أقر مجلس النواب
المصري الثلاثاء، إصدار رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، تعرفة (رسوم) جمركية جديدة
هي الخامسة منذ العام 2016، والتي تقضي بزيادة الضريبة الجمركية للعديد من السلع
المستوردة، وتطال سلعا استراتيجية بينها ألبان الأطفال، ومتعلقات المنشآت
الفندقية، وقطاع السكك الحديدية.
ولأن مصر تستورد نحو
70 بالمئة من احتياجاتها من السلع وبينها الاستراتيجية، فإن أي رسوم أوضرائب يجري
فرضها على السلع المستوردة ستلقي بظلالها السيئة على المصريين الذين يعانون مع
التضخم الذي بلغ 14.9 بالمئة في نيسان/ أبريل الماضي، إلى جانب البطالة والفقر
الذي ربما يصل نحو 60 بالمئة وفقا لتقرير البنك الدولي عام 2019.
"ملامح
القانون"
ونص القرار على تحصيل
ضريبة جمركية على البضائع التي تصدر بصفة مؤقتة لإصلاحها عند استيرادها، بواقع 10
بالمئة من جميع تكاليف الإصلاح، مضافا إليها مصاريف النقل والتأمين.
وتحصيل ضريبة على
البضائع التي تصدر بصفة مؤقتة لتكملة صنعها عند إعادة استيرادها، بالفئة المقررة
على المنتج بالكامل من جميع تكاليف تكملة الصنع، مضافا إليها مصاريف النقل
والتأمين.
وتحصيل ضريبة 2 بالمئة
على ما تستورده "الشركة العربية لأنابيب البترول" لتنفيذ وتشغيل
مشروعاتها، من معدات وآلات ومهمات وأدوات وأجهزة فنية وقطع غيار ووسائل نقل.
وأيضا تحصيل 2 بالمئة
على ما يستورد من معدات تجهيز محطات تموين المركبات بالكهرباء أو بالغاز الطبيعي،
ومكونات تحويل المركبات للعمل بالكهرباء أو بالغاز الطبيعي، ومعدات الرصد البيئي،
وقطع الغيار الخاصة بها، ومعدات ومكونات الطاقة الجديدة والمتجددة.
ونص القرار على تحصيل
2 بالمئة على ما تستورده المصانع المرخص لها بإنتاج الباصات الكهربائية، من
بطاريات ومواتير كهربائية ووحدات تحكم وأنظمة مساعدة، ووحدات توجيه وتبريد
البطاريات وأجهزة التكييف.
"القطارات
والسياحة والألبان"
القانون الجديد شمل
فرض ضريبة بقيمة 5 بالمئة على ما تستورده الشركات التابعة للهيئة العربية للتصنيع،
من مستلزمات ومكونات وقطع الغيار اللازمة لإصلاح المحركات التوربينية لقاطرات
السكك الحديدية التي تمتلك خطوطا بطول 9570 كم وتخدم 23 محافظة وتنقل نحو 420
مليون راكب سنويا.
وحددت المادة الرابعة
من قانون التعريفة الجمركية، فرض ضريبة جمركية بنسبة 20 بالمئة على الآلات
والمعدات والأجهزة الفندقية التي تستوردها المنشأة الفندقية، وذلك رغم ما عانته
السياحة المصرية من تراجع منذ حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في الـ31 من تشرين
الأول/ أكتوبر 2015.
كما يأتي فرض تعرفة
جمركية على واردات قطاع السياحة في وقت بدأ فيه تعافي السياحة المصرية إثر ما
ضربها من ركود بفعل جائحة كورونا مع بداية العام 2020.
وفي 10 أيار/ مايو
الماضي، تحدث الرئيس التنفيذي للهيئة
العامة لتنشيط السياحة المصرية عمرو القاضي عن وجود مؤشرات إيجابية لعودة السياحة
المصرية إلى طبيعتها مع تعافي العالم تدريجياً من آثار جائحة كورونا.
وقضت المادة الخامسة
من القانون بتحصيل ضريبة جمركية بقيمة 2 بالمئة من القيمة أو ضريبة الوارد
المقررة، أيهما أقل، على ما تستورده المصانع المرخص لها بإنتاج محضرات من ألبان
للرضع شبيهة بلبن الأم ومستحضرات من ألبان للأطفال، نصف دسم أو حمضية أو علاجية من
خامات ومستلزمات.
كما أقر القانون تخفيض
ضريبة الوارد المقررة بجدول التعريفة الجمركية بنسبة 35 بالمئة على السيارات التي
تعمل بالغاز الطبيعي.
"أجواء القانون"
ويأتي إقرار القانون
إثر رفع مصر الدولار الجمركي من 17 جنيها إلى 18.64 جنيها مطلع حزيران/ يونيو
الجاري بنسبة 9.6 بالمئة، وفي وقت تعاني البلاد نقص في السلع الأساسية منذ الحرب
الروسية الأوكرانية 24 شباط/ فبراير الماضي، مع نقص في العملات الصعبة وتراجع
للاحتياطي من النقد الأجنبي بالبنك المركزي مع تفاقم خدمة الدين.
كما يأتي القرار، في
وقت فقد فيه الجنيه المصري نحو 20 بالمئة من قيمته منذ قرار البنك المركزي بتخفيض
قيمة الجنيه بنسبة 14 بالمئة في 21 آذار مارس الماضي، وهو ما دفع بالعملة المحلية
للانزلاق من حد 15.65 جنيها أمام الدولار إلى نحو 18.69 جنيها، كسعر رسمي بالبنوك،
الثلاثاء.
وأعلن البنك المركزي
المصري الاثنين، انخفاض احتياطي النقد الأجنبي إلى 35.5 مليار دولار بنهاية أيار/
مايو الماضي مقارنة بـ 37.123 مليار دولار في نيسان/ أبريل الماضي، على خلفية سداد
المدفوعات المرتبطة بالديون الخارجية المستحقة الشهر الماضي، والتي قدرت بنحو 1.63
مليار دولار.
"مراعاة الجيش"
وفي قراءته لبعض نقاط
قانون التعريفة الجمركية الجديدة، تحدث الخبير الاقتصادي والإستراتيجي الدكتور
علاء السيد، عما اعتبره "مراعاة واضعي القانون للوحدات الاقتصادية التابعة
للجيش دون النظر لآثارها على الشعب".
وفي حديثه أشار إلى
"نسبة الجمارك المقررة على واردات الهيئة العربية للتصنيع 5 بالمئة، والجمارك
المفروضة 2 بالمئة على واردات مصانع لبن البودرة للأطفال الرضع، وهي جميعها تابعة
للجيش".
وفي المقابل أشار إلى
أن "النسبة المفروضة للجمارك على واردات قطاع السياحة والفنادق وصلت نسبة 20
بالمئة"، موضحا أن "معظمها قطاع استثماري وخاص، والقرار سيؤثر بالسلب
على أسعار الخدمات السياحية".
وأكد أن تلك النسبة
"تقلل من فرص المنافسة لقطاع السياحة المصري الذي ينبغي دعمه لا تعويقه
وهدمه؛ فهو من أهم مصادر العملة الصعبة والدخل القومي لمصر".
وقال الخبير المصري إن
"هذا يبرهن على استراتيجية الكيل بمكيالين التي يتبعها النظام؛ فهو يميل كل
الميل لخدمة ضباط الجيش ومصالح قيادات الجيش الاقتصادية والمالية على حساب الشعب
المصري ومصالحه العليا".
"طاردة للاستثمار"
وفي تقديره لنتائج
قانون الجمارك الجديد على المصرين، أوضح السيد، أن "أي ضرائب أو جمارك أو
رسوم جديدة لن تصب إلا في عكس مصالح المواطنين"، مبينا أنها "تزيد
التضخم وارتفاع الأسعار، وتضيق على المستثمرين".
وتابع: "وبالتالي
فهي سياسات طاردة للاستثمار، مدمرة للاقتصاد، غير معنية بعلاج أزمة البطالة، وما
يتبعها من أمراض اقتصادية واجتماعية ومشكلات أمنية وانتشار للجريمة بالمجتمع
المصري".
وأكد أن "هذه
حكومة فاسدة تسبح في الفساد ولا تستطيع العيش خارج بحر القروض، ولن تترك مصر إلا
وقد أفقرت شعبها وأمرضته وجهلته وباعت أصوله وأثقلت كاهل الأجيال المقبلة بجبال من
أقساط الديون وخدمة الدين".
وختم بالقول:
"ينبغي على الشعب المصري أن يتسلح بمزيد من الوعي والإدراك والغيرة على
بلاده، ومواردها وأصولها وحاضرها الذي يتم إفساده، ومستقبلها الذي يتم
إظلامه".
"ارتفاع التكاليف"
الخبير الاقتصادي
والأكاديمي المصري الأمريكي محمود وهبه، أكد أن إقرار البرلمان المصري قانون
التعريفة الجمركية في ظل الظروف التي تشهدها البلاد والأزمات التي تمر بها يعني
زيادة في الضغط على المصريين برفع أسعار السلع.
وقال
لـ"عربي21"، إن "إقرار قانون التعريفة الجمركية أقرب إلى وضع سعر
رسمي للدولار في مصر، ومعناه مزيد من الارتفاع في أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه
المصري".
ولفت إلى أنه "من
النتائج المترتبة على قانون التعريفة الجمركية ارتفاع التكاليف على كل السلع
المستوردة، وبالتالي زيادة الأسعار مجددا والضغط على المصريين أكثر".
"الرفع الخامس"
ويعد هذا هو القانون
الخامس في عهد السيسي بحق التعريفة الجمركية، ففي 26 كانون الثاني/ يناير 2016،
أصدر قرارا برفع التعريفة الجمركية على نحو 600 مجموعة سلعية بينها سلع غذائية
والأجهزة الكهربائية والملابس بنسب تصل 40 بالمئة.
وفي 9 أيلول/ سبتمبر
2018، قرر السيسي زيادة التعريفة الجمركية على المئات من السلع الغذائية، وألبان
الأطفال، والأجهزة الكهربائية، والآلات والمعدات، بنسب تصل 40 بالمئة، ما رفع
أسعارها بالسوق المحلي.
وفي 17 أيلول/ سبتمبر
2020، عدل السيسي بعض مواد وفئات التعريفة الجمركية، على ما يستورد من معدات تجهيز
محطات تموين المركبات بالكهربـاء أو بالغاز الطبيعي، ومكونات تحويل المركبات للعمل
بالكهرباء والغاز الطبيعي، ومعدات الرصد البيئي وقطع الغيار الخاصة بها، ومعدات
ومكونات الطاقـة الجديدة.
وفي 22 تشرين الثاني/
نوفمبر 2021، قرر السيسي رفع التعريفة الجمركية على الهواتف المحمولة المستوردة 10
بالمئة، ما رفع أسعار الهواتف بنسبة 10 إلى 14 بالمئة، مع رفع التعريفة الجمركية
للألواح الشمسية 10 بالمئة، وواردات منتجات الرخام المصنعة بالكامل 20 بالمئة.