نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، قالت فيه إن الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، يستمد الكثير من دعمه من جمهور الطبقة العاملة، وهو قادر على حشده في الشوارع.
وبدا أن اقتحام أنصار الصدر للبرلمان، الأربعاء، كان بمثابة تحذير موجه للفصائل السياسية المتنافسة التي هي أقرب إلى إيران وتدعمها. وقد دافع الصدر عن نفسه باعتباره قوميا تحدث ضد التدخل الأجنبي في بلاده، على الرغم من صلاته بإيران، والتي يلجأ إليها من حين لآخر، وفق الصحيفة.
وجاء احتجاج أنصار الصدر بعد يومين من موافقة خصومه على مرشح لرئاسة الوزراء -سياسي شيعي مخضرم ووزير سابق في الحكومة محمد شياع السوداني- وأشاروا إلى أنهم سيحاولون الآن تشكيل حكومة جديدة.
لكن الصدر قد يطلق المزيد من الاحتجاجات إذا لم تتم تلبية مطالبه، حتى لو نجحوا، سيبقى رجل الدين قوة في النظام السياسي.
ويعاني العراق من انقسامات سياسية ودولة مجزأة ضعيفة منذ أن بدأت تجربته الديمقراطية بعد سقوط نظام صدام، وتم تصميم النظام السياسي حول تقاسم السلطة الطائفي، لكنه يؤدي إلى مقايضة مستمرة بين الفصائل المتنافسة على المناصب الحكومية العليا.
وتصاعدت مشاعر الإحباط لدى الصدر مع مقاومة خصومه لجهوده لتهميشهم، وتسليح القضاء لإصدار أحكام أعاقت حلفاءه وعرقلت تقدمه.
ومع عدم وجود نهاية تلوح في الأفق للمواجهة، قال الصدر الشهر الماضي إنه تخلى عن المفاوضات لتشكيل ائتلاف، وأمر نوابه -البالغ عددهم 74 نائبا- بالاستقالة من البرلمان.
وأربكت هذه الخطوة الكثيرين، وأمضى الصدر سنوات في بناء رأس المال السياسي، ليصبح صانع الملوك في عملية تشكيل الحكومة التي طال أمدها في كثير من الأحيان، ولكن لا يزال هناك غموض بشأن هدفه النهائي.
اقرأ أيضا: الصدر يحشد لمظاهرة ثانية بعد اقتحام البرلمان.. ما هدفه؟
وقال مسؤول حكومي ومخضرم في المشهد السياسي العراقي: "نحن لا نعرف حقا ما إذا كانت لديه استراتيجية. هل ينسحب حقا من العملية؟ أم ينتظر فقط أن ترتكب [الفصائل المدعومة من إيران] خطأ، حتى يتمكن من إطلاق جماعته عليهم؟".
ووسط الشلل، يقود العراق رئيس الوزراء المؤقت مصطفى الكاظمي. لكن المسؤولين الحكوميين يتحدثون عن فوضى في صفوفهم، وقراراتهم يعيقها الخلل، والوزارات أكثر عرضة للنهب.
وعلى الرغم من تعزيز خزائن الدولة بفعل المكاسب غير المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط، لم يتم إقرار أي ميزانية لعام 2022، ما يعني أنه لا يمكن إنفاق معظم الفائض. بدلا من ذلك، تم العثور على حلول طارئة لدرء النقص في الضروريات مثل البنزين والحبوب.
ولطالما صور الصدر نفسه على أنه خارج المؤسسة الحاكمة، على الرغم من أن لحركته دورا في النظام السياسي. وكان قد أثار في السابق اضطرابات مدنية، لا سيما في عام 2016، عندما اقتحم أتباعه البرلمان والمنطقة الخضراء.
ويقول بعض المحللين العراقيين إن قاعدة الدعم للصدر تراجعت مع ارتباطه بالفساد المستشري في الدولة، والذي يلقي كثير من الناس باللوم عليه في الحالة المتردية للخدمات العامة. لكن آخرين يشيرون إلى أن عملاءه منتشرون في معظم أذرع الدولة، بما في ذلك مجلس الوزراء، وشركة النفط المملوكة للدولة، والوزارات القوية والسلطات المحلية.
ويقول رؤساء الأعمال والمحللون إن الوظيفة الأساسية لعملاء رجل الدين هي الحفاظ على التدفق النقدي لمنظمته من خلال الاستفادة من عقود الوزارات، وهو ما أشار إليه أحد المسؤولين الحكوميين على أنه "إعادة توجيه الموارد بشكل خلاق".
واستشهد مسؤول حكومي بقانون الإنفاق الطارئ الذي أقره البرلمان في حزيران/ يونيو، والذي دفعه الصدريون قبل استقالتهم، كمثال.
ويقدر الأشخاص الذين لديهم معرفة مباشرة بخزائن الدولة أن حركة الصدر، التي تقدم برامج الرعاية الاجتماعية وتضم مليشيا، تتطلب عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لدعم نفسها.
ولم يرد الجناح السياسي للصدر على الفور على طلبات الصحيفة للتعليق، لكنه نفى في السابق مزاعم الفساد.
ما سر تزايد ظاهرة العنف في ملاعب كرة القدم؟