مع استمرار التوتر الإسرائيلي اللبناني حول مسألة استخراج الغاز من
المياه اللبنانية عبر حقل "كاريش"، وإمكانية وصول الأمر إلى مواجهة
مفتوحة مع حزب الله بعد تهديداته الأخيرة، صدرت في دولة الاحتلال اتهامات
وانتقادات متصاعدة بسبب المكان الحساس الذي اختارته الجهات الأمنية والاقتصادية
للحفارة الخاصة بهذا العمل، لأنه يتطلب تخصيص وسائل كثيرة لحمايتها، في حين أنه لو
كانت الحفارة تقع في الجنوب، لكان من الممكن حمايتها بشكل أفضل من قبل قوات
الاحتلال.
صحيح أن إسقاط الطائرات المسيرة الأخيرة التي أرسلها حزب الله،
واقتربت من منصة إنتاج الغاز، قد يعتبر إنجازا للذراع البحري الإسرائيلي الذي كلف
بحماية البنية التحتية للغاز في المجال البحري، لكن من الواضح أن هذه الطائرات
تعتبر إشارة إنذار لدولة الاحتلال بأنها مطالبة بتكثيف جهودها لحماية
"كاريش" من مهاجمة حزب الله، الذي قد لا يكتفي بإرسال تلك الطائرات.
البروفيسور شاؤول حوريف رئيس مركز أبحاث السياسة البحرية
والاستراتيجية بجامعة حيفا، كشف في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، أنه "خلال
زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لدولة الاحتلال التقى الوسيط الأمريكي عاموس
هوكستين بوزيرة الطاقة كارين الهرار، وعبر لها عن قلقه من الموقف اللبناني بشكل
خاص في ظل التهديدات الأخيرة من حزب الله بضرب الحفارة، ومع ذلك فإن من حق أي شخص
عاقل أن يبدي استغرابه من وضع الحفارة في موقعها الحالي، لأنه سيكلف إسرائيل مزيدا
من إجراءات الحماية، ويجعلها أكثر عرضة لاستفزازات حزب الله".
وتساءل حوريف في المقال الذي ترجمته "عربي21"، عما إذا "كان
بإمكان إسرائيل أن تجعل هذا الحقل في مكان أكثر حماية بشكل أفضل، وبتكلفة أقل،
لأن مكانها الحالي جعل اللبنانيين يعتقدون أن وصول الحفارة في خضم المفاوضات
الجارية بمثابة خطوة إسرائيلية لفرض الوقائع على الأرض، وفي الوقت ذاته، فإن دولة
الاحتلال تبدو مطالبة الآن بإعطاء الأولوية لتحديد موقع منصة الإنتاج في المياه
الإقليمية لتحقيق أقصى قدر من الحفاظ على أمن الطاقة، وموثوقية الإمداد
والفائض".
يأتي هذا التخوف الإسرائيلي الأول من نوعه، رغم توقيع دولة الاحتلال
عقدًا لشراء سفن هجومية مصممة لحماية الحفارات قبالة السواحل البحرية، بحيث تعمل
قرب منشأة الإنتاج، وهذا من شأنه تقليل أطوال الأنابيب وأنظمة الدعم المرتبطة بها،
كما أن وجود الحفارة قرب رواسب الغاز الإضافية المحتملة سيخلق أمام دولة الاحتلال
خيارات توصيل بسيطة نسبيًا للحقول المستقبلية، فضلا عن تقليلها من الأضرار التي
تلحق بالإسرائيليين قرب الشاطئ، وهي مسافة مناسبة لتلافي المخاطر البصرية، والبعد
عن مصادر الضوضاء، وتلوث الهواء.
اقرأ أيضا: نصر الله يعلق على زيارة بايدن وحقوق لبنان في النفط والغاز
ويمكن الأخذ بعين الاعتبار لتغيير مكان استخراج الغاز الجوانب الأمنية
الأكثر خطرا، والتأثير على البيئة الذي قد يسببه موقع منصة الحفر قرب الساحل، لأنه
في الحالة القائمة سيترتب على دولة الاحتلال أن تضطر لتحمّل التكاليف الأمنية
الباهظة لحماية حقل "كاريش" بسبب موقعها الحالي، وفي ظل غياب سياسة
واستراتيجية إسرائيلية للمجال البحري، فمن المحتمل أن يستمر "العمى" عن
الفضاء البحري الإسرائيلي، الأمر الذي سيكلفها الكثير من الموارد، وفق الاعترافات
الإسرائيلية ذاتها.
توقعات إسرائيلية باقتراب المواجهة "الجوية" مع حزب الله
تقدير: "مسيّرات" حزب الله بالبحر ستشعل الجبهة الشمالية تدريجيا
الاحتلال فشل في إسقاط مسيرتين لحزب الله أطلقت نحو "كاريش"