نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعدته كارول روزنبيرغ كشفت فيه عن الصور السرية التي التقطتها البنتاغون لأول دفعة من سجناء معتقل غوانتانامو.
وقالت الصحيفة: "على مدى عشرين عامًا، سيطر البنتاغون بشدة على ما يمكن للجمهور أن يراه من السجناء في مركز الاعتقال العسكري في خليج غوانتانامو"، في جزيرة كوبا. ولم يرغب الجيش الأمريكي في عرض "صور لمعتقلين يكافحون على أيدي حراسهم، ولا توجد صور لمضربين عن الطعام يتم إطعامهم قسريًا، ولا توجد صور لجنود أمريكيين يرافقون معتقلين مكبلين، وأحيانًا لا توجد صور على الإطلاق.. لحراس أو سجناء عسكريين".
ويُعتبر هذا التقرير من المرات القليلة التي تظهر فيها صور لمعتقلي غوانتانامو، حيث نشرت "ويكيليكس" في 2011 صورا سرية لبعض المعتقلين من ملف أمني مسرب، فيما قدم بعض المحامين صورا عن موكليهم التقطتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وباستخدام قانون حرية المعلومات، استطاعت "نيويورك تايمز" الحصول من الأرشيف الوطني على صور واضحة وبدون رقابة للسجناء الذين أحضروا في البداية من أفغانستان إلى السجن الحربي في كوبا.
وكشفت الصور السجناء ببدلاتهم البرتقالية عندما أحضروا إلى معتقل غوانتانامو حيث تم نقلهم على متن المقاتلات الحربية الأمريكية وهم مقيدون وقد حرموا من التواصل الحسي. وفي صورة قال المصور إن واحدا من طاقم الطائرة وضع علما أمريكيا في يد معتقل معصوب العينيين ما بين الإقلاع من تركيا إلى حين الوصول إلى غوانتانامو والتقط صورة تذكارية.
وتظهر الصور الأولى طريقة نقل المعتقلين الذين تم نقلهم من أفغانستان عبر قاعدة أنجرليك بتركيا. وكان في استقبال السجناء العقيد تيري كاريكو، أول ناظر للسجن فيما كانت الشرطة العسكرية تنتظر في كامب إكس ري. وفي صورة لحافلة صفراء تمت إزالة المقاعد ولي القضبان الحديدية حتى يتم تقييد السجناء ونقلهم. وتظهر الصور كيف تم تخصيص جنديين لكل سجين من العشرين المقيدين المعصوبة أعينهم ولا يستطيعون سماع أي شيء سوى الصرخات.
وهناك صورة لجنديين وهما يحاولان دفع معتقل إلى الحافلة، حيث كان مقيدا لنقله إلى كامب إكس ري. وحصل الشخص الذي التقط الصورة على جائزة مصور العام من قبل وزارة الدفاع وتقاعد عن العمل في 2013. وكشفت الصحيفة عن صورة لـ ملا فضل محمد مظلوم الذي قضى 13 عاما في غوانتانامو في أول يوم وصل فيه. وقالت إنه لو قام مصور بالتقاط مجموعة الصور هذه، لما نجا أي منها من الرقابة التي فرضت على غوانتانامو.
وتكشف الصور النظرات في عيون جنود المارينز الشباب وهم يتأملون في وجوه "المقاتلين الأعداء" الذين كانوا سيواجهونهم في الحرب. وتكشف عن الإجراءات الروتينية اليومية بما فيها الضبط الذي سيحظره المسؤولون العسكريون لاحقا في صور الأخبار. وتكشف عن هزال وفقر التغذية للمعتقلين وطريقة تقييدهم في معاصمهم وكواحلهم داخل خيمة هي مستشفى عسكري.
ولعل الصور الأكثر درامية هي تلك التي تظهر حالة الارتجال لدى الجيش الأمريكي عندما جلبوا أول المعتقلين إلى معتقل غوانتانامو. وبحسب المصور جيرمي لوك الذي كان على الطائرة، فقد حاول رجل تحريك العصابة المؤقتة فقاموا بتثبيتها بلاصق. والتقط لوك صورة جندي وضع علما أمريكيا في يد معتقل لكي يسجل اللحظة وليظهر لمرؤوسه ما حصل.
والرجل الذي استخدم اللاصق معه هو نفسه الذي احتار جنود المارينز بكيفية إدخاله حافلة المدرسة المعدلة. وتذكر الجنود في وقت أداء الخدمة وصول سجين واحد برجل اصطناعية، وتظهر وثائق السجن أنه ملا فاضل مظلوم. وأفرج عنه بعد 13 عاما وسلم إلى قطر مقابل الإفراج عن الجندي باوي بيرغدال. وبعد سقوط كابول بيد طالبان العام الماضي فإنه أصبح نائبا لوزير الدفاع.
وهناك صور التقطها شين تي ماكوي، المتقاعد الآن وتظهر أول 20 معتقلا في مركز تجميع في غوانتانامو، كل واحد مقيد بمعصمه وكاحله للسرير. والتقط ماكوي صورا لوجبات الطعام التي قدمت للمعتقلين وتشتمل على أرز وفاصوليا وجزر وفاكهة وخبز في كامب إكس ري يوم التقطت الصورة. وقال الجيش إنه وفر طعاما مناسبا للسجناء، حيث وفر الطعام الحلال لاحقا. وفي الصورة التي التقطها ماكوي تظهر ما يجب على السجين فعله عند حضور الطعام، وهو الجثو على ركبتيه ومواجهة الجدار حتى يتمكن الحارس من وضع الوجبة في الداخل. وتظهر صورة للمعتقلين وهم يصلون على سجادة من نوع آي أس أو، بسمك سجادة التدريب على اليوغا وهي نفسها التي تستخدم للنوم. والصورة ملتقطة في اليوم الـ43 من وصولهم للمعتقل حيث كانوا يؤدون في أقفاصهم صلاة عيد الأضحى. وتم توفير المصاحف لهم بعد شهر.
وقدمت الصور التي التقطها شون إي إكلاند صورة مقربة عن المعتقلين، فقد التقطت صورة قريبة لمعتقل أثناء سجوده، وتظهر ياسر عصام حامدي، الذي اكتشف أنه سعودي مولود في أمريكا أثناء اعتقاله، قبل نقله من القاعدة إلى نيفي بريغ في نورفولك بفرجينيا.
وكان المعتقل عمره 21 عاما في يوم التقاط الصورة، وكان معظم المعتقلين الأوائل في العشرينيات من عمرهم. وقال المصور لوك إنه فهم الترتيبات الأمنية؛ القيد في اليد والقدم لمنعهم من التحرك، والعصابة وتغطية الأذنين لمنعهم من الحديث والتآمر، والكمامة الطبية لمنع انتشار السل.
وعاد المصور إلى غوانتانامو حيث عمل ضابطا في مكتب المفوضية ولا يزال عاملا على متن حاملة الطائرات دوايت آيزنهاور.
وفي واحدة تم وضع لاصق على وجه معتقل عندما حاول تحريك رأسه لكي يرى من خلال العصابة. وبدا في صور أن الجيش الأمريكي قدم سترا زرقاء وطاقية برتقالية لأن طائرة الشحن القديمة كانت باردة جدا عندما تحلق على مرتفعات عالية.
وفي صورة بدا فيها ديفيد هيكس، وهو أسترالي قبض عليه لقتاله مع طالبان حيث تم اقتياده من طائرة الشحن في أول يوم له بمعتقل غوانتانامو. وتظهر الصور كيف وضع السجانون على رؤوس المعتقلين مناظير تشبه التي تستخدم في ميادين الرماية وتقطع السجين عن العالم الخارجي بحيث لا يسمع ولا يعرف ما يجري حوله، هذا بالإضافة لشريط لاصق يغطي عدسات المنظار. وفي الصور يظهر أن كل معتقل وصل إلى غوانتانامو وهو يرتدي قناعا طبيا فيروزي اللون نظرا لاشتباه العمال الطبيين بحمل بعض المعتقلين معهم مرض السل. وفي صورة هيكس، تعرف الحراس القدماء عليه من وشمه المرسوم على يده، واعترف هيكس بارتكابه جرائم حرب وأعيد إلى أستراليا عام 2007.
اقرأ أيضا: واشنطن تستعد لنقل معتقل سعودي في غوانتنامو إلى مصح عقلي
والتقط الصور عدد من مصوري الجيش منهم مايكل دبليو بندرغراس وجيرمي لوك من سلاح الجو. وفي صورة لبنغدرغراس يظهر الجنود وهم يحملون معتقلا مقيدا في رجليه ويديه ومعلقا عليها "بالقيود، كان من السهل نقلهم من خلال حملهم".
وهناك صور تظهر قوات رد سريع مجهزة بدروع مكافحة الشغب عند وصول كل معتقل. وترى الصحيفة أن ممارسة السيطرة على السرد المرئي المتعلق بالمعتقل بدأت في اليوم الأول الذي وصل فيه المعتقلون إلى القاعدة الأمريكية في كانون الثاني/ يناير 2002، ومعظم الصور مؤرخة بهذا التاريخ. ومنع الجيش مصورين من سي أن أن وذا ميامي هيرالد من التقاط صور للحدث وهو يتكشف. وقيل لهما إن عليهما ترك كاميراتهما في الخارج إن أرادا مراقبة وصول أول المعتقلين.