يرى مختصون، أن هناك صلة قوية بين الإدمان على استخدام الهواتف الذكية والمشكلات في العلاقات، ونوعية النوم ومستويات التركيز.
وتقول هيلدا بورك، المعالجة النفسية ومؤلفة كتاب "دليل إدمان الهاتف"، إنه لدى الكثير من الناس طلبات ثابتة تأتيهم عبر أجهزتهم، وكثير من هذه الطلبات تتسبب بشعور زائف بضرورة الرد عليها بشكل سريع، بحسب تقرير لشبكة "بي بي سي" البريطانية حول الإدمان على استخدام الهواتف الذكية ودوافع البعض للابتعاد عنها.
وأوضحت بورك: "يشعرون بأنهم غير قادرين على وضع حدود لذلك، ويشعرون نتيجة لذلك بأنهم مضطرون للتحقق من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الخاصة بهم قبل النوم مباشرة، وفور استيقاظهم في الصباح".
وبحسب التقرير، فإن هناك العديد من الإجراءات التي تمكنك من تقليل استخدام الهاتف الذكي لأولئك الذين يجدون صعوبة في ذلك.
وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو غير منطقي في البداية، إلا أن المزيد من التطبيقات آخذة في الظهور للحد من الاستخدام المكثف للهواتف الذكية.
وعلى سبيل المثال، يتيح لك تطبيق "فريدوم" حظر التطبيقات ومواقع الويب مؤقتا، حتى تتمكن من التركيز أكثر. ويمكنك تطبيق "أوف ذا غريد" من حجب هاتفك لفترة زمنية معينة.
اقرأ أيضا: الأجهزة الذكية تجعلنا متهورين واندفاعيين.. إليك السبب
وتقول بورك إنه سيكون من المفيد أن يراقب المزيد من الأشخاص مقدار الوقت الذي يقضونه على هواتفهم الذكية. وتضيف: "يمكن أن يكون البدء في إدراك مقدار الوقت الذي تقضيه كل يوم على هاتفك بمثابة جرس إنذار ومحفز للتغيير".
وتنصح بالاستمتاع بالفترات القصيرة عندما يكون هاتفك مغلقا أو أن تتركه في المنزل وتزيد من فترة الانتظار حتى تتحقق منه مرة أخرى بشكل تدريجي.
وتوصي بورك باختيار صورة أو كلمة تمثل ما كنت تفضل القيام به، إذا كان لديك المزيد من الوقت، لتضعها صورة لشاشة هاتفك.
وتابعت: "بالنظر إلى أن معظمنا يتفقد هاتفه الذكي 55 مرة في اليوم وبعضنا قد يتفقده نحو 100 مرة، فهذا تذكير بصري رائع لطريقة أكثر قيمة لقضاء وقتك الثمين".
وتمكنت الفتاة الشابة دولسي كاولينغ، من التخلي عن هاتفها الذكي، ورأت أن ذلك ساهم في تحسين صحتها العقلية، وعليه فقد لجأت إلى استخدام هاتفها القديم الذي يستقبل ويجري المكالمات ويرسل الرسائل النصية.
وتضيف كاولينغ، وهي مديرة إبداعية في وكالة الإعلانات "هيل ييه" ومقرها لندن، أن فكرة التخلي عن هاتفها الذكي كانت قد تعاظمت في ذهنها خلال إجراءات الإغلاق المتعلقة بكوفيد.
وتابعت: "لقد فكرت في مقدار الوقت الذي أمضيته وأنا أستخدم الهاتف وماذا يمكنني أن أفعله غير ذلك. أن تكون على اتصال دائم بالعديد من الخدمات يخلق الكثير من عوامل التشتيت وهو أمر مجهد للدماغ للتعامل معه".
الباحث التربوي والخبير التكنولوجي أليكس دنيدن، والذي تخلص من هاتفه الذكي قبل عامين، يقول: "ثقافيا، أصبحنا مدمنين على هذه الأجهزة.. إنها تبطئ الإدراك وتعيق الإنتاجية".
ويقول دنيدن، الذي يعيش ويعمل في أسكتلندا، إن السبب الآخر وراء قراره هو المخاوف البيئية. ويشير إلى "أننا نهدر كميات هائلة من الطاقة في إنتاج كميات هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون".
ويؤكد أنه أصبح أكثر سعادة وإنتاجية منذ توقف عن استخدام الهاتف الذكي. ولم يعد لدى دنيدن حتى هاتف محمول قديم الطراز أو حتى خط هاتف أرضي. ولا يمكن الاتصال به إلكترونيا إلا عبر رسائل البريد الإلكتروني التي تصله عبر جهاز الكمبيوتر في المنزل.
ويقول: "لقد حسن ذلك حياتي". وأضاف: "تحررت أفكاري من الاتصال المعرفي المستمر بآلة أحتاج إلى إطعامها بالطاقة والمال. أعتقد أن خطر التقنيات هو أنها تفرغ حياتنا".
المعلمة والكاتبة لين فويس عادت لاستخدام هاتفها الذكي قبل أشهر عدة بعد انقطاع دام ست سنوات.
وتشير إلى أنها اضطرت لشراء هاتف ذكي بسبب اضطرارها للتعامل مع رموز الاستجابة السريعة QR Codes في المطاعم وما يسمى بجوازات سفر كوفيد، بالإضافة إلى تسهيل التواصل مع إحدى بناتها التي تعيش في باريس.
وتخطط حاليا للتخلي مرة أخرى عن الهاتف الذكي، مشيرة إلى أن عدم امتلاك هاتف ذكي "خفف الكثير من الضغط على عقلي".
ومع ذلك، فإنه في حين أن البعض قلق بشأن مقدار الوقت الذي يقضونه على هواتفهم، فإن ملايين آخرين يعتبرون الهواتف الذكية هبة من السماء.
ويقول متحدث باسم شبكة الهاتف المحمول فودافون في المملكة المتحدة: "أكثر من أي وقت مضى، أصبح الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية أكثر سهولة، والهاتف الذكي هو شريان الحياة الأساسي".
وأضاف: "نقوم أيضا بإنشاء موارد لمساعدة الأشخاص في الحصول على أقصى استفادة من التقنية التي يستخدمونها، بالإضافة إلى الحفاظ على سلامتهم عندما يكونون متصلين بالإنترنت - وهذا أمر مهم للغاية".