نشرت صحيفة ذي نيو يوركر، تقريرا مطولا، من إعداد رونان فارو، تناول فيه القصة الحقيقية لما أسماه "أبشع برنامج تجسس تجاري، وشركات التكنولوجيا الكبيرة التي تشن الحرب عليه".
وفي التقرير الذي ترجمته "عربي21" بصورة حصرية، وستنشره على أربع حلقات متتابعة، يتناول فارو أدوات ووسائل قامت بها حكومات دول غربية تابعة للأنظمة الديمقراطية، وأخرى حول العالم بينها عربية، بالتجسس والتتبع واختراق أجهزة المعارضين والسياسيين والنشطاء عبر مختلف الأشكال والطرق باستخدام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي الصنع.
تاليا الترجمة الحصرية الكاملة للتقرير:
الجزء الأول
يقع برلمان كاتالونيا، المنطقة التي تتمتع باستقلال ذاتي في إسبانيا، في طرف البلدة القديمة من برشلونة، في أطلال قلعة محصنة بناها الملك فيليب الخامس لرصد السكان المحليين تحسباً من تململهم.
كانت القلعة قد بنيت بأيدي مئات الكتالونيين ممن كانوا عمالة مسخرة، ولذلك فإن ما بقي قائماً من منشآتها وكذلك حدائقها يراه كثيرون رمزاً لما كان ممارساً على أهل هذه المنطقة من قهر.
واليوم، يؤيد أغلبية أعضاء برلمان كاتالونيا حصول المنطقة على الاستقلال، وهو ما تعتبره الحكومة الإسبانية أمراً غير دستوري.
وفي عام 2017، وبينما كانت كاتالونيا تستعد لإجراء الاستفتاء على الاستقلال، ألقت الشرطة الإسبانية القبض على ما لا يقل عن اثني عشر سياسياً ممن يؤيدون الانفصال.
وفي يوم الاستفتاء، الذي حظي بدعم تسعين بالمائة من الناخبين رغم ضعف نسبة المشاركة، تسببت مداهمات الشرطة لمقرات الاقتراع في جرح المئات من المدنيين.
والآن يلتقي زعماء حركة الاستقلال، والذين يعيش بعضهم في المنافي في مختلف أرجاء أوروبا، سراً ويتواصلون عبر منصات الرسائل المشفرة.
في عصر ذات يوم من أيام الشهر الماضي، التقى جوردي سوليه، عضو البرلمان الأوروبي المؤيد للاستقلال، داخل إحدى حجرات برلمان كاتالونيا المنمقة مع باحث متخصص في الأمن الرقمي اسمه إلياس كامبو.
خلال اللقاء، قام سوليه، البالغ من العمر خمسة وأربعين عاماً والذي كان يرتدي سترة فضفاضة، بتسليم، كامبو هاتفه الخلوي فضي اللون من نوع آي فون 8 بلاس.
فقد كان يتلقى رسائل نصية مريبة وأراد أن يخضع جهازه للتحليل. كامبو رجل أشعث الرأس، أسود الشعر، ناعم الصوت، في الثامنة والثلاثين من عمره، ولد ونشأ في كاتالونيا ويؤيد الاستقلال.
قضى سنوات من عمره في العمل لصالح واتساب وتليغرام في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، ولكنه عاد مؤخراً ليستقر في وطنه.
قال لي كامبو: "أشعر، بطريقة ما، أن ذلك نوع من الواجب." وهو الآن يعمل زميلاً في سيتزن لاب، وهي مجموعة بحثية تتخذ من جامعة تورونتو في كندا مقراً لها، وتركز على ما يرتكب من انتهاكات لحقوق الإنسان في مجال التقنيات العليا.
جمع كامبو سجلات النشاط المدون في هاتف سوليه، بما في ذلك الأعطال المفاجئة التي تعرض لها، ثم أخضع ذلك لبرنامج كومبيوتر متخصص للبحث عن برامج تجسس صممت لكي تعمل خفية.
وبينما كانا ينتظران، فقد بحث كامبو في الهاتف عن أدلة على هجمات قد تكون اتخذت أشكالاً متنوعة: بعضها يصل عبر رسالة واتساب وبعضها عبر رسالة نصية تبدو في الظاهر كما لو أن أحد المعارف هو الذي أرسلها، بعضها يتطلب فتح الرابط بينما يعمل البعض الآخر دون أن يقدم المستخدم على القيام بأي عمل.
تعرف كامبو على ما يبدو أنه إشعار وارد من وكالة الضمان الاجتماعي التابعة للحكومة الإسبانية، والتي استخدمت نفس التصميم كروابط لبرنامج تجسس تمكن سيتزن لاب من العثور عليها في هواتف أخرى.
قال كامبو موضحاً: "تقدم لنا هذه الرسالة دليلاً على أنك تعرضت في لحظة ما للهجوم." ثم ما لبث هاتف سوليه أن ارتج، وظهرت على الشاشة عبارة تقول "نتيجة اختبار هذا الهاتف إيجابية".
وحينها قال كامبو لسوليه: "هناك إصابتان مؤكدتان" من يونيو/ حزيران 2020. "في تلك الأيام تعرض هاتفك للإصابة – لقد سيطروا عليه وظلوا يتحكمون به ربما لعدة ساعات، ينزلون منه المواد، ويسمعون ويسجلون".
اقرأ أيضا: MEE: دعوى قضائية ببريطانيا ضد بيغاسوس والإمارات والسعودية
تم اختراق هاتف سوليه باستخدام برنامج بيغاسوس، وهي تقنية تجسسية من تصميم شركة إسرائيلية تسمى مجموعة إن إس أو.
وهذا البرنامج لديه القدرة على سحب ما في الهاتف من محتوى، وفتح المجال أمام الجهة المخترقة للاطلاع على النصوص والصور أو تشغيل الكاميرا والمايكروفون بحيث يتحول جهاز الهاتف إلى أداة تجسس ورقابة تبث على الهواء مباشرة – وبذلك يتسنى الكشف عن ما يجري داخل الاجتماعات السرية على سبيل المثال.
تستفيد من بيغاسوس أجهزة الأمن التي تتعقب المجرمين أو الأنظمة السلطوية التي تسعى لسحق من يعارضونها.
ولقد تم اختراق هاتف سوليه خلال الأسابيع التي سبقت انضمامه إلى الاتحاد الأوروبي، ليحل محل زميل تم سجنه بسبب نشاطاته المؤيدة للاستقلال.
قال لي سوليه: "لا ريب في أن الناس، ومن يمثلونهم في المجالس المنتخبة بالذات، تعرضوا لتنكيل سياسي وقضائي من خلال استخدام هذه الأدوات القذرة، هذه الأساليب القذرة."
في كاتالونيا وحدها، تم استهداف ما يزيد على الستين جهاز هاتف يملكها سياسيون كاتالونيون ومحامون ونشطاء في إسبانيا وعبر أوروبا – من خلال برنامج بيغاسوس.
وهذه فيما نعلم هي أضخم مجموعة موثقة من مثل تلك الهجمات والاختراقات. يوجد من بين الضحايا ثلاثة أعضاء في البرلمان الأوروبي، بما في ذلك سوليه.
يعتقد السياسيون الكاتالونيون أن الجناة المحتملين في حملة الاختراق هذه هم من المسؤولين الإسبان، ويفيد التحليل الذي أجراه سيتزن لاب بأن الحكومة الإسبانية تستخدم بيغاسوس، بل لقد أكد موظف سابق في مجموعة إن إس أو أن الشركة لديها حساب في إسبانيا.
(لم تستجب الدوائر الحكومية لطلبات وجهت إليها كي تعلق على الأمر.) يتم في هذا المقال الكشف لأول مرة عن نتائج التحقيق الذي أجراه سيتزن لاب.
ولقد تحدثت شخصياً مع أكثر من أربعين من الأفراد الذين تم استهداف هواتفهم بالاختراق، وتكشف المحادثات معهم عن مناخ من الذعر وانعدام الثقة.
يقول سوليه: "مثل هذا النوع من الرقابة في البلدان الديمقراطية – أعني في الدول الديمقراطية – شيء لا يصدق" .
اقرأ أيضا: "لاين ديفندرز": وكلاء لحكومة الأردن وظفوا بيغاسوس ضد نشطاء
لقد نمت برامج التجسس التجارية حتى غدت قطاعاً تقدر قيمته بما يقرب من 12 مليار دولار. وهو قطاع بالمجمل لا يخضع لأي تنظيم وتزداد إثارته للخلاف يوماً بعد يوم.
وخلال السنين الأخيرة، كشفت تحقيقات أجراها سيتزن لاب ومنظمة العفو الدولية عن وجود بيغاسوس في هواتف السياسيين والنشطاء والمعارضين للأنظمة القمعية.
وبحسب تحليل أجرته فورينسيك أركيتكتشر، وهي مجموعة بحثية في جامعة لندن، فإن بيغاسوس له علاقة مباشرة بثلاثمائة من أعمال العنف البدني.
كما أنه تم استخدامه لاستهداف أعضاء في الحزب المعارض في رواندا، وكذلك لاستهداف الصحفيين الذين يعملون على كشف الفساد في إل سلفادور.
وأما في المكسيك فقد ظهر في هواتف العديد من الناس المقربين من الصحفي خافيير فالديز كارديناس، الذي قتل بعد تحقيق أجراه حول عصابات المخدرات.
وقريباً من الوقت الذي أقر فيه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي، المعروف منذ زمن بانتقاده له، يزعم أن بيغاسوس كان يستخدم لرصد الهواتف المملوكة لمعارف خاشقجي، ولعل ذلك مما سهل ارتكاب جريمة قتله في 2018.
(نفى محمد بن سلمان أن يكون له أي علاقة بجريمة القتل، وصرحت مجموعة إن إس أو في بيان لها بما يأتي: "لا علاقة لتقنيتنا، ولا بأي شكل من الأشكال، بهذه الجريمة المنكرة.") إلا أن تقريراً شاركت في إعداده مجموعة من المنصات الإخبارية في ما بات يعرف بمشروع بيغاسوس، أكد وجود علاقات تربط مجموعة إن إس أو بالدول المعادية للديمقراطية.
ولكن ثمة دليل على أن بيغاسوس يتم استخدامه في ما لا يقل عن خمسة وأربعين بلداً، وأنه – إضافة إلى أدوات مشابهة له – يتم شراؤه من قبل أجهزة الأمن في الولايات المتحدة وفي العديد من أقطار القارة الأوروبية.
حدثني كريستين فلين، أحد مدراء مايكروسوفت والذي قاد جهود الشركة في محاربة برامج التجسس، قائلاً: "إن السر الكبير والقذر هو أن الحكومات تشتري هذا الشيء – وليس فقط الحكومات السلطوية، بل كل أشكال الحكومات."
لربما كانت مجموعة "إن إس أو" المؤسسة الأنجح والأكثر إثارة للجدل والأعمق نفوذاً ضمن جيل من الشركات الإسرائيلية الناشئة التي حولت البلد إلى مركز لقطاع إنتاج برامج التجسس.
كنت قد أجريت مقابلة للمرة الأولى مع شاليف هوليو، المدير التنفيذي لمجموعة إن إس أو في عام 2019.
ومنذ ذلك الحين تمكنت من الوصول إلى العاملين في المجموعة وإلى مكاتبها وإلى التكنولوجيا التي تنتجها.
تعيش الشركة حالياً حالة من التناقض والتأزم. يتحدث مبرمجوها بفخر عن استخدام برنامج التجسس الذي ينتجونه في التحقيقات الجنائية – تزعم مجموعة "إن إس أو" أن بيغاسوس يباع فقط لأجهزة الأمن ووكالات المخابرات – ولكنهم أيضاً يتحدثون عما يجدونه من لذة محرمة نابعة عن مساهمتهم في تقويض المنصات التكنولوجية.
تقدر قيمة الشركة الآن بما يزيد على المليار دولار، ولكنها الآن تخوض نزاعات بسبب الدين وبسبب خصومات مع تشكيلة من المؤسسات الداعمة، وبحسب ما يقوله مراقبون لهذا القطاع، بسبب إخفاق جهود ما لبثت تبذلها منذ وقت طويل لبيع منتجاتها للأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة، جزئياً عبر فرعها الأمريكي الذي يحمل اسم ويستبريدج تكنولوجيز.
كما أنها تواجه حالياً العديد من القضايا المرفوعة ضدها في العديد من البلدان، تقدمت بها شركة ميتا (فيسبوك سابقاً) وشركة آبل، وتقدم بها أفراد تعرضت هواتفهم للاختراق من قبل "إن إس أو".
تقول الشركة في بيانها بأنه يتم استهدافها "من قبل عدد من المنظمات الحقوقية التي تتحرك بدوافع سياسية، وكثير منها معروفة بتحيزاتها ضد إسرائيل." وأضافت تقول: "لقد تعاونا مراراً وتكراراً مع التحقيقات الحكومية، حيثما وجدت مزاعم ذات مصداقية، ولقد تعلمنا من كل واحدة من هذه التحقيقات والتقارير وقمنا بتحسين الإجراءات الوقائية المتعلقة بتقنياتنا." وقال لي هوليو: "لم أكن أتصور في حياتي أن هذه الشركة يمكن أن تصبح بهذه الشهرة. لم أتصور أننا يمكن أن نحقق مثل هذا النجاح." سكت لبرهة، ثم قال: "ولم أكن أتصور أنها ستكون مثيرة للجدل بهذا الشكل."
يبلغ هوليو من العمر أربعين عاماً. يمشي بتثاقل، بحتري المظهر، حليق الرأس، يرتدي الجينز وعليه قميص تي شيرت. في الشهر الماضي زرته في شقته التي تقع في برج سكني فاخر في تزاميريت بارك، الحي الأكثر بهرجة في تل أبيب. يعيش مع أطفاله الصغار الثلاثة ومع زوجته أفيتال، الحامل في طفلها الرابع.
توجد بركة ماء في الطابق العلوي من شقة هوليو، وفي الطابق السفلي، في غرفة المعيشة ذات السقف المرتفع، توجد خزانة مقنطرة معبأة بألعاب خلفية وعليها لوحة كرتونية تحمل صورته وإلى جانبها كلمة "هوليو" بأحرف كبيرة منفصلة. تهتم أفيتال برعاية الأطفال، وإنجاز بعض الإصلاحات، وتعتني بتشكيلة من الحيوانات الأليفة. تقتني العائلة كلباً يطلقون عليه اسم مارشميلو رينبو سبرينكل.
قام هوليو ومعه أومري لافي ونيف كارمي بتأسيس مجموعة "إن إس أو" في عام 2010، حيث اختاروا لها اسماً مكوناً من الأحرف الأولى من أسمائهم، واستأجروا لها مقراً في حظيرة مطبخ داخل أحد الكيبوتزات. يعمل في الشركة الآن ما يقرب من ثمانمائة موظف، وغدت تقنيتها أداة رائدة في عمليات الاختراق التي ترعاها الدولة، ووسيلة أساسية في الصراع بين القوى العظمى.
خلص الباحثون في سيتزن لاب إلى أنه في السابع من يوليو/ تموز 2020، استخدم برنامج بيغاسوس لاختراق جهاز مربوط بالشبكة الموجودة في مقر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في 10 داونينغ ستريت.
ولقد أكد لي مسؤول حكومي أن الشبكة تم اختراقها بالفعل دون تحديد برنامج التجسس المستخدم. يتذكر ذلك جون سكوت ريلتون، كبير الباحثين في سيتزن لاب قائلاً: "عندما اكتشفنا قصة مكتب رئيس الوزراء أصبنا بالذهول".
ويضيف باحث كبير آخر هناك اسمه بيل مارزاك قائلاً: "ساورتنا شكوك في أن البيانات يتم سحبها إلى الخارج." وأخبرني المسؤول الحكومي بأن المركز الوطني للأمن السيبراني، وهو فرع تابع للمخابرات البريطانية، أجرى فحوصات على عدد من الهواتف داخل المقر، بما في ذلك هاتف بوريس جونسون نفسه.
وكان من الصعوبة بمكان إجراء كشف شامل ومفصل لجميع الهواتف. يقول عن ذلك المسؤول الحكومي: "كانت مهمة شاقة للغاية." ولم تتمكن الوكالة من التعرف على الجهاز المخترق، ولا أمكن تحديد طبيعة البيانات التي قد يكون تم سحبها.
تساور سيتزن لاب، بناء على الخوادم التي تم نقل البيانات إليها، شكوك بأن الإمارات العربية المتحدة قد تكون من وراء الاختراق. يقول سكوت ريلتون: "كنت أظن أن الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من كبار القوى الفاعلة في المجال السيبراني كانت تتحرك ببطء نحو بيغاسوس لأنه لا يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي." ويضيف: "ولكني أدركت أنني كنت مخطئاً: فحتى بريطانيا كانت تسيء تقدير الخطر الذي يشكله بيغاسوس، وها قد تعرضت وبشكل مثير للحرق".
لم تستجب الإمارات العربية المتحدة للعديد من الطلبات التي قدمت لها للتعليق، وأخبرني موظفو مجموعة "إن إس أو" بأن الشركة لم تكن على دراية بعملية الاختراق تلك، بينما قال أحدهم "نسمع عن كل مكالمة هاتفية يتم اختراقها حول العالم، يصلنا تقرير عن ذلك في الحال."
ما من شك في أن هذا التصريح مناقض لما يصدر من حين لآخر عن الشركة من ادعاء بأنها ليس لديها اطلاع كبير على ما يقوم به الزبائن من نشاطات. وتقول الشركة في بيانها كذلك إن "المعلومات التي أثير أمرها في التحقيق تشير إلى أن هذه المزاعم، تارة أخرى، باطلة ولا يمكن ربطها بمنتجات "إن إس أو" لأسباب تقنية وتقاعدية".
اقرأ أيضا: FT: بيغاسوس يتحول لفضيحة محلية وإسرائيل تكتوي بنيرانه
وبحسب التحليل الذي أجراه ستيزن لاب، فقد تم اختراق الهواتف المربوطة بوزارة الخارجية باستخدام بيغاسوس على الأقل في خمس مناسبات بدءاً من يوليو/ تموز 2020 ومروراً بشهر يونيو/ حزيران 2021.
وأكد المسؤول الحكومي كشف النقاب عن وجود مؤشرات على حدوث الاختراق. وبحسب سيتزن لاب فإنه يتبين من الخوادم المقصودة أن الهجمات بدأتها دول مثل الإمارات العربية المتحدة والهند وقبرص. (لم يستجب المسؤولون في الهند وقبرص لطلبات التعليق على الموضوع).
بعد ما يقرب من عام على الاختراق الذي تعرض له مقر رئيس الوزراء في داونينغ ستريت، كشفت محكمة بريطانية عن أن الإمارات العربية المتحدة استخدمت بيغاسوس للتجسس على الأميرة هيا، الزوجة السابقة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوب حاكم دبي.
كان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حينها يخوض معركة قضائية حول الحضانة ضد هيا التي هربت مع طفليهما إلى بريطانيا.
وتم استهداف محامييْها، وهما بريطانيان، ولقد أخبرني مصدر له علاقة بالقضية أن أحد الوشاة اتصل بمجموعة "إن إس أو" لينذرها بشأن الهجوم السيبراني على هيا، فعمدت الشركة إلى تكليف شيري بلير، زوجة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير وأحد مستشاري "إن إس أو"، بإبلاغ محامييْ هيا.
قال لي هوليو: "لقد قمنا في الحال بإحاطة جميع المعنيين علماً بالأمر." سارعت الإمارات العربية المتحدة مباشرة بعد ذلك إلى إغلاق نظام بيغاسوس الخاص بها، وأعلنت مجموعة "إن إس أو" أنها ستمنع استخدام برنامجها في استهداف أرقام الهواتف البريطانية، كما فعلت منذ وقت طويل بخصوص أرقام الهواتف الأمريكية.
في غير ذلك من الأماكن داخل القارة الأوروبية، لبى بيغاسوس حاجة لدى أجهزة الأمن التي كانت قدراتها من قبل محدودة في مجال الأمن السيبراني.
قال لي هوليو: "جميع الحكومات في أوروبا تقريباً تستخدم أدواتنا." وأضاف ضابط مخابرات إسرائيلي سابق: "تحظى مجموعة (إن إس أو) باحتكار في أوروبا." ولقد أقرت السلطات في ألمانيا وبولندا والمجر بأنها تستخدم بيغاسوس.
وتستخدمه أيضاً أجهزة الأمن في بلجيكا رغم أنها لا تعترف بذلك (صرح متحدث باسم الشرطة الفدرالية في بلجيكا بأنها تحترم "الإطار القانوني الخاص باستخدام وسائل اختراق مجالات الحياة الخاصة.") وقال مسؤول أمني أوروبي كبير تستخدم وكالته بيغاسوس إنهم تمكنوا بفضله من الاطلاع على المنظمات الإجرامية من الداخل، وأضاف: "متى ينوون حفظ الغاز، ومتى ينوون التوجه إلى الموقع، لزرع المتفجرات؟". وقال إن وكالته تستخدم بيغاسوس فقط كملاذ أخير، وبأمر من المحكمة، ولكنه اعترف قائلاً "إنه أشبه ما يكون بالسلاح. ويمكن دوماً أن يقع المرء في استخدام خاطئ له."
يتبع ..
MEE: دعوى قضائية ببريطانيا ضد بيغاسوس والإمارات والسعودية
إسرائيل رفضت بيع "بيغاسوس" لأوكرانيا خشية من روسيا