أثار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، سخطا داخل الاحتلال الإسرائيلي، بعد خطابه الذي شبه فيه ما يقوم به الروس، بـ"المحرقة النازية" ضد اليهود.
وفي خطاب عبر تقنية الفيديو أمام الكنيست الإسرائيلي، قال زيلينسكي "إن على إسرائيل أن تتقبل نتيجة الخيارات التي تتخذها بخصوص ما إذا كانت ستساعد في حماية أوكرانيا بمواجهة الغزو الروسي".
فيما رد مسؤولون إسرائيليون برفضهم خطاب زيلينسكي، قائلين إن تل أبيب تعتزم مواصلة جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، بزعم أن ذلك يخدمها، بغض النظر عن النتائج، فضلا عن انتقادات من قبل أعضاء الكنيست أعقبت خطابه.
يارون أبراهام الكاتب في موقع القناة 12، ذكر في مقال ترجمته "عربي21" أن "خطاب زيلينسكي حظي بانتقاد أعضاء كنيست ووزراء إسرائيليين، من الائتلاف والمعارضة على حد سواء، لأنه أجرى مقارنة بين الهولوكوست والحرب الحالية، حتى أن وزير الاتصالات يوعاز هاندل رفض محاولة زيلينسكي لإعادة كتابة تاريخ المحرقة، أما عضوة الكنيست شيرلي بينتو فذكرت أن الحرب الحالية صحيح أنها رهيبة، لكن مقارنتها مع أهوال المحرقة محاولة شائنة، فضلا عن كونها لا تفيد شعبه".
ونقل عن "عضو الكنيست أوريت ستروك من حزب الصهيونية الدينية أن مقارنة زيلينسكي بين السلوك الروسي والنازي في غير محلّها، ونحن كأعضاء في البرلمان الإسرائيلي يجب ألا نوافق على ذلك، أما عضو الكنيست سيمحا روتمان فقال إنه كان من الأفضل إعطاء زيلينسكي جولة في مؤسسة "ياد فاشيم" الخاصة بضحايا المحرقة قبل أن يتحدث في الكنيست، ولعلها الطريقة المثلى لتجنيبه إجراء المقارنات التي توشك على إنكار الهولوكوست".
رئيس الصهيونية الدينية بيتسلئيل سموتريتش رفض محاولة الرئيس الأوكراني الربط بين دعم إسرائيل لأوكرانيا ضد روسيا، وجهوده لمقارنة حرب الأخيرة بالهولوكوست، لأنها مقارنة فاحشة، ولا أساس لها من الصحة، وكذلك فعل عضوا الكنيست من الليكود ميري ريجيف ويوفال شتاينتس، اللذان اعتبرا أن المقارنة التي أجراها زيلينسكي بين الحرب الروسية على بلاده، والمحرقة النازية ضد اليهود تشويه كامل للتاريخ، وكذلك الادعاء بأن الشعب الأوكراني ساعد اليهود في الهولوكوست.
عاميت سيغال محلل الشؤون الحزبية في القناة 12، ذكر في مقال ترجمته "عربي21" أن "زيلينسكي حاول تحويل مسار السفينة الإسرائيلية في اتجاهه، في محاولة لا يبدو أنها تسير على ما يرام، لأن إسرائيل تنوي الاستمرار في الوساطة بين موسكو وكييف، على أمل أن تساعد في إنهاء الحرب في أوروبا، وبسبب افتراض أن هذه الوساطة لا تزال تخدم إسرائيل في تجنب الانضمام الكامل إلى الكتلة الغربية، خشية إغضاب بوتين الذي يبدو أكثر فاعلية من غضب زيلينسكي".
وأضاف أنه "للوهلة الأولى يمكن تفسير كلام رئيس أوكرانيا بأنه هجوم حاد للغاية على إسرائيل، استمرارا لهجومه على باقي الدول التي يواصل التنقل بين برلماناتها، ويخبر كل واحد منهم أنهم لا يفعلون ما يكفي لمواجهة روسيا، دون أن يحقق نتائج مرجوة على هذا الصعيد".
اقرأ أيضا: زيلينسكي: التهديد الذي يواجهنا يشبه ما تواجهه "إسرائيل"
"هآرتس" تسخر
سخرت صحيفة هآرتس، من خطاب زيلينسكي، أمام الكنيست الإسرائيلي، معتبرة أنه محاولة يائسة لإبقاء أوكرانيا في العناوين.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" في مقال للكاتب إنشل بابر، أن "زيلينسكي يقوم بجولة برلمانية عالمية، وبدأ قبل أسبوعين بـ "أم البرلمانات" (بريطانيا) ووصل إلى الكونغرس الأمريكي والبوندستاغ الألماني وغيرها، وفي الطريق تمكن من إعطاء عشر دقائق أيضا للكنيست في إسرائيل".
وقالت: "في جميع الخطابات حتى الآن، انتقد بشدة الحكومة المستضيفة، لأنها لا ترسل ما يكفي من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، فهاجم أمريكا وبريطانيا لأنهما ترفضون استخدام اسلحتهما الجوية، أما دول "الناتو" الأخرى فهاجمها طالبا منها تطبيق منطقة حظر طيران في سماء أوكرانيا، وانتقد إسرائيل لأنها لا تزوده بمنظومة القبة الحديدية".
ولفتت إلى أن "خطاب الرئيس الأوكراني، كشف عن خيبة أمل من سياسية إسرائيل، لأنه توقع من تل أبيب قدرا أكبر بقليل، علما بأنه شوه التاريخ الذي عندما حاول أن يعرض الأوكرانيين كمن أنقذوا اليهود في فترة الكارثة".
وأضافت: "هذا كان خطابا صهيونيا مثاليا، زيلينسكي أظهر إعجابه - بحسب زعمه - بالتشابه الكبير بين الأوكرانيين والإسرائيليين، في حين كان يبهر أقواله باقتباسات عن غولدا مئير حول أن الأعداء يريدون إبادتنا، بالضبط مثلما يريد الروس إبادة الشعب الأوكراني، وخبراء الدعاية في إسرائيل لم يتمكنوا من صياغة ذلك بصورة أفضل، لذلك، فإن خيبة أمل زيلينسكي العميقة، في أن إسرائيل لا تزوده بالسلاح ولا تنضم للعقوبات المفروضة على روسيا".
وذكرت الصحيفة، أن زيلينسكي قبل فترة قصيرة من خطابه في الكنيست أجرى مقابلة مع الـ"سي.إن.إن" اتهم فيها حلف "الناتو"، بأنه لا يقول بنفسه وبصورة صريحة ما إذا كان على استعداد لأن يرى أوكرانيا تنضم إليه، وبالتالي أن "يترك أوكرانيا في وضع إشكالي"، وهذه إشارة واضحة من زيلينسكي، الذي "يعرف أن الشرط الضروري للاتفاق مع الروس، هو إسقاط خيار الانضمام للحلف عن الطاولة بشكل نهائي، وهو يتوقع أن يقوم زعماء الحلف بفعل ذلك من أجله".
ونوهت إلى أن "الخطابات شيء والدبلوماسية شيء آخر، وزيلينسكي يحاول إيجاد حل وسط يمكنه إنهاء الحرب في أسرع وقت، رغم أنه لا يؤمن بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيظهر مرونة كافية في التوصل إلى اتفاق كهذا، وإذا تمكن رئيس الحكومة نفتالي بينيت من المساعدة في ذلك، فسيكون سعيدا رغم الانتقادات".
وأشارت "هآرتس" إلى أن "الطريقة غير المحترمة التي تم إلقاء خطابه بها في الكنيست، حيث يجلس معظم الأعضاء في بيوتهم، بدلا من أن يكونوا مجتمعين في قاعة الكنيست، تثير التساؤل؛ لماذا زيلينسكي كان بحاجة إلى ذلك أصلا؟، ولكن هذا سيكون عدم فهم للتأثير الذي يحاول خلقه، والأهم من ذلك الحفاظ عليه، فزيلينسكي لا يتوجه إلى البرلمانيين، بل إلى الرأي العام العالمي، هو قلق، لأن التعاطف والاهتمام بأوكرانيا يمكن أن يتبدد مع مرور الوقت".
واعتبرت أن "المكون الأهم في خطاب زيلينسكي أما الكنيست، كان التحذير المكرر في الختام من عدم المبالاة بمصير أوكرانيا، هو في الواقع لم تمض عليه سوى 4 سنوات في الساحة السياسية، لكنه يعرف جيدا أن الخطابات للبرلمانات لا تغير السياسة المحسوبة، الباردة والبراغماتية للحكومات، وهذا ليس السبب الذي يجعله يقوم بهذه الجولة بين البرلمانيات، فالأمر يتعلق بمحاولة يائسة لإبقاء أوكرانيا في العناوين".
وتابعت: "من مثل زيلينسكي، الذي ابتدع وأوجد ولعب دور البطولة في برامج تلفزيونية ناجحة، يعرف الحاجة إلى مواصلة وامتاع الجمهور، الآن يجب عليه فعل ذلك على منصة دولية طالما أنها متاحة له".
ورأت الصحيفة، أن "صمود الشعب الأوكراني أمام غزو روسيا والطريقة التي تحول فيها زيلينسكي إلى ممثله الشعبي، ساعدت جدا في زيادة تزويد السلاح من الغرب وزيادة شدة العقوبات على روسيا، ولكن الآن أمام ما يظهر أنه حرب استنزاف طويلة ومؤلمة، يجب عليه الحفاظ على هذا الزخم"، مضيفة: "إلى جانب بوتين، اللامبالاة هي العدو الأشد لزيلينسكي ولأوكرانيا".
مخاوف إسرائيلية من استمرار التأرجح بين موسكو وواشنطن
جنرالان يرصدان مبررات انحياز الاحتلال للغرب ضد روسيا
قلق إسرائيلي من "فتور" روسي تجاه الهجمات على سوريا