أثار تراجع زخم المعارك في جبهات القتال بمحافظة مأرب ( شرق اليمن)، بعدما بلغت ذروتها بداية كانون ثاني/يناير الماضي، مع توغل قوات العمالقة المدعومة من الإمارات في مديرية حريب، جنوبي المحافظة الغنية بالنفط، أسئلة عدة، حول أسباب ذلك، وما علاقته بالهجمات التي شنها الحوثيون على العمق الإماراتي مؤخرا.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، توقف القتال في جبهات مدينة مأرب الجنوبية، بعد السيطرة على مركز مديرية حريب، من قبل ألوية العمالقة القادمة من الساحل الغربي أواخر العام الماضي، حيث تمكنت من طرد مسلحي الحوثي من مديريات بيحان وعسيلان وعين، غربي شبوة، وتأمين الطريق بين المحافظتين الغنيتين بالنفط.
وفي 31 كانون الثاني/ يناير المنصرم، أعلن الحوثيون، استهداف العاصمة أبوظبي وإمارة دبي بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، فيما أشارت وزارة الدفاع الإماراتية إلى "اعتراض وتدمير صاروخ باليستي أطلقته الجماعة تجاه أراضيها دون وقوع أية خسائر".
وجاء هذا الهجوم، ضمن هجمات بدأتها الجماعة الحوثية على مصالح ومواقع إماراتية، بمسيرات وصواريخ باليستية في 17 و25 من الشهر ذاته.
"مهمة محددة"
وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة: "كانت هناك مهمة محددة وواضحة للقوات المدعومة من الإمارات تتمثل بإعادة التموضع على الحدود التشطيرية وهذا ما حدث".
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "الضربات الحوثية على أبوظبي، لم تكن إلا تحصيل حاصل وتغطية على المخطط الإماراتي، خصوصا مع الإعلان من قبل فصيل عراقي عن تبني الهجمات" على حد قوله.
وأكد الكاتب اليمني أنه لم تكن هناك أي نوايا إماراتية لدعم أي عمليات عسكرية في مأرب أو البيضاء (وسط) وغيرها من المناطق بعد شبوة.
اقرأ أيضا: الجيش اليمني: قواتنا تتقدم بمأرب وتدمير مراكز للحوثيين بحجة
وأشار الزرقة: "كان الغرض هو إنهاء أي مطالب برحيل قواتها ( أي الإمارات) من ميناء بلحاف وتسليمه للحكومة الشرعية".
"لا مبرر لتوقف المعارك"
من جانبه، يرى محمد الصالحي، رئيس تحرير صحيفة "مأرب برس" (محلية متوقفة عن الصدور منذ سنوات)، أن توقف العملية العسكرية من قبل ألوية العمالقة في الجبهة الجنوبية من محافظة مأرب، غير مفهومة، ولا مبرر لها.
وقال الصالحي في حديث لـ"عربي21"؛ إن قوات الجيش اليمني والقبائل الموالية لها، منهكة بشكل كبير، جراء المعارك التي تخوضها منفردة مع الحوثيين منذ عامين.
وتابع: "كانت هناك انفراجة بتقدم قوات العمالقة من مديريات شبوة، نحو مديرية حريب، جنوبي مدينة مأرب، والسيطرة عليها، إلا أن توقف العملية يثير علامات استفهام كثيرة".
وبحسب الصحفي اليمني، فإنه "كان هناك تطلع أن تتواصل المعارك بذات الزخم العسكري للسيطرة على عقبة ملعاء (شرق مديرية حريب) وبمن ثم، التحام قوات العمالقة مع الجيش الوطني فيما بعدها، أي مديرية الجوبة، الواقعة جنوبي مأرب، غير أن الأمور انتهت بخيبة للجميع.
وأوضح رئيس تحرير صحيفة مأرب برس اليمنية، أن الجميع يدرك أن قوات الجيش في مأرب، لا تحظى بإمكانيات عالية ودعم كبير، كما هو الحال لدى قوات العمالقة من تسليح وإسناد جوي، وخصوصا الطيران المسير الذي كان له دور كبير في تغيير المعادلة العسكرية في المديريات الغربية من شبوة، وطرد الحوثيين منها.
ودعا الصالحي الحكومة الشرعية، لتوضيح الغموض والإجابة على التساؤلات حول توقف المعارك في الجبهات الجنوبية من مدينة مأرب.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: لم يعد سهلا على الإمارات الهروب من اليمن
ولفت المتحدث ذاته، إلى أنه على الرغم من خطر الحوثيين الحقيقي على الأمن الإقليمي، واستمرار هجماته على السعودية والإمارات، إلا أن التعامل من قبل الدولتين لم يكن عند مستوى هذا الخطر.
وجدد تأكيده أنه من غير المنطقي أن تتوقف المعركة بهذا الشكل، ولا مبرر لذلك، حتى وإن جرى الحديث عن ترتيبات لعملية عسكرية شاملة، مستدركا القول: "كرؤية سياسية، ليس هناك أي مبرر لتوقف العملية حاليا جنوبي مأرب".
وأردف: "لابد من إيجاد آلية فاعلة لتخفيف الضغط عن مدينة مأرب التي تقاتل على مدى عامين منفردة، من غير أي تحرك في جبهات القتال الأخرى"، مؤكدا أن التعويل على تحقيق قوات الجيش هناك انتصارات في ظل التسليح المحدود، مستحيل حدوثه.
واستبعد أن يكون توقف المعارك في الجبهات الجنوبية من مأرب، له علاقة بالهجمات الحوثية على أبوظبي، معتبرا ذلك بأنه غير منطقي، رغم ما صرحت به قيادات حوثية بأنه كانت هناك تفاهمات مسبقة مع الإماراتيين.
ووفقا للصحفي الصالحي، فإن التفاهمات لن تجد نفعا مع الحوثيين الذين أصبحوا أداة إيرانية تنفذ أجندتها في المنطقة، ولن يسلم منها أحد، حال استمر الوضع على ما هو عليه.
ولم يتسن لـ"عربي21" الحصول على تعليق من مسؤولين بالجيش والحكومة حول توقف المعارك جنوبي مأرب.
فيما علمت "عربي21" من مصدر مخابراتي أن السعودية تجري ترتيبات لتشكيل لواء تحت اسم "اليمن السعيد"، الذي سبق أن أفصح عن ذلك، الناطق باسم قوات التحالف، تركي المالكي، منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال المصدر، شريطة عدم الإفصاح عن اسمه؛ إن الرياض بدأت بتشكيل هذا اللواء بقيادة تنتمي للتيار السلفي، ويضم مقاتلين سلفيين، خضعوا لتدريبات في إحدى المعسكرات التي تديرها في منطقة الوديعة الحدودية مع المملكة، التي تتبع إداريا محافظة حضرموت، شرقي البلاد.
وأشار المصدر المخابراتي إلى أنه قد يسند لهذا اللواء الجديد، بالإضافة إلى لواء آخر من ألوية العمالقة التي عين له، قائدا جديدا من أبناء قبيلة مراد القاطنة في المديريات الجنوبية والجنوبية الغربية من مدينة مأرب.
وفي شهري كانون أول/ديسمبر من العام الماضي، وكانون الثاني/يناير المنصرم، أرسل التحالف ألوية عسكرية من العمالقة المتمركزة في الساحل الغربي اليمني، إلى محافظة شبوة، لطرد الحوثيين من مديريات بيحان الثلاث، غربي المحافظة التي سيطروا عليها أواخر أيلول/سبتمبر من العام الماضي.
لماذا سكت الحوثيون سبع سنوات عن استهداف الإمارات؟
قوات تدعمها أبوظبي باليمن تعلن "العودة لقواعدها".. لماذا؟
قراءة في دلالات هجوم الحوثيين على أبوظبي وسر التوقيت