سياسة عربية

إسبانيا تسلم معارضا جزائريا لبلاده.. ومعارضون ينددون

المعارضة الجزائرية تندد بتسليم إسبانيا الضابط المنشق محمد بن حليمة (فيسبوك)

قررت السلطات الأمنية الإسبانية طرد الضابط العسكري الجزائري المنشق محمد بن حليمة من أراضيها، وتسليمه مساء أمس الخميس إلى السلطات الجزائرية بعد أيام من إلقاء القبض عليه.

وأوقفت الشرطة الإسبانية ابن حليمة ونقلته إلى مركز ترحيل قبل أسبوع، قبل أن ينقل الليلة الماضية مباشرة إلى الجزائر، حيث تسلمته السلطات الجزائرية في مطار الجزائر الدولي.

ووصل ابن حليمة إلى الجزائر في رحلة للخطوط الإسبانية، بعد رفض السلطات في مدريد منحه حق اللجوء السياسي، الذي كان قد تقدّم به قبل فترة.

وأظهر شريط فيديو لحظة إنزال ابن حليمة من الطائرة وهو مقيد اليدين، على الرغم من محاولات جمعيات ومنظمات حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية، ثني السلطات الإسبانية عن تسليمه.

وتتهم السلطات الجزائرية محمد بن حليمة بالانتماء إلى تنظيم مصنف بالإرهابي (حركة رشاد)، وإفشاء معلومات عسكرية، إذ كان ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي، وينشر معلومات حول الجيش والأجهزة الأمنية وكبار المسؤولين في المؤسسة العسكرية، حصل عليها خلال فترة خدمته في الجيش، وهو ما أقلق السلطات الجزائرية.

واعتبر العضو المؤسس في حركة "رشاد" الجزائرية، الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت ما أقدمت عليه السلطات الإسبانية، جريمة مناقضة للقوانين الإسبانية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان. 

وذكر زيتوت في فيديو نشره على صفحته على "يوتيوب"، أن السلطات الإسبانية رفضت كل مطالب المنظمات الحقوقية الدولية، وتآمرت مع السلطات الجزائرية ضد نشطاء يحاربون الفساد ويسعون لتحقيق دولة العدل والقانون.

 



من جهته، اعتبر الخبير الأمني المنشق عن النظام الجزائري كريم مولاي في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن عملية تسليم محمد بن حليمة علاوة عن كونها مناقضة لكل القوانين الدولية الخاصة بحق اللجوء، تمثل طعنة أخرى للعمل الحقوقي المدني الراغب في الإصلاح في الدول العربية.

وذكر مولاي أن عملية التسليم تتناقض مع الرسائل الأخيرة التي بعثت بها السلطات الجزائرية إلى معارضيها في الخارج، بغية طي ملف الخلاف والعودة للعمل السياسي من الداخل.

وقال: "لقد توصل الكثير من رموز المعارضة، ومنهم أنا شخصيا برسائل مباشرة من أعلى سلطة في البلاد، تعرض علينا العودة إلى الداخل وممارسة النشاط السياسي وفق القوانين المعمول بها، وهي دعوة مازالت لم تصل بعد إلى النضج الكافي الذي يجعلنا نثق بها وبنتائجها، حتى جاءت عملية التسلم الأخيرة التي رأينا جزءا منها عبر شريط فيديو يوثق لحظة وصول محمد بن حليمة إلى الجزائر".

وأضاف: "كنت شخصيا من أولئك المعارضين الجزائريين الذين لا يثقون البتة في أي وعود من العصابة الحاكمة، بالنظر إلى تاريخ علاقتي بهم وإلى تاريخهم الحافل باستئصال المعارضين، حتى جاءت هذه العملية لتؤكد ذات المعنى".

وذكر مولاي أنه تلقى مساء أمس الخميس ساعات قليلة قبل وصول ابن حليمة إلى الجزائر اتصالا من السفارة الجزائرية في لندن، أبلغته فيه بأن جواز سفره أصبح جاهزا، وأنه بإمكانه التقدم للحصول عليه بعد إتمام بقية الإجراءات (الموافقة على مبادرة لم الشمل).

وقال: "أي معنى سيبقى الآن لأي رغبة في العودة، إذا كان مصير المعارضين هو ما جرى لابن حليمة وقبله محمد عبد الله وقبله محمد جمالي وإبراهيم العلامي؟"، على حد تعبيره.

 



وفي السابع من شباط / فبراير الماضي، كان وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي قد زار مدريد، وبحث هناك قضية تسليم مطلوبين جزائريين موجودين في إسبانيا.

ويعدّ الضابط ابن حليمة ثاني عسكري فار تنجح السلطات الجزائرية في تسلمه من إسبانيا، التي سبق أن سلمت في آب/أغسطس الماضي الرقيب الأول السابق في الدرك الوطني محمد عبد الله، بناء على طلب جزائري، بعدما فر إلى إسبانيا قبل سنوات لطلب اللجوء السياسي، ونشط أيضا كمعارض على مواقع التواصل الاجتماعي.

كذلك استعادت الجزائر من تركيا الرقيب قرميط بونويرة، مدير مكتب قائد أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح، فيما تسعى السلطات الجزائرية لتسلم عددا آخر من الناشطين والعسكريين الفارين إلى الخارج، أبرزهم القائد السابق لجهاز الدرك غالي بلقصير، والضابط السابق في المخابرات هشام عبود، والدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوط، والناشط أمير بوخرص.

وإضافة إلى ابن حليمة، تسلّمت الجزائر الثلاثاء الماضي من السلطات اللبنانية الناشط الحبيب لعلالي، تنفيذا للأمر بالقبض الدولي الصادر ضده، وبعد رفض الطعن المقدم للقضاء اللبناني في قرار تسليمه، بعد أكثر من شهرين من توقيفه لدى وصوله إلى مطار بيروت قادما من دمشق، حيث كان يقيم.

وما زالت الجزائر تطالب لبنان بتسليمها وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب المقيم هناك، وقد كان وزير العدل رشيد طيب قد زار بيروت قبل أسبوعين ووقع على اتفاقية للتعاون القضائي.