في الوقت الذي اعتبرت
فيه المعارضة الإسرائيلية أن العمليات الأخيرة شكلت فرصة لها للإطاحة بالحكومة
الحالية، لكنها تقفز عن السبب الحقيقي لاندلاع هذه الهجمات، وهو انتهاكات
الاحتلال، واستفزازاته المتواصلة، سواء من الجيش أو المستوطنين، وهو اعتراف نادرا
ما ينطق به الإسرائيليون.
وجاءت الهجمات الأخيرة
لتشكل مناسبة للإدلاء بمثل هذا الاعتراف، وبلغة الأرقام، من خلال إيراد إحصائيات
تذكر أن العقد الأول بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين كان الأهدأ في تاريخها، حيث
سقط 25 قتيلاً بين عامي 1957 و1967. أما خلال 12 عاما من حكم بنيامين نتنياهو، فقد
وقع أكثر من عشرة آلاف هجوم فلسطيني، وقتل أكثر من 200 إسرائيلي، وجرح أكثر من 1400
آخرين، وفي الوقت نفسه استشهد آلاف الفلسطينيين، بمن فيهم الرضع والأطفال والنساء
وكبار السن.
دانيال حاكلاي، الكاتب
في موقع زمن إسرائيل، ذكر في مقال ترجمته "عربي21" أن "استمرار
السياسة الإسرائيلية القمعية للفلسطينيين أسفرت في آخر جولاتها عن اندلاع أعمال دامية
بين اليهود والعرب في مايو 2021، وحروب مروعة في غزة، وعاش المستوطنون في ملاجئ،
ووقعت عشرات العمليات الفلسطينية، سواء باستخدام السكاكين وعمليات الدعس وإطلاق
النار في جميع أنحاء إسرائيل، مقابل ما عاشه الضحايا الفلسطينيون من رعب".
اقرأ أيضا: شهيد واشتباكات بمخيم جنين.. واعتداءات بباب العامود (شاهد)
وأضاف أن "مزاودة
نتنياهو على الحكومة الحالية، واتهامها بالفشل أمام العمليات الفلسطينية، محاولة
فاشلة، لأن نتنياهو ذاته هو الذي أضعف منظومة القانون في الدولة، وعمل على
إفسادها، من خلال فريقه العنصري المحيط به، وارتكاب أعماله الإجرامية، وفي تدمير
القانون، وتسبب في النهاية في شلل أنظمة الحكم نفسه، ما أوصل الإسرائيليين في
النهاية إلى تلك الأزمة الدستورية والسياسية الحادة في تاريخ الدولة، وكلها في
محاولة المتهم التهرب من محاكمته".
ويدرك الإسرائيليون أن
ما يعيشونه من خوف وقلق على أمنهم بسبب العمليات الفلسطينية "يجب ألا يشكل
فرصة أمام نتنياهو كي يضع موطئ قدمه كي يحل محل الحكومة الحالية، لأنهم لم ينسوا
بعد أنه السبب في الأزمة الاقتصادية الضخمة التي يعيشونها اليوم، وخلق طبقة من
السادة ذوي الأصول، والعبيد الذين يدفعون جزءًا كبيرًا من رواتبهم كإيجار مقابل
الحصول على سقف، واستيلاء مجموعة من الكذابين والجهلة والبلطجية على وسائل الإعلام
الإسرائيلية"، بحسب الكاتب.
وفي الوقت ذاته، تسعى
أوساط إسرائيلية عديدة، بما في ذلك في صفوف اليمين، قطع الطريق أمام نتنياهو
للعودة إلى المسرح السياسي أمام فشل الحكومة الحالية في توفير الأمن لهم، لأن
نتنياهو ذاته مارس تحريضاً على العنف الإسرائيلي الداخلي لا يطاق.
ووصف أي معارض
سياسي له بأنه عدو للدولة، واضطهاد منظمات حقوق الإنسان، وجعل اليسار غير شرعي،
ورفع يافطة معاداة السامية أمام كل خصومه، وتقربه من الديكتاتوريين العنصريين
كأصدقاء.
وتؤكد المحافل
السياسية والإعلامية الإسرائيلية أن العمليات الجارية حاليا ليست وليدة اللحظة، بل
إنها نتيجة طبيعية لسياسة الفصل العنصري الرهيب في الضفة الغربية، والثقافة
الكاذبة التي اتبعتها دولة الاحتلال طيلة السنوات الماضية، والخرق المنهجي
للاتفاقيات السياسية مع الفلسطينيين، ناهيك عن الخلاف الذي أحدثه نتنياهو مع الحزب
الديمقراطي الأمريكي، والجالية اليهودية الليبرالية في الولايات المتحدة.
ويخلص من الأحداث
الأمنية الجارية إلى أن الهدوء النسبي ممكن فقط إذا انتهى الاحتلال، رغم أن هذا أيضا
غير مؤكد، ما دامت إسرائيل تتبع نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، الأمر الذي
يتطلب من الإسرائيليين أن يبدأوا بالحد الأدنى من عملهم، وهو إبعاد نتنياهو عن أي
موقع نفوذ في الأزمة الحالية.
تحريض إسرائيلي على جنين.. وتخوف من دخول غزة المعركة
أمن الاحتلال يستنفر أجهزة المراقبة لملاحقة المقاومين دون جدوى
تفاصيل عن وحدة "تكيلا" الخاصة التي اغتالت شهداء جنين