في الخبايا المظلمة لموقع جاب.كوم، وهو موقع تواصل اجتماعي مشهور لدى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، يُمجَّد فلاديمير بوتين باعتباره أسدًا محافظًا.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" في مقال للكاتب أنتوني فايولا، ترجمته "عربي21": ينشر المستخدمون تحت أسماء مستعارة مثل "روتين 4 بوتين" و"الدعوة لحرب بوتين السلافية"؛ أن أحدهم -والذي يصف نفسه بـ"رجل وطني غير محصن، نقي الدم، غير ممتثل، يخشى الله، ويمتلك السلاح، ويدافع عن الحرية"، والذي يؤمن بـ"الجنس الثنائي والإله الواحد"- قام بكتابة أن "كلام بوتين يتسم بالحقيقة أكثر من أي من قادة العالم الغربي مجتمعين".
وقالت الصحيفة إن هذا الدعم اليميني مبني على أحد أساليب الحرب التكتيكية غير المشهورة للزعيم الروسي: إلقائه للكشكول المسيحي - "القيم التقليدية" - كسلاح، وللدفاع عن العدوان الروسي في أوكرانيا، قام بدحض ادعاءات مختبرات الأسلحة البيولوجية التي تمولها الولايات المتحدة، واستيلاء النازيين الجدد على الحكومة في كييف -وكلاهما وجد مكانه في جاب.كوم- لكن حتى في الوقت الذي تقتل فيه القنابل الروسية عشرات المدنيين، سعى بوتين إلى تصوير حربه على أنها صائبة؛ واصفًا أوكرانيا بأنها نموذج مصغر للحرب العالمية الكبرى بين الفكر الليبرالي والمحافظ.
وأشارت إلى أن لهجة هذا الموقع تتحدث عن صعود بوتين كضابط عالمي لليمين المتطرف؛ حيث وَجَدَت صورته المثقلة التي بناها لسنوات كزعيم يميني مسيحي منفذًا لها في الحرب الأوكرانية المروعة، فقد قال الواعظ التلفزيوني الأمريكي "بات روبرتسون" إن الزعيم الروسي "أجبره الإله" على غزو أوكرانيا.
وأفادت بأنه حتى لو لم يكن الدعم موجّها لبوتين لشخصه، يبدو أن البعض يظهر تآزرًا مع قضاياه؛ ففي فلوريدا التي يسيطر عليها الجمهوريون، يحمل مشروع "لا تقل شاذًا" الذي تم إقراره هذا الشهر، عبارات يغلب عليها طابع القانون الروسي لعام 2013 "الدعاية للعلاقات الجنسية غير التقليدية" بين القُصَّر.
وبحسب واشنطن بوست، فإنه في وجهة نظر بوتين للعالم -التي يؤمن بها- لا يعتبر دفع أوكرانيا للارتباط بالناتو والاتحاد الأوروبي تهديدًا عسكريًّا فقط، بل هو تهديد أخلاقي كذلك، وحربه هي مهمة مقدسة، وتسعى لمنع انتقال دولة شقيقة للغرب الإلحادي الموبوء بالرذائل، والذي يدعم المثليين وحقوقهم، والذي يسعى لإفساد الأعراف الأرثوذكسية المحافظة.
وتنقل عن خطاب بوتين الذي كان مقدمة للحرب والذي قاله في 24 شباط/ فبراير الماضي؛ قوله: "إنهم يسعون لتدمير قيمنا التقليدية، وفرض قيمهم الزائفة التي من شأنها أن تضعف شعبنا من الداخل، والتوجهات التي يفرضونها على بلدانهم بقوة، والمؤدية للتدهور والانحطاط، لأنها تعارض الطبيعة البشرية"، مضيفًا: "هذا لن يحدث. ولم ينجح أحد قط في فعل هذا، ولن ينجح أحد الآن".
وأضافت أن الخطوة التدريجية التي اتخذها بوتين لإخفاء نفسه في عباءة الدين والتقاليد ترجع إلى منتصف القرن العشرين على الأقل، كما قالت "أوريسيا لوتسيفيتش"، رئيسة المجمع الفكري الأوكراني في لندن، والتي أضافت "بعد الثورة البرتقالية في أوكرانيا، حاول تقديم نفسه كبديل لليبرالية والغرب المتقدم، مستخدمًا روسيا كحصن للقيم العائلية المزعومة".
وترى أنه مع ذلك، فإن رسالة بوتين مثل العديد من أقرانه، تشبه ما وصفه "لوكاس أندريوكايتيس" رئيس مجلس الأطلنطي بأنه "فصامي"، فهو يتحجج بالفكر التقدمي، بينما يفسح المجال للنخب الروسية، مادامت مخلصة له.
ليس ملحدا
الكاتب والمعلق في "واشنطن بوست" أيضا، ديفيد أغناطيوس، رفض الأحاديث القائلة إن الرئيس فلاديمير بوتين ملحد.
وذكر في مقال أن "بوتين رجل مختلف، فهو يؤمن بالكنيسة الأرثوذكسية، وليس ملحدا، ولديه أيديولوجية تشبه فاشية بنيتو موسوليني".
ويقول إغناطيوس إن "محاولة اختراق لغز نفسية بوتين هي مسألة حياة أو موت هذه الأيام، في الوقت الذي تتواصل فيه الحرب الأوكرانية، وينظر العالم بقلق لما يمكن أن يفعله بوتين بأسلحته الكيماوية والنووية".
وقال إن بوتين استشهد "بطريقة مدهشة بالإنجيل لكي يبرر حربه الخاطفة"، إذ قال الرئيس الروسي "أستعيد كلام الكتاب المقدس: ليس لأحد حب أعظم من هذا، أن يضحي إنسان بحياته من أجل أصدقائه".
وتابع: "يقال إن بوتين ارتدى صليبا صغيرا من الألمونيوم أعطته له أمه، حسب كل من كريس هاتشينس وألكسندر كروبكو في عام 2012. ولم يظهر الصليب الصغير عندما كان ضابطا في كي جي بي. ولكنه عندما زار إسرائيل عام 1993، قال (وضعت قلادة الصليب حول عنقي، ولم أخلعها من ذلك الوقت)".
وبحسب إغناطيوس، فإن "إيمان بوتين العميق في الكنيسة الأرثوذكسية يعبر عن الوحدة بين روسيا وأوكرانيا، والذي قدمه في مقاله غير المترابط الذي كتبه في تموز/ يوليو الماضي. ولاحظ بوتين أن جذور إيمانه في كييف، حيث تحول القديس فلاديمير في 988 من الوثنية إلى الأرثوذكسية".
NYT: اشتداد الحصار والتضييق على بوتين سيزيده خطورة
إذاعة: كوريا الشمالية أصدرت أوامر بالاستعداد للحرب
WP: مصير النظام العالمي يعتمد على نتائج الحرب الأوكرانية