ما زالت أحداث القدس المحتلة والمسجد الأقصى تسيطر على النقاش الإسرائيلي، في ظل تخوف حول مستقبل سيطرة الاحتلال على المدينة، وفي ضوء تنامي الهجمات الفدائية الفلسطينية، ومحاولة الفلسطينيين فرض الأمر الواقع بتحدي إجراءات الاحتلال في المدينة المقدسة.
وتزعم الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن هذه العمليات يقف خلفها هدف سياسي بامتياز يتعلق برغبة الفلسطينيين بالحصول على نصيبهم في المدينة، وعدم التسليم بسيطرة الاحتلال المحكمة عليها، الأمر الذي تمثل مع مرور الوقت في إجبار المستوطنين اليهود على الامتناع عن عبور الطرق الحضرية الرئيسية في شرقي القدس، أو الابتعاد عن مراكز الاحتكاك، مما يعني تعودهم تدريجياً على الاعتراف بأن المدينة مقسمة.
وذكر الجنرال غرشون هاكوهين المفوض السابق في جيش الاحتلال، وعضو حركة "الأمنيين"، في مقاله على موقع القناة 12، ترجمته "عربي21" أنه "مع مرور الوقت، وتحت الذريعة الأمنية باستبعاد الإسرائيليين من مناطق الاحتكاك داخل المدينة، يتم تقليل تعلقهم اليومي بهذه المناطق، وبالتالي يتم استيعاب موافقتهم على التنازلات في مناطق مهمة من القدس تدريجياً في الوعي الإسرائيلي، لأنهم لم يزوروها منذ وقت طويل".
وأضاف الجنرال أن "استبعاد الإسرائيليين من بعض مناطق القدس تحت الذريعة الأمنية، يقابله تنامٍ لتواجد الحركات الإسلامية من فلسطينيي48 بجانب حركة حماس، وهما اللتان تحظيان بالدعم الدولي والقوى الخارجية مثل تركيا، إضافة إلى الجمعيات الإسرائيلية الحقوقية واليسارية، وكلها تسعى لإلغاء السيطرة الإسرائيلية على القدس، مع العلم أنه حتى بعد تقسيم المدينة، في حال تم ذلك، سيظل هناك دافع قوي لدى الفلسطينيين للاستمرار في تنفيذ العمليات الفدائية".
وحسب القناة 12، يشتد تخوف الإسرائيليين من تقسيم القدس إلى درجة حظرهم الفلسطينيين من دخولها، تحت دواع أمنية تارة، وديموغرافية تارة أخرى، وهو ما يشمل أحيانا فلسطينيي48 من مدن اللد وعكا وسواهما، بزعم أن ذلك يحمل احتمالا بتهديد السيطرة الإسرائيلية على المدينة، وهو الأمر الذي يمكن تفسيره من وجهة نظر أمنية بأنه "كابوس" إسرائيلي، لأن في هذا الواقع لن يكون ممكنا التخلي عن السيطرة على الأسوار والمعابر الحدودية في قلب المدينة.
اقرأ أيضا: هآرتس: مسيرة الأعلام قبيحة.. والمستقبل كئيب
وإلى جانب الأبعاد السياسية والديموغرافية، فإن النظرة العسكرية البحتة تسيطر على النظرة الإسرائيلية باتجاه مستقبل مدينة القدس، لا سيما المتعلقة بأنظمة السياج والحواجز والأنفاق والثغرات في السياج والسلالم، الأمر الذي قد يقرب من مشهد جدار برلين، فضلا عن ضرورة التعامل مع إمكانية حيازة الفلسطينيين المقدسيين للأسلحة أو القذائف أو القناصة، وهو احتمال ينبغي أن تأخذه إسرائيل على محمل الجد، وفق المزاعم الإسرائيلية، في ضوء أن الجدار الفاصل المحيط بالمدينة لا يوفر حماية لها، وفقا لكاتب المقال.
وهذه المزاعم الإسرائيلية تدفع المحافل الأمنية للمطالبة بتطويق الأحياء العربية في القدس بالسياج على طول خطوط التماس الحضرية، مما يتطلب توفير موارد مالية وبشرية ليست موجودة لدى القوات المنتشرة اليوم، وإلا فستكون احتمالات عمليات إطلاق النار والهجمات الفدائية أعلى بكثير، وستكون مسألة إحباطها أكثر صعوبة عدة مرات، بينما سيزداد وصول الفلسطينيين إلى الأسلحة والوسائل القتالية.
وأشارت القناة العبرية إلى أن الدعوات الأمنية الإسرائيلية للمستوطنين في بعض الأحيان بتجنب الاحتكاك مع المقدسيين في أوضاع التوتر الأمني، يفسرها بعض الإسرائيليين بأنها تعبير عن الضعف، وتقوي آمال النضال الفلسطيني بالصراع على السيادة في القدس، ليس فقط داخل أحيائها العربية، بل وخارجها أيضاً، مما سيشكل في الفترة القادمة مستقبل الجهود الفلسطينية المختلفة: السياسية والميدانية، لأن القدس تنتشر على مساحة شاسعة، وهي مفتاح للسيطرة على فلسطين المحتلة مستقبلا.
وخلص مقال الجنرال الإسرائيلي إلى أن تقسيم القدس لن يجعلها فقط مدينة جانبية هامشية، وإحدى ضواحي غوش دان فحسب، بل سيقلل مما تحوزه إسرائيل من شروط جغرافية مريحة لها للسيطرة على غور الأردن.
وختم الكاتب مقاله، بالقول إنه "بدون السيطرة الإسرائيلية الكاملة على القدس، فإن الشريط الساحلي الضيق الذي تسيطر عليه سلاسل الجبال شرقا لن تكون له جدوى حقيقية، لهذه الأسباب فإن تقسيم المدينة مع الفلسطينيين سيضر بشدة بقدرة إسرائيل على استخدامها كعمق استراتيجي".
هآرتس: مسيرة الأعلام قبيحة.. والمستقبل كئيب
جيش الاحتلال يحذر من تبعات التراجع عن مسار "مسيرة الأعلام"
"هآرتس": إعدام شيرين أبو عاقلة يعبر عن وحشية الاحتلال