نشأت الهيئات العامة المصرية عام 1963، ونشأت الهيئات الاقتصادية بقوانين أو بقرارات جمهورية لبيان الغرض من إنشائها، وتسري على العاملين بها القوانين المتعلقة بالوظائف العامة. وفي عام 1979 تم فصل الهيئات الاقتصادية عن الموازنة العامة للدولة، وأصبحت لها موازنات مستقلة، واقتصرت العلاقة بينها وبين الموازنة العامة منذ ذلك الحين وحتى الآن، على الفائض الذي يؤول للدولة من تلك الهيئات، وعلى ما يتقرر لها من مساهمات وقروض خاصة للهيئات الخاسرة.
ولقد زاد عدد تلك الهيئات حتى أصبح عددها في العام المالي الحالي 59 هيئة غالبيتها تحقق أرباحا، وأكثر من عشر هيئات تحقق خسائر مزمنة؛ أبرزها هيئة السكة الحديد، والهيئة الوطنية للإعلام التي حلت محل هيئة الإذاعة والتلفزيون؛ المالكة لمبنى ماسبيرو وما فيه من قنوت فضائية وإذاعات.
وتتعدد مجالات عمل تلك الهيئات ما بين: الزارعة، والصناعة، والبترول والكهرباء والطاقة، والنقل والمواصلات، والاتصالات، والتجارة والاقتصاد، والإسكان، والصحة، والثقافة، والإعلام، والسياحة، والتأمينات.
زاد عدد تلك الهيئات حتى أصبح عددها في العام المالي الحالي 59 هيئة غالبيتها تحقق أرباحا، وأكثر من عشر هيئات تحقق خسائر مزمنة؛ أبرزها هيئة السكة الحديد، والهيئة الوطنية للإعلام التي حلت محل هيئة الإذاعة والتلفزيون؛ المالكة لمبنى ماسبيرو وما فيه من قنوت فضائية وإذاعات
وفي العام المالي 2019-2020 بلغت
أصول الهيئات الاقتصادية تريليونين و175 مليار جنيه، ورؤس أموالها 117 مليار جنيه، وحقوق ملكيتها 102 مليار جنيه، نظرا لتآكل حقوق المساهمين في بعض الهيئات نتيجة لخسائرها المزمنة. وبلغت أرصدة القروض طويلة الأجل 548 مليار جنيه، وأرصدة السحب على المكشوف من البنوك تريليونا و432 مليار جنيه، بخلاف حوالي ملياري جنيه كقروض قصيرة الأجل، وهو ما يبين كبر حجم ديونها بالمقارنة لحقوق ملكيتها واختلال هيكل التمويل ببعضها.
استمرار خسائر 13 هيئة اقتصادية
وآخر بيانات مالية متاحة عن أداء تلك الهيئات تم نشرها أواخر الشهر الماضي وأوائل الشهر الحالي، وتخص أداء العام المالي 2020-2021، والتي كشفت تحقيق 36 هيئة أرباحا مقابل تحقيق 13 هيئة خسائر، وتحقق التوازن المالي في أربعة هيئات أخرى، من بين إجمالي 53 هيئة اقتصادية في تلك السنة. وأسفر أداء الهيئات عن تحقيق فائض بقيمة 28 مليار جنيه، بعد استنزال قيمة الخسائر البالغة 21 مليار جنيه.
وكانت أعلى قيمة للأرباح في هيئة قناة السويس بقيمة 47 مليار جنيه، تليها هيئة التأمين الصحي الشامل 15.2 مليار جنيه، والهيئة العامة للتأمين الصحي 5.5 مليار جنيه، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة 5.2 مليار جنيه، وجهاز تنظيم الاتصالات 4.7 مليار جنيه، وفي المركز السادس هيئة البترول 3.4 مليار جنيه، بعد أن كانت هيئتا قناة السويس والبترول تتناوبان على تصدر أعلى الأرباح خلال السنوات الماضية. ومن الهيئات الرابحة عادة هيئات الموانئ وهيئة البريد وهيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وعلى الجانب الآخر تصدرت الهيئات الخاسرة هيئة السكة الحديد بقيمة 10.6 مليار جنيه، مستمرة في الخسارة منذ سنوات طويلة، رغم الدعم السنوي الذي تقدمه الدولة لها، ونفس الأمر لدى الهيئة الوطنية للإعلام التي بلغت خسائرها 8.5 مليار جنيه، رغم الدعم الذي تحصل عليه من الدولة وتكفل وزارة المالية بدفع أجور العاملين فيها منذ عدة سنوات.
ومن الهيئات مزمنة الخسائر أيضا هيئة النقل العام في القاهرة رغم تكرار رفع قيمة تذاكر الركوب فيها، وهيئة نقل الركاب بالإسكندرية، وهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وهيئة تنفيذ المشروعات المائية لتوليد الكهرباء، وهيئة المعارض والمؤتمرات، فبعد قيام الجيش بإنشاء مركزا للمعارض والمؤتمرات تحولت إليها غالبية الفعاليات الحكومية وكذلك الخاصة؛ في محاولة للتقرب للجهة المالكة.
حصص للخليج بالهيئات مقابل الديون
وفي ضوء نقص العملات الأجنبية في مصر منذ النصف الثاني من العام الماضي وقبل نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، واللجوء لدول الخليج العربي خلال الربع الأخير من العام الماضي للمزيد من الاقتراض، وهو الاقتراض الذي تكرر بعد رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة، ونشوب الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليهما من خروج غالب
الأموال الساخنة التي كانت أرصدتها تتخطى 33 مليار دولار، ومع زيادة أعباء الاستيراد الحكومي في ضوء ارتفاع التضخم العالمي وزيادة أسعار الطاقة والحبوب وزيوت الطعام، وفي ضوء صعوبة الوفاء بأقساط وفوائد الدين الخارجي رغم تأجيل سداد مستحقات دول الخليج منها، فقد اتجهت السلطات المصرية إلى تحويل
الودائع الخليجية إلى
استثمارات، من خلال بيع حصص في الشركات المصرية لمستثمرين خليجيين، وتجهيز العديد من الشركات لنفس الغرض، ومن ذلك تحويل عدد من الهيئات الاقتصادية الموجودة منذ عقود إلى شركات
لبيع حصص منها لدول الخليج العربي.
تحقق تلك الهيئات الاقتصادية المتخصصة في أعمال الموانئ أرباحا ضخمة طوال السنوات الماضية، مما يجعلها مغرية للمشترين، ومن المرجح أنه تم تحديدها وطلبها من قبلهم، رغم ما ستخسره الموازنة المصرية من إيرادات كانت تحصل عليها من أرباح من تلك الهيئات الاقتصادية
فقد تم الإعلان عن تجهيز ضم سبعة موانئ مصرية تحت مظلة شركة قابضة لبيع حصص منها لدول الخليج، وهي ميناء الإسكندرية التابع لهيئة ميناء الإسكندرية، وميناء دمياط التابع لهيئة ميناء دمياط، وموانئ شرق بورسعيد وغرب بورسعيد على البحر المتوسط والأدبية والسخنة على البحر الأحمر والتابعة للهيئة الاقتصادية المسماه المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وميناء سفاجا التابع لهيئة موانئ البحر الأحمر.
وتحقق تلك الهيئات الاقتصادية المتخصصة في أعمال الموانئ أرباحا ضخمة طوال السنوات الماضية، مما يجعلها مغرية للمشترين، ومن المرجح أنه تم تحديدها وطلبها من قبلهم، رغم ما ستخسره الموازنة المصرية من إيرادات كانت تحصل عليها من أرباح من تلك الهيئات الاقتصادية.
20 عاما من الأرباح بهيئات الموانئ
وفي آخر بيانات مالية معلنة والخاصة بالعام المالي 2020-2021، حققت هيئة ميناء الاسكندرية أرباحا بلغت 1.8 مليار جنيه مقابل أكثر من ملياري جنيه في العام المالي الأسبق، وبعد أن كانت الأرباح قد بلغت أكثر من ثلاثة مليارات جنيه في العام المالي 2017-2018، في ظل تحقيق أرباح مستمرة ومتزايدة طوال العشرين عاما الماضية بلا انقطاع.
وحققت هيئة ميناء دمياط أرباحا بلغت 917 مليون جنيه مقابل 2.5 مليار جنيه في العام المالي الأسبق، وكانت تلك الأرباح قد بلغت 1.7 مليار جنيه في العام المالي 2017-2018، في إطار الأرباح المستمرة طوال العشرين عاما الماضية بلا انقطاع أيضا.
تستفيد السلطات المصرية من حالة الصمت من جانب الرأي العام والمجتمع المدني والدور الشكلي للبرلمان وإعلام الصوت الواحد؛ في تمرير مثل تلك القرارات والتي كان مجرد الإعلان عنها في فترة الرئيس مبارك كفيلا بظهور غضب شعبي جارف
وحققت هيئة موانئ البحر الأحمر أرباحا بلغت 762 مليون جنيه مقابل 843 مليون في العام المالي الأسبق، وكانت قد حققت 855 مليون جنيه أرباحا في العام المالي 2017-2018، وهي الأرباح المستمرة بلا انقطاع طوال العشرين عاما الأخيرة.
وحققت هيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أرباحا بلغت 2.2 مليار جنيه، وهي الأرباح المستمرة طوال السنوات الست الأخيرة، نظرا لحداثة نشأة الهيئة بالمقارنة بباقي هيئات الموانئ.
وتستفيد السلطات المصرية من
حالة الصمت من جانب الرأي العام والمجتمع المدني والدور الشكلي للبرلمان وإعلام الصوت الواحد؛ في تمرير مثل تلك القرارات والتي كان مجرد الإعلان عنها في فترة الرئيس مبارك كفيلا بظهور غضب شعبي جارف.
والمتوقع أن
تلك القرارات سترافقها قرارات تطول جهات أخرى، مثل الشركات الحكومية لتداول الحاويات، والفنادق التاريخية، والتي يمكن أن تمتد إلى هيئات اقتصادىة أخرى مثل هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وهيئة السكة الحديد في ضوء إعلان وزير النقل عن الاتجاه لبيع حصص في الشركات التابعة لهيئة السكة الحديد، مثل شركة عربات النوم وورش السكة الحديد ونشاط نقل البضائع وغيرها.
twitter.com/mamdouh_alwaly