في الوقت الذي تراقب فيه دولة الاحتلال تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وتترقب نتائجها الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، فإن نتيجة ما زالت بعيدة عن التناول الإعلامي يتخوف منها الإسرائيليون وهي المسألة القانونية والقضائية، وتتعلق بإمكانية أن تجلس روسيا و"إسرائيل" على نفس مقعد الاتهام بارتكاب جرائم الحرب في أوكرانيا وضد الفلسطينيين.
صحيح أن مقاطعة المجتمع الدولي لروسيا آخذة في الاتساع، لكن تل أبيب تخشى أن تسعى حركة المقاطعة BDS أيضا للاستفادة من الواقع الجديد في الترويج لمقاطعة "إسرائيل"، بزعم أنه لا توجد مشكلة في العالم لا يحاول الفلسطينيون استغلالها لصالح دعايتهم ضد الاحتلال، حيث يسعى الفلسطينيون لتصوير الاحتلال الإسرائيلي بأنه مساو لروسيا، من خلال وصفه بأنه: مجرم حرب قاس، غازِِ، قاتل مدنيين، ومنتهك لحقوق الإنسان.
المحامية يفعا سيغال الخبيرة القانونية ذكرت في مقالها بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، ترجمته "عربي21" أن "إسرائيل تحاول منذ سنوات محاربة حركة المقاطعة ونزع الشرعية عنها، التي يغذيها الفلسطينيون في جميع أنحاء العالم الغربي، ويسعون لتحميل إسرائيل ثمنا باهظا في الساحة الدبلوماسية، وآخرها أسبوع الفصل العنصري في 200 جامعة ومدينة حول العالم، وباتت القضية الأوكرانية جزءًا مركزيا من الدعاية المعادية لإسرائيل في هذا السياق".
وأضافت أنه "بعد تراجع الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، لكنه عاد فجأة، خاصة عقب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، مما منح دعما معنويا لجهود نزع الشرعية عن إسرائيل، حتى لو كانت بعيدة عن أعين الجمهور الإسرائيلي، بحيث يبذل أعداء إسرائيل جهدا كبيرا لتسخير الواقع القاتم في أوكرانيا ضد إسرائيل، تمهيدا لمحاكمتها مع روسيا إلى محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكابهما جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، الأولى ضد الفلسطينيين، والثانية ضد الأوكرانيين".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: حرب أوكرانيا ستصعّب علينا إسقاط أبراج غزة
لم يعد سرا أن هناك مخاوف إسرائيلية متصاعدة منذ أسابيع من جهود الدعاية المضادة الهادفة لإيجاد رواية جديدة للصراع تقارن بين روسيا وإسرائيل، تمهيدا لوضعهما معا في قفص الاتهام الدولي، لأن حرب أوكرانيا أرست سابقة جديدة تتعلق بفرض عقوبات قوية ومهمة على الدول التي ترتكب جرائم حرب، وهذا نذير شؤم لإسرائيل.
مع العلم أن حركة المقاطعة BDS سعت منذ اندلاع حرب أوكرانيا للاستفادة منها للترويج لمقاطعة إسرائيل، والدعوة لتفعيل لجان التحقيق التي تم تشكيلها في الأمم المتحدة بعد حرب غزة الأخيرة لفحص جرائم الحرب الإسرائيلية، ولديها العديد من الموارد، والقدرة على مواصلة التحقيق، ونشر النتائج على الملأ، لا سيما أن الفلسطينيين يستندون إلى أسانيد قانونية قوية، قد تتطلب من إسرائيل تقديم الحجج المضادة قبل أن تثبت الدعاية الفلسطينية في أذهان المجتمع الدولي.
عنصر القلق الإسرائيلي يعود إلى ما يتردد في المحافل القانونية الدولية بأن قتل المدنيين في أوكرانيا يشبه قتل المدنيين في غزة، وكلاهما جريمة حرب، لأن الروس والإسرائيليين يوجهون أسلحتهم إلى أهداف مدنية مثل المباني السكنية والمستشفيات ورياض الأطفال، فضلا عن أن الأضرار المحيطة ليست متناسبة مع أهمية الأهداف العسكرية المهاجمة، والنتيجة أن إسرائيل لديها انطباع مقلق حول نجاح الحركة المعادية لها في إنتاج فرضية متداولة بأن أعداد القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين تشير إلى ضراوة الأسلحة الإسرائيلية المستخدمة في عدواناتها على المدنيين الفلسطينيين.
الخلاصة أن التخوف الإسرائيلي يعود إلى عمل الفلسطينيين وأنصارهم من المنظمات الدولية على استخدام المصطلحات القانونية، وتوظيف الحقائق على الأرض من أجل نزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي، وفرض العقوبات عليه، ومقاطعته، بهدف غرس الوعي في الرأي العام العالمي بأن "إسرائيل" تتصرف ليس دفاعا عن النفس، بل عدوانا على المدنيين الفلسطينيين، دون التزام بمعايير الحروب المقرة في القانون الدولي.
سنغافورة تعتزم فتح سفارة لدى الاحتلال.. علاقات عسكرية وثيقة
يديعوت: هذا هو الدرس الإسرائيلي المستفاد من الأزمة العالمية
خبير إسرائيلي: غزو روسيا لأوكرانيا يعلمنا الاعتماد على قوتنا