دفع الغزو الروسي لأوكرانيا بلدانا في الغرب إلى تجنب إمدادات الطاقة
الروسية، ما أدى إلى زيادة ارتفاع النفط والغاز، وسط توقعات بأن يرتفع إنتاج
الولايات المتحدة من النفط بواقع نحو مليون برميل يوميا، في ظل الزيادة الهائلة
التي تشهدها الأسعار.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن هذه الزيادة لا
تشكل سوى 10 في المئة فقط، ولا تكفي للوفاء بارتفاع الطلب، ولا ترقى بأي حال من
الأحوال إلى استجابة الولايات المتحدة خلال المرة الأخيرة التي ارتفعت خلالها
الأسعار بهذا الشكل، في عام 2014، عندما قفز إنتاج النفط الأمريكي بنسبة 20 في
المئة، كما كانت ثورة استخراج النفط الصخري على أشدها.
ورأت أن الاستجابة المتواضعة تعكس القيود التي تكبل الشركات، من
النفقات المرتفعة إلى ندرة الخامات والمعدات الضرورية وكذلك العنصر البشري، فضلا
عن تساؤلات بعيدة المدى يثيرها المستثمرون حول كمية النفط والغاز التي سيحتاجها
العالم قبل أن يبدأ في الابتعاد عن الوقود الأحفوري الملوث للبيئة، في إطار مساعي
مواجهة مخاطر التغير المناخي.
وقال مايك ونت، المهندس بشركة "Lone Star
Productions" للتنقيب عن النفط، إن شركته تخطط لعدة مشروعات جديدة، لكنها لم
تتمكن من العثور على الأنابيب المصنوعة من الصلب والتي تحتاجها لتنفيذ تلك
المشروعات، ما أدى إلى تأخير الإنتاج وزيادة التكاليف.
وأضاف: "سوف نحفر بأسرع ما يمكن، ولكننا لدينا كل هذه المشكلات
المتعلقة بالعرض والطلب، وقد أدى ذلك إلى وضع قيود خانقة على السوق".
رياح التغير المناخي العكسية
من جهته، أكد تراي كوان المحلل المختص في النفط والغاز بمعهد تحليل
اقتصاديات الطاقة Energy Economics and Financial Analysis، أن "التحديات التي
تواجهها الشركات في أمريكا الشمالية غير مسبوقة".
وأشارت "بي بي سي"، إلى أن الشركات الكبرى لا تفتأ تسير وفق
خطط الاستثمار التي وضعتها قبل ارتفاع الأسعار بشكل هائل، حيث آثرت توزيع غالبية
الأرباح المفاجئة التي حققتها على المساهمين بدلا من استثمارها في زيادة الإنتاج.
ورأى محللون أن المقاربة تعتبر تحولا كبيرا، خاصة أنها تعكس الضغوط
التي تتعرض لها الشركات من قبل أسواق المال والأسهم، حيث أدت قضية التغير المناخي
إلى تغيير الطريقة التي يُنظر بها إلى قطاع الطاقة.
وأفاد راؤول لوبلانك نائب رئيس شركة S&P Global للتصنيفات الائتمانية، بأن المستثمرين يمارسون ضغوطا على الشركات من أجل اقتسام
الأرباح الآن بدلا من توجيهها صوب استثمارات طويلة الأجل، نظرا لحالة عدم اليقين
التي تكتنف الطلب العالمي، بسبب اتجاه العالم للابتعاد عن أنواع الوقود الأحفوري.
وتابع: "تسود السوق حالة من القلق بشأن احتمال تلاشي الطلب، ما
سيؤدي إلى تدهور الأصول. إذا لم تكن هناك قيمة بعيدة المدى للأصول، فإن هذا يعني
دفع أرباح باهظة للمساهمين".
وأكد أن "الحرب الأوكرانية سلطت الأضواء على حقيقة أننا لا نزال
نعيش في عالم يهيمن عليه الوقود الأحفوري. لم يتم التخلي عن فكرة التحول [نحو
مصادر طاقة متجددة]، لكن أعيدت الحسابات لتأخذ بعين الاعتبار احتياجاتنا على المدى
القصير والمدى المتوسط".
اقرأ أيضا: النفط يغلق على ارتفاع بدعم من طلب قوي على الوقود
تردد في التزامات التغير المناخي
وأفاد ألفريد سورينسون المدير التنفيذي لشركة الغاز الطبيعي المسال Pieridae
Energy التي اضطرت إلى التخلي عن خططها بشأن إقامة منشأة لاستخراج الغاز
الطبيعي المسال في نوفا سكوشا بسبب عدم توافر المستثمرين: "إنه تحول 180 درجة
في المواقف".
لكن الشركة تأمل الآن في إعادة إحياء خططها بعد أن ألمحت الحكومة إلى
أنها ربما تكون مستعدة لتقديم المزيد من الدعم لها.
وليس واضحا ما إذا كان التغير في اتجاه الريح السياسية بإمكانه التغلب
على مخاوف السوق، لا سيما بالنظر إلى المعارضة الشعبية المستمرة للبنى التحتية
للنفط والغاز مثل المنشآت وخطوط النفط، والتي قد تؤدي إلى أن تبقى المشروعات رهينة
المعارك القضائية لسنوات طوال.
وقال غونفالدن كلاسين المحامي بمنظمة EcoJustice القانونية الخيرية المتخصصة في قضايا البيئة في كندا إن "الساسة والقائمين
على الصناعة يروجون الآن لفكرة أننا يجب أن ننقذ أوروبا بنفطنا وغازنا.
إننا نلجأ إلى حلول تعود للقرن العشرين.. ونحن نعرف بالفعل أن
تلك الحلول لن تنجح".
ويضيف أن منشأة الغاز الطبيعي التي تعتزم شركة Pieridae إقامتها، على سبيل المثال، لن تكون جاهزة لشحن الغاز الطبيعي قبل عام 2027، ومن ثم
لن يكون بإمكانها الإسهام بشكل كبير في مواجهة الأزمة الحالية.
"لكي يتحقق أمن الطاقة في أوروبا وكندا والولايات المتحدة، ينبغي
تطوير مصادر طاقة مستدامة. هذا شيء بالإمكان أن يتحقق، وينبغي أن يتحقق، بل يجب أن
يتحقق".
المركزي الأمريكي يرفع "الفائدة" وبنوك خليجية تتبع الخطوة
النفط يقفز 5 دولارات للبرميل قبل عقوبات جديدة على روسيا
البرتغال.. ملاذ ضريبي للمستثمرين بالعملات المشفّرة