ارتفع الدولار الأمريكي بصورة كبيرة في السنة الماضية مقابل العملات العالمية الرئيسية، وصل مؤخرا إلى مستويات لم يشهدها منذ 20 سنة، حيث ارتفع بنسبة 15 بالمئة مقابل الجنيه الإسترليني، و16 بالمئة مقابل اليورو، و23 بالمئة مقابل الين الياباني.
وقال موقع كوفرسيشن في تقرير ترجمته "عربي 21"؛ إن الدولار يعتبر العملة المرجعية في العالم، فهو يُستخدم في معظم التعاملات الدولية. ومن ثم، فإن أي تغييرات في قيمته سيكون لها آثار على الاقتصاد العالمي بأكمله. وفيما يلي خمسة من أهم هذه الآثار:
1- المزيد من التضخم
ذكر الموقع أنه يتم عادة تداول البترول ومعظم السلع مثل المعادن أو الحطب بالدولار الأمريكي. ولذلك؛ كلما أصبح الدولار أقوى، كانت تكلفة هذه السلع أكبر بالعملة المحلية، وعندما ترتفع تكلفة الطاقة والمواد الخام، ترتفع أسعار العديد من المنتجات الموجهة للمستهلكين والمتعاملين، مما يتسبب في حدوث تضخم في جميع أنحاء العالم، والاستثناء الوحيد من هذه القاعدة هو الولايات المتحدة، حيث يجعل الدولار القوي المنتجات الاستهلاكية المستوردة أرخص، ومن ثم يمكن أن يساعد في التحكم في التضخم.
2- تهديد للبلدان منخفضة الدخل
وأشار الموقع إلى أن معظم البلدان النامية تقوم بتسديد ديونها بالدولار الأمريكي، لذا فإن العديد منها يصبح مدينا أكثر بكثير مما كان عليه قبل سنة إذا ارتفع سعر الدولار. ونتيجة لذلك؛ سيضطر الكثيرون لتغطية هذا المبلغ المتزايد من العملة المحلية لسداد ديونهم.
ويبين الموقع أننا نشهد هذا الأمر بالفعل في سريلانكا، وقد تعرف دول أخرى نفس المصير تقريبا، وسيتعيّن عليها إما فرض ضرائب أكبر في اقتصاداتها، أو إصدار أموال محلية تسبب بدورها في التضخم أو ببساطة اقتراض المزيد. وفي هذه الحالة قد تكون النتائج ركودا عميقا، أو تضخما حادّ،ا أو أزمة ديون سيادية، أو الثلاثة معا، ذلك متوقف على المسار الذي تم اختياره.
3- عجز تجاري أكبر لأمريكا
وأوضح الموقع أنه من المؤكد أن البلدان الأخرى ستشتري كميات أقل من المنتجات الأمريكية نتيجة لارتفاع الدولار، وعليه، يرتفع العجز التجاري للولايات المتحدة، وهو الفرق بين حجم الصادرات والواردات. وفي هذا الشأن، تعهد الرئيس جو بايدن، مثلما تعهد دونالد ترامب قبله، بتقليصه وخاصة في إطار المنافسة مع الصين. غير أن بعض الاقتصاديين يشعرون بالقلق من أن يؤدي العجز التجاري إلى زيادة الاقتراض الأمريكي، ويعكس حقيقة أن العديد من وظائف التصنيع قد نقلت إلى الخارج.
4- تراجع إزالة العولمة
وتحدث الموقع عن السياسة الاقتصادية الأكثر وضوحا لمنع ارتفاع العجز التجاري، وهي اللعبة القديمة المتمثلة في فرض رسوم جمركية أو حصص أو غيرها من القيود على الواردات. غير أن هذه السياسة يترتب عنها معاملة بالمثل من الدول الأخرى، بفرض رسوم أو قيود أخرى على المنتجات الأمريكية. وفي عصر نشهد فيه "إزالة العولمة"، بفضل العلاقات المتدهورة بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، فإن الدولار القوي يبرز في هذا الزخم السياسي كتهديد للتجارة العالمية.
5- مخاوف منطقة اليورو
وأكد الموقع أن الدول الأعضاء الأضعف في الاتحاد الأوروبي مثل البرتغال وإيرلندا واليونان وقبرص أصبحت أقل حصانة، إلى حد ما، أمام المستثمرين الذين يدفعون تكاليف الاقتراض إلى مستويات الأزمة مقارنة بأحلك أيام أزمة منطقة اليورو، ويرجع ذلك إلى أن الكثير من ديونها الوطنية أصبحت الآن في أيدي آلية الاستقرار الأوروبية، التي تم إنشاؤها للمساعدة في إنقاذهم، فضلا عن البنوك الاستثمارية الأكثر صداقة في منطقة اليورو.
ومع ذلك؛ وفقا للموقع، فإن قوة الدولار تخلق ضغوطا على البنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة الخاصة به لدعم اليورو وتخفيض تكلفة الواردات، بما في ذلك الطاقة. وسيؤدي هذا إلى مزيد من الضغط على دول منطقة اليورو ذات المستويات المرتفعة من الديون؛ فإيطاليا، التي تعد تاسع أكبر اقتصاد في العالم، ولديها ديون حكومية ضخمة تصل إلى 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، سيكون من الصعب إنقاذها بشكل خاص إذا خرج الوضع عن السيطرة.
ويشدد الموقع على أنه بجمع النقاط الخمس السابقة معا، فإن الدولار شديد القوة هو سبب آخر للخوف من الركود العالمي في الفترة المقبلة.
هل سيستمر الدولار في الارتفاع؟
وقال الموقع إن الدولار ارتفع لأسباب اقتصادية وجيوسياسية، فقد ورفع البنك المركزي للولايات المتحدة أسعار الفائدة بقوة وعكس أيضًا سياسة الإنشاء النقدي من خلال التيسير الكمي. هذا في محاولة للحد من التضخم الناجم عن قضايا التوريد، كوفيد والحرب في أوكرانيا وكذلك التيسير الكمي.
ويلفت الموقع إلى أن ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي يعتبر أحد الآثار الجانبية لأسعار الفائدة المرتفعة هذه، ونظرًا لأن الدولار يوفر الآن عائدًا أعلى عند إيداعه في أحد البنوك الأمريكية، فإنه يشجع المستثمرين الأجانب على بيع عملتهم المحلية وشراء الدولار الأمريكي.
ويشير الموقع إلى أن البنوك المركزية في دول أخرى مثل المملكة المتحدة أيضا رفعت أسعار الفائدة، وتخطط منطقة اليورو لفعل الشيء نفسه، لكنهم لا يتصرفون بقوة مثل الولايات المتحدة، كما أن اليابان لا تشدد سياستها على الإطلاق، ومن ثم فإن النتيجة النهائية هي زيادة الطلب الأجنبي على العملة الأمريكية.
ويبين الموقع أن السبب الآخر لارتفاع الدولار الأمريكي، هو أنه ملاذ آمن كلاسيكي عندما يشعر العالم بالقلق من الركود، فلقد عانى اليورو من قرب الاتحاد الأوروبي من الحرب في أوكرانيا، وتعرضه لأزمة الطاقة الروسية، واحتمال حدوث أزمة أخرى في منطقة اليورو.
الاتحاد الأوروبي يخفض مجددا توقعات النمو بسبب حرب أوكرانيا
صندوق النقد الدولي يتوقع حدوث ركود عالمي العام المقبل
أكثر من 70 مليونا تحت خط الفقر بثلاثة أشهر بسبب التضخم