أصبحت يائيل برون-بيفيه أول امرأة في تاريخ فرنسا تترأس الجمعية الوطنية (البرلمان)، عقب حصولها على 242 صوتا، أي الغالبية المطلقة للأصوات خلال الدورة الثانية من التصويت.
ومن المفترض أن تخلف صاحبة الـ51 عاما، ريشار فيران، الصديق المقرب لإيمانويل ماكرون، الذي هزم في الانتخابات التشريعية الأخيرة وفشل في العودة إلى البرلمان.
وحتى السبت، كانت برون-بيفيه وزيرة شؤون أقاليم ما وراء البحار، وترشحت للبرلمان ممثلة عن الائتلاف الرئاسي (معا)، فيما تُعرف أنها من أكثر الشخصيات المقربة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
مع بورن وانتخاب أورور بيرجيه الأسبوع الماضي لرئاسة كتلة حزب النهضة الرئاسي في الجمعية الوطنية، وترأس إليزابيث بورن للحكومة، يشكل هذا الثلاثي النسائي في السلطة سابقة في فرنسا.
وكانت المحامية والناشطة السياسية عضوا في الحزب الاشتراكي، حيث تولت أمانة صندوقه في طوكيو في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قبل أن تعود إلى فرنسا عام 2012.
وفي خريف 2016، التحقت بحزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" (النهضة حاليا)، وهو حزب تقول عنه إنه يمثل أفكارها العميقة من حيث التغلب على الانقسامات السياسية والبراغماتية، مقتنعة بما اعتبرته الموقف المعتدل لماكرون بشأن خطة إصلاح إسقاط الجنسية، المثيرة للجدل، والتي تسمح بسحب الجنسية أو إسقاطها، عن مزدوجي الجنسية المتورطين في قضايا إرهابية.
ولاحقا، تم انتخابها عضوًا في البرلمان عن الدائرة الانتخابية الخامسة لإيفلين خلال الانتخابات التشريعية لعام 2017، رغم الجدل الذي أثير داخل الحزب بخصوص شعبية برون-بيفيه وقدرتها على إقناع الناخبين فضلا عن كفاءتها ومعرفتها بالمشهد السياسي، وسط اتهامات لماكرون بترشيحها بحكم علاقتهما الجيدة.
في المقابل، نفت النائبة الفرنسية تلك المزاعم، حيث قالت لصحيفة "أو بي إس" الفرنسية إنها "لا تتمتع بمزايا الإليزيه"، مؤكدة أنه "لم تكن لدي علاقة خاصة مع أي شخص، لقد قدمت ترشحي وتم انتخابي. لمرة واحدة، هو (ماكرون) ليس صديقا مقربا".
وخلال الدورة البرلمانية الماضية، كانت برون-بيفيه رئيسة لجنة القوانين الدستورية والتشريعات ومن الإدارة العامة للجمهورية إلى مجلس الأمة في إطار السلطة التشريعية الخامسة عشرة من 2017 إلى 2022.
في أيلول/ سبتمبر 2018، وبعد تعيين فرانسوا دي روجي في الحكومة، ترشحت برون-بيفيه لرئاسة الجمعية الوطنية قبل أن تنسحب وتعلن عن اختيارها للتصويت لريتشارد فيران، صديق ماكرون، فيما كشفت وسائل الإعلام الفرنسية لاحقا أن مقربين من رئيس البرلمان السابق أخبروها بأنه سيتم "تطهيرها" من منصبها كرئيسة للجنة القانونية إذا حافظت على ترشيحها ضد فيران.
تقدم رئيسة البرلمان الفرنسي الجديدة نفسها على أنها منحدرة من "الهجرة اليهودية السلافية والبولندية واليهودية الألمانية، مع الأجداد الذين دخلوا فرنسا بتأشيرات سياحية"، في الثلاثينيات من القرن الماضي.
وتشير صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية إلى أن برون-بيفيه "لا تمارس ولا تؤمن"، لكنها "تحتفل بالأعياد اليهودية مع عائلتها، كما يفعل والدها وخاصة جدها، وهو خياط يهودي بولندي، لجأ إلى نانسي، شرق فرنسا، في الثلاثينيات هربا من النازيين".
ورغم البداية المتعثرة في البرلمان التي عرفت سلسلة من الأخطاء الفادحة أو الاتهامات أو حتى السخرية، وانتقادات المعارضة لنقاشات برون-بيفيه داخل لجنة القوانين الدستورية والتشريعات، إلا أن جميع أعضاء البرلمان أشادوا بعملها مع نهاية الدورة البرلمانية، فيما حققت صعودا بارزا وأصبحت أحد أبرز وجوه الساحة السياسية.
وأشادت المجموعات الحقوقية على وجه الخصوص بنشاط برون-بيفيه، التي كانت وراء العديد من الزيارات الميدانية إلى السجون ومراكز الاحتجاز الإداري من قبل النواب الأعضاء في اللجنة، في وقت واحد وفي جميع أنحاء فرنسا، والتي وصفتها بأنها "رمز لرغبة جديدة في نهج السياسات العامة على أساس الضوابط تمارس على أرض الواقع".
وفي حزيران/ يونيو 2018، قدرت وكالة "فرانس برس" أن برون-بيفيه "تجسد"التجديد" في الجمعية الوطنية منذ عام، من خلال "أسلوبها ونهجها في الميدان، لكن ثقلها السياسي لا يزال موضع تساؤل"، فيما تقدمها صحيفة "لوموند" على أنها رئيسة "غير نمطية".
اقرأ أيضا: ماكرون أمام معضلة الحكومة.. 3 سيناريوهات منها حل البرلمان
في كانون الثاني/ يناير 2022، قدرت "ليبراسيون" أن النائبة في الجمعية الوطنية "انتهى بها الأمر إلى إقناع الناس بكفاءتها، بما في ذلك في المعارضة"، واعتبرت صحيفة "لوفيغارو" أنها "تحولت إلى عاملة جادة لا هوادة عندها" وأن "التزامها بمراقبة النصوص المتعلقة بمجابهة جائحة كورونا سمح لها بأن تجعل نفسها عنصرا أساسيا في البرلمان".
وتشير صحيفة "ليبراسيون" إلى أنها "لا تتردد في الخروج عن مواقف الحكومة، حيث احتجت على لجنة الخبراء التي كانت مفوضة بإعادة صياغة المادة 24 من قانون الأمن العالمي، فيما كانت تناور مع المعارضة لإعفاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عامًا من بطاقة التطعيم ضد كورونا".
وفي أيار/ مايو 2022، عيّنها إيمانويل ماكرون وزيرة لأقاليم ما وراء البحار في حكومة إليزابيث بورن. وبعد بضعة أسابيع، أعيد انتخابها نائبة في الدائرة الخامسة لإيفلين وتركت مناصبها الوزارية من أجل انتخابها رئيسة للجمعية الوطنية. وفي 28 حزيران/ يونيو 2022، تم انتخابها رئيسة للجمعية الوطنية، لتكون أول امرأة تشغل هذا المنصب.
ماكرون أمام معضلة الحكومة.. 3 سيناريوهات منها حل البرلمان
خيارات ماكرون بعد خسارته لأغلبية البرلمان.. "انتكاسة كبيرة"
حزب ماكرون يفقد الأغلبية المطلقة.. وأقصى اليمين يحقق إنجازا