فيما تستمر الحرب في أوكرانيا لليوم السبعين على التوالي، فإن الأوساط العسكرية الإسرائيلية لا ترى أي بوادر على نهايتها، سواء بقرار عسكري، أو تسوية سياسية، لأن الخطاب الروسي الداخلي يهيئ الرأي العام لحرب طويلة الأمد، إلى الدرجة التي بات الحديث يتزايد فيها عن احتمالية اندلاع الحرب العالمية الثالثة.
ورغم أن الغرب، الذي يظهر انحياز إسرائيل له بصورة نسبية، يشدد العقوبات على روسيا، لكن من الواضح له أن هذا صراع طويل، ولن يُحسم قريبًا.
في الوقت ذاته، ومنذ بداية الحرب، فقد تبنت إسرائيل سياسة حذرة، فهي من جهة تصدر الإدانات الضرورية، وتوضح موقفها، ومن ناحية أخرى فهي حريصة على عدم تجاوز خط بارز جدًا في معارضتها لموسكو، وحربها في كييف، بالتزامن مع محاولتها التوسط بين الدولتين، رغم أنه كان واضحاً للجميع أن هذه مزحة دبلوماسية خالية من الجانب العملي أو الفرص الحقيقية، لكنها أتاحت لإسرائيل "كسب الوقت" في مداولاتها.
مايكل هراري، الدبلوماسي والسفير الإسرائيلي السابق، ذكر في مقاله بموقع "زمن إسرائيل" العبري، ترجمته "عربي21"، أن "السلوك الإسرائيلي خلال الحرب الأوكرانية تركز في عدم الانحراف عن الخط السياسي الذي اتخذته حتى الآن، فهي تتخذ سياسة حذرة، لكنها في واقع الأمر محرجة للغاية، لأن الأمور على الساحة الدولية تشير إلى أن النظام الدولي عاد للقطبية الثنائية، وهذا مؤسف لإسرائيل، لكنه لا مفر منه، كما يبدو الآن، وهي لا تستطيع أن تجلس على الحياد مثل دول كالهند أو المكسيك أو السعودية".
وأضاف أن "إسرائيل عضو واضح في المعسكر الغربي، ويجب عليها البقاء هناك، وهي تخشى أن تفقد تبريرات سياستها الحالية صحتها، يومًا بعد يوم، رغم أنها تمثل رصيدًا سياسيًا مهمًا للغاية، سواء من خلال تقديم الجزرة أو العصا، أو المبادرة لاقتراح العديد من صيغ الوساطة المختلفة، لكن القلق الإسرائيلي أن الصراع الروسي الأوكراني قد يتصاعد الآن، ويصبح بين تكتل ثنائي القطبية، وهذا موقف محرج واجهته إسرائيل من خلال معضلة مماثلة في أوائل الخمسينيات حول الحرب الكورية".
من الواضح أن تدحرج الحرب الأوكرانية الروسية يضيق الخيارات الإسرائيلية، ويدفعها في الزاوية لحسم مواقفها بدل محاولاتها الحالية للكسب مع كل الأطراف، لكنها تعلم أكثر من سواها أن مصالحها ومساحة مناورتها تضيق أكثر فأكثر مع مرور الوقت، لأن توسع الحرب في أوكرانيا، وتفاقم الصراع بين الكتل الدولية، من المرجح أن يخلق صعوبات لفضاء المناورة الإسرائيلية في سوريا.
اقرأ أيضا: تحديات استراتيجية مشتعلة في 3 جبهات تواجه الاحتلال
في الوقت ذاته، تزعم الأوساط الإسرائيلية أن روسيا لا تقلل من أهمية دولة الاحتلال، ولا تسعى لتجاهلها، لكن ذلك قد يستدعي من الأخيرة ألا تقف على رأس المعسكر الغربي، بل أن تكون جزءًا منه، لأن أي موقف سياسي لها سيكون له قيمة وأهمية استراتيجية على كل الجوانب، الأمر الذي قد يتطلب منها استخلاص استنتاجات في محلها، وليست خارجة عن سياقها، لاسيما أن الرأي العام فيها يميل في كثير من الأحيان لمقاربات خاطئة بالانحياز المطلق نحو المنظومة الغربية.
تشكيك إسرائيلي بنجاح الردع بعد الحرب الأخيرة على غزة
تهديدات كبيرة تواجه حكومة بينيت بعد مضي عام على تشكيلها
جنرال إسرائيلي يكشف تزايد التهديدات المحيطة بدولة الاحتلال