الوصول إلى قوانين انتخابية واقعية/ مبنية على دستور دائم في البلاد يضمن انتهاء المرحلة الانتقالية".
تفاصيل من اللقاء
وفي ظل تضارب الأنباء حول ما دار خلال اللقاء، وبالرغم من حديث يدور عن صفقة سياسية بحثها الرجلان، إلا أن مصدرا تحدث لـ"قناة فبراير" قائلا، إن اللقاء الذي جرى برعاية الخارجية المغربية أكد المشري خلاله على ضرورة عرض الدستور للاستفتاء، ليكون القاعدة الدستورية في البلاد، حال تم التصويت عليه بنعم، وهو الأمر الذي أبدى "عقيلة" موافقته عليه لكن بعد استكمال لجنة خارطة الطريق المشكلة من مجلس النواب أعمالها حول نفس المسار.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي، محمد محفوظ أن فكرة اللقاء بشكل عام بين رئيسي المجلسين هي فكرة جيدة إذا نوقشت من باب حل الأزمة وإذابة الجمود السياسي، في أعقاب تأجيل الانتخابات
لكن محفوظ قال في حديث متلفز تابعته "عربي21" إن "المعطيات على أرض الواقع تشير إلى أن اللقاء كان بهدف إجراء صفقات سياسية تشمل تغيير الحكومة، دون النظر في القضايا الجوهرية الأخرى، كالاستفتاء على الدستور، والقاعدة الدستورية، وقوانين الانتخابات".
وشدد المحلل السياسي على أن المعطيات المتوفرة حول اللقاء تشير إلى أنه "صفقة سياسية"، وهي تكرار لنفس المشهد السابق، وإطالة للمرحلة الانتقالية.
ورأى أن "اللقاءات يجب أن تجري بين المجلسين كجسمين رسميين منبثقين عن الاتفاق السياسي، وفق خارطة الطريق المعلنة، وسقف زمني واضح ولا يجب أن تختزل هذه المؤسسات في شخص عقيلة والمشري".
تحالف للمرحلة القادمة
ومعلقا على اللقاء، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الله الكبير، إن لقاء عقيلة مع غريمه المشري في الرباط، بحث في الحقيقة موضوع تغيير حكومة الدبيبة.
وأضاف في مقال اطلعت عليه "عربي21" أنه "ليس خافيا أن مساعي عقيلة صالح لتغيير الحكومة، هي الدافع الرئيس للقاء المشري، فهو بحاجة إلى مساندة المجلس الأعلى للدولة لمواجهة الرفض الدولي لهذه الخطوة، كونها ستؤجل الانتخابات عاما آخر على الأقل".
اقرأ أيضا: هل تحل "خارطة الطريق" البرلمانية مكان ملتقى الحوار بليبيا؟
وشدد على أنهما "سيعقدان تحالفا للمرحلة المقبلة، وسيضم شخصيات أخرى فاعلة، في موازاة تحالف حفتر وباشاغا ومعيتيق، فالمتغيرات السياسية بصعود شخصيات جديدة، واقتحامها المشهد السياسي بقوة وشعبية جارفة، أجبر الحرس القديم من الجانبين على إعادة التموضع، ونسج تحالفات كانت حتى الأمس القريب ضربا من الخيال".
في سياق متصل، قال عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر حويلي، إن "المشري وعقيلة اتفقا على ألا يكون هناك إعلان لنتائج لقاء المغرب إلا بعد عرضها على المجلسين".
وشدد حويلي في تصريح مقتضب لقناة فبراير أن "لقاء المغرب محاولة لإنقاذ مجلس النواب وتقاسم للسلطة".
وكان من المفترض أن تشهد ليبيا الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وفق الخطة التي ترعاها الأمم المتحدة، لكن تعذر ذلك جراء خلافات بين مؤسسات رسمية ليبية، لا سيما بشأن قانوني الانتخاب ودور القضاء في هذا الاستحقاق.
وعلى إثر ذلك اقترحت مفوضية الانتخابات قبل يومين من الموعد السابق تأجيل الاستحقاق الانتخابي إلى 24 الجاري، فيما اقترح مجلس النواب (البرلمان) إجراءها بعد 6 أشهر.
مصدر لـ"عربي21": عقيلة صالح يعود لرئاسة مجلس النواب الليبي
انفتاح حفتر على عسكريي الغرب.. مرونة أم بحث عن ميزانية؟
هكذا علق سياسيون على حبس وزراء بحكومة الدبيبة بتهم فساد