قال رئيس حزب
"الأسود الحرة" بشرق السودان، مبروك مبارك سليم، إن دولة أريتريا دخلت
على خط حلّ الأزمة في شرق السودان، مؤكدا أن المبادرة التي أعلنت عنها أسمرة مؤخرا
سوف تحل الأزمة في إقليم الشرق الذي يشهد توترا واحتقانا من وقت لآخر.
وأوضح سليم، في مقابلة
خاصة مع "عربي21"، أن "أريتريا تواصلت بالفعل مع كل الجهات ذات
المصلحة في شرق السودان، ومع جميع الأطراف التي لها علاقة بالحكم، ووجدت ترحيبا
بمبادرتها التي تسير بصمت، ولكن تفاصيلها سوف تجد طريقها للعلن خلال الفترة
القصيرة المقبلة".
يُشار إلى أن أريتريا
كانت قد طرحت، خلال الشهر الماضي، مبادرة تهدف لحل الأزمة السودانية، وذلك بعدما
انخرطت في مشاورات لتقريب وجهات النظر بين مختلف أطراف الأزمة.
في هذا الإطار، تسلّم
رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، 3 رسائل خطية من الرئيس
الأريتري، أسياس أفورقي، خلال شهر فقط، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل
دعمها وتطويرها.
بينما لم تفصح أسمرة
حتى الآن عن تفاصيل مبادرتها التي تشمل أيضا إنهاء الأزمة في شرق السودان.
لكن رئيس حزب
"الأسود الحرة" أشار في الوقت ذاته إلى احتمالية حدوث تصعيد جديد في شرق
السودان، قائلا: "نحن لا نستبعد احتمالات الرجوع إلى مربع العمل الثوري،
والأسباب التي تدفع لذلك كثيرة".
ولفت سليم إلى تردي
وتأزم الأوضاع في شرق السودان، قائلا: "الناس دخلت في مجاعة، وتعاني من
انعدام الأمن، والغلاء الفاحش، وتدهور مريع في كل شيء، والمواطن في الشرق خاصة،
والسودان عامة، أصبح في ضنك كبير"، مُحذرا من "كوارث جمّة" تتهدّد
البلاد.
جدير بالذكر أن حزب
الأسود الحرة، تأسس في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1998، وأعضاؤه من قبيلة الرشايدة،
ذات الأصول الحجازية، قبل أن ينضم لاحقا إلى تحالف سياسي (جبهة شرق السودان) مع
مؤتمر البجا بقيادة موسى محمد أحمد، وحزب الشرق الديمقراطي، بقيادة آمنة ضرار.
ولكن الانقسامات ضربت
صفوف التحالف، الذي شارك في نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989- 2019)
بموجب اتفاقية السلام التي جرى توقيعها في العاصمة الأريترية أسمرة، في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2006، بين الحكومة السودانية وجبهة شرق السودان، التي يمثل حزب
"الأسود الحرة" أحد مكوناتها.
وتاليا نص المقابلة
الخاصة مع "عربي21":
كيف ترون الوضع اليوم
في شرق السودان؟
للأسف أن الناس دخلت في
مجاعة، وتعاني من انعدام الأمن، والغلاء الفاحش، وتدهور مريع في كل شيء، والمواطن
في الشرق خاصة، والسودان عامة، أصبح في ضنك كبير، واليوم دخلنا في نفق مُظلم.
ما رؤيتكم للمبادرة
الأريترية التي تهدف لحل قضايا إقليم شرق السودان؟
لقد بدأت أريتريا
بالدخول في حل قضية شرق السودان، وبالفعل اتصلت بكل الجهات ذات المصلحة وجميع
الأطراف التي لها علاقة بالحكم، ووجدت ترحيبا بمبادرتها التي تسير بصمت، ولكن
تفاصيلها سوف تجد طريقها للعلن خلال الفترة القليلة المقبلة، وسوف تحل الأزمة في
شرق السودان.
ما الهدف من المؤتمر
الدولي الذي دعوتم لإقامته مؤخرا؟
المؤتمر الدولي الذي
دعونا لإقامته يهدف لجلب العون لشرق السودان، وذلك على غرار المؤتمر الدولي
للمانحين والمستثمرين لتنمية شرق السودان الذي انعقد في دولة الكويت خلال شهر
كانون الأول/ ديسمبر 2010، وبهذه المناسبة نشكر الكويت، حكومة وشعبا، على ما قدمته
لشرق السودان.
كيف تنظرون لمبادرة
الجبهة الثورية وإصرارها على تنفيذ اتفاق سلام جوبا حزمة واحدة من دون تجزئة، بما
في ذلك مسار الشرق؟
لقد أوضحنا للجبهة
الثورية سابقا موقفنا من مسار الشرق، ولو سمعت ما قلناه آنذاك لكان الحال غير
الحال الآن، ولكن الأمور السياسية لا تؤخذ إلا بالتراضي، والسياسة هي فن الممكن.
ما صحة ما يُقال حول
تورط الجبهة الثورية في قمع الاحتجاجات الشعبية التي تخرج باستمرار في السودان؟
لم أسمع بذلك ولا علم
لي به.
وفق تقديركم، ما نسب
المؤيدين والرافضين لاتفاق سلام جوبا في شرق السودان؟
لا توجد إحصائية دقيقة
توضح حجم المؤيدين أو الرافضين لهذا الاتفاق.
ما إمكانية إدخال
تعديلات على اتفاق السلام الموقع في جوبا أم إنكم رافضون له بالكلية ولا مجال
لتعديله؟
لو لجأ الناس للحوار
لكان كل شيء يُحل، ولكن المشكلة تتمثل في التعنت.
وماذا عن إمكانية
إجراء استفتاء شعبي حول مسار "اتفاق جوبا"؟ هل تقبلون بذلك؟
الاستفتاء دائما ما
يكون بـ"لا" أو "نعم"، بينما القضايا السياسية لا تُحل بهذه
الطريقة. الحوار هو الحل، وربما مبادرة دولة أريتريا تغنينا عن كل هذا التوقعات
والإشكاليات.
لماذا لم يتم تنفيذ
مقررات مؤتمر "سنكات" (مدينة في شرق السودان) حتى الآن؟
مقررات
"سنكات" هي تمنيات لرافضي مسار جوبا، وهو مؤتمر ناقض لمسار الشرق
"جوبا".
رئيس المجلس الأعلى
لنظارات البجا والعموديات المستقلة، محمد الأمين ترك، كشف، في تسجيل مسرب، عن
تهديدات خطيرة وجهها إليهم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو
"حميدتي" لإجبارهم على القبول باتفاق مسار شرق السودان.. ما تعقيبكم على ما
جاء في هذا التسريب؟
لم أسمع بأي تهديد
للسيد الناظر ترك من قِبل المجلس السيادي.
ما تقييمكم لعمل
اللجنة العليا لمعالجة أزمة شرق السودان التي يترأسها "حميدتي"؟
لسنا أعضاء في هذه
اللجنة، ولا نعرف ماذا قدمت لحل قضية الشرق.
ما موقفكم من قرار
"حميدتي" باعتماد ترسيم حدود شرق السودان؟
أرى أنه لا يوجد مانع
في ذلك؛ فبموجب اتفاق جوبا تم الاتفاق على ترسيم الحدود، والشرق جزء من السودان،
ولجنة الحدود تقدمت بخريطة 1928 التي حددت السودان بشريا وسياسيا وجغرافيا، وكل
القبائل في شرق السودان موجودة فيها، ونأمل أن تساهم تلك الخطوة في معالجة الأزمة.
هل من الوارد حدوث
تصعيد جديد في شرق السودان خاصة في ظل دعوات التصعيد الثوري الشامل في إقليم
البجا؟
نحن لا نستبعد
احتمالات الرجوع إلى مربع العمل الثوري، والأسباب التي تدفع لذلك كثيرة في شرق
السودان.
هناك جماعات قبلية
طالبت بمراجعة الهوية لعدد من سكان شرق السودان.. ما تعقيبكم؟
مراجعة الهوية أصبح
مطلبا لكل السودانيين، وليس فقط في الشرق الذي به ازدواج في الجنسية؛ فالسودان بلد
واصل بين أفريقيا وآسيا، وفيه أنهر وأرض صالحة للزراعة، وكثير من الحجاج إلى الحرم
بعد انتهاء مناسك الحج استقروا في السودان، ومنهم مَن حصلوا على الجنسية
السودانية، وهذا لا يقتصر على الأريتريين فقط، فضلا عن أن كثيرا من السودانيين
يحملون الجنسية الأريترية، وبالتالي فهناك تداخل بين القطرين في القوميات وجغرافية
الجوار، والمشكلة ليست في الجنسية، بل في السلطة ونزاع الاستحواذ.
هل هناك جهات إقليمية
أو دولية تلعب دورا سلبيا في تأجيج الأوضاع بشرق السودان؟
الشرق يحده عدد من
الدول، وهي إثيوبيا وأريتريا واليمن ومصر، ويربض على البحر الأحمر، والبحر واصل
وليس فاصل، وبالتأكيد هناك مصالح تفرض نفسها، وعندما يختلط الحابل بالنابل على أرض
الواقع تنشأ مصالح ليست بالحسبان الآن، وتظهر أوجه عدة حتى من خارج المحيط،
وبالطبع كل أهل المحيط "مَن لديه نية ما يجد ضالته فيها".
ما موقفكم من الحوار
الوطني الذي دعت إليه الآلية الثلاثية لبعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) والاتحاد
الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) لمعالجة الأزمة السياسية؟
لقد تقدمنا بمقترح
مكتوب باسم حزب الأسود الحرة إلى "الآلية الثلاثية"، مشاركةً منا برؤية
لحل الأزمة السياسية، إلا أن فرص نجاح هذا الحوار مرهونة بالتوافق السوداني
والتنازل للوصول إلى حل.
كيف ترى مستقبل شرق
السودان؟
مستقبل شرق السودان
يحدده أبناؤه، لأن الوضع في السودان كله يوحي بكوارث جمّة، والشرق جزء منه.