قضايا وآراء

أردوغان أغلق نوافذ القصر

1300x600
بأي منظور يجب علينا كفلسطينيين أن ننظر إلى استقبال تركيا لرئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ؟ هل علينا قبول الرواية الرسمية وتفهم مبررات هذه الاستدارة، وبالتالي التخلي عن العدل في المواقف؟ أم نهاجم الرواية وصاحبها؟ وهل هناك فرصة للموازنة؟

يدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن استقبال هرتسوغ أوقع صدمة في الأوساط العربية الشعبية والسياسية، ولديه إجابة للتساؤل حول الزيارة، ليس مطلوباً من الجميع أن يقبلها.

ورغم ذلك، لم تكن الزيارة مفاجئة؛ بل إن أردوغان بعد لقائه مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وتطبيع العلاقات مع الإمارات، قال إن خطوات "قوية" مماثلة سوف تخطوها بلاده مع "كل من مصر وإسرائيل".

لكن هذه الخطوات في حالة الكيان الإسرائيلي مختلفة عن أي إعادة تموضع لأنقرة مع عواصم الإقليم، سواء في سياقها أو تاريخها وحتى أسباب تراجعها، وهو ما يعني أن يكون الموقف الفلسطيني منها، مختلف أيضاً بالضرورة.

ليست تركيا وحدها التي لديها مصالح استراتيجية وأزمة عملة وانتخابات مرتقبة وتقلّبات في السياسة الخارجية، بل كل الدول التي سارت نحو التطبيع مع الكيان -أو غالبيتها- كانت لديها مصالح ورواية قد تكون أكثر إقناعاً من وجهة نظر أصحابها.

في الموقف من التطبيع، ليس لدى الفلسطيني معايير يحكم بها على الدول والعواصم التي تُقدّم التطبيع على القضية الفلسطينية، ولو كان تحت غطاء المصالح أو تحت راية الهلال.

وليس من دور الفلسطيني تداول دوافع القيادة التركية ونحت مسوّغات لهذه الخطوة، وله أن يقول ما يريد، لكن ليس له أن يتوارى، ويمكن الاكتفاء بالقول إن الخطوة التركية هي على وجه الحقيقة تصحيح لسياسة خارجية قديمة لم تصمد، وتشبه "التوبة" عما سبق، أمام تيار الأحداث الجارف، وليس توجّهاً جديداً، أو هكذا نفهم.

لكنها في المقابل "تقارب غير صادق"، أو كما وصفه أحد الوزراء الإسرائيليين البارزين عشية الزيارة، متحفظا على كشف هويته: "سندير الأمر مع الأتراك مثل قنفذين يمارسان الحب، بحذر". فقد جاءت الزيارة مثلاً، بعد شهور قليلة من إلقاء الأمن التركي القبض على زوجين إسرائيليين بتهمة "التجسس السياسي والعسكري" لالتقاطهما صورا لمنزل الرئيس أردوغان، حينما كانا يتواجدان في "برج تشامليجا"، أطول مبنى في إسطنبول.

ستظل نظرتنا كفلسطينيين وعرب ومسلمين مختلفة لهذه الزيارة، وسيصعب علينا قبول السياقات الاستراتيجية التي يتحدث بها الخبراء في مسار المصالح الخاصة بتركيا ومحاولات أردوغان مزج المبادئ بالمصالح، المختلفة في معظمها عن مصالح الكيان، فبينما كان يتم استقبال هرتسوغ بحفاوة، كان رئيس حكومة الاحتلال "نفتالي بينيت" يطير بين موسكو وكييف في محاولة للوساطة لاحتواء الأزمة الروسية الغربية، وهي الصورة الخارجية التي تعتمد عليها شرعية الكيان.

الاحتجاجات الشعبية التركية التي سبقت استقبال هرتسوغ، في إسطنبول وأنقرة ومدن أخرى، هي التعبير الحقيقي عن الموقف الفلسطيني والعربي من الزيارة وعن قُرب؛ والتي تجاهلها أردوغان وأغلق نوافذ القصر عنها، وفشل لأوّل مرة منذ وصوله إلى الحكم، في التسويق الداخلي لهذا التقارب، بصورة تثبت أن فلسطين فوق كل المصالح.

twitter.com/ahmedelkomi1
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع