نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعدته بيثان ماكرنان عن
البيروقراطية في نظام منح التصاريح في المناطق الفلسطينية المحتلة.
وقالت إن شهادات جديدة لجنود إسرائيليين عملوا في مجال البيروقراطية
المعروفة بـ"تنسيق نشاطات الحكومة في المناطق" (كوغات)، تكشف حجم التحكم الإسرائيلي بحياة الفلسطينيين.
ومن تلك الشهادات شهادة جويل كارميل، الذي يقول: "عندما ذهبت إلى الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي لم أكن يتوقع
الجلوس أمام الكمبيوتر ويطبع تصاريح للفلسطينيين على هوياتهم طوال اليوم".
وأضاف: "قبل ذهابي إلى الجيش كنت أعتبر نفسي وسطيا من الناحية السياسية.
وكنت أعرف بشكل عام عن الاحتلال والجانب القتالي، لكنه كان مملا"، وأضاف:
"لن يكون لديك الوقت أو الطاقة للتفكير بالفلسطينيين كشعب، فهم مجرد أرقام
على الكمبيوتر، وتنقر بنعم أو لا على تصاريح السفر".
وقالت الصحيفة إن النظام الممتد الذي خلقه الجيش الإسرائيلي في الضفة
الغربية المحتلة وغزة، هو شيء يعلم عنه الإسرائيليون لأول مرة، وبعد نشر شهادات
جنود سابقين فضحوا فيها "نظام التصاريح" الذي يتحكم بحياة الفلسطينيين
وأرضهم.
ورغم مرور 55 عاما على الاحتلال الذي يعتبر من أكثر النزاعات الموثقة في
التاريخ الحديث، إلا أن مجال ومدى السلطة البيروقراطية التابعة لأجهزة الجيش غير
معروفة.
فوحدة تنسيق نشاطات الحكومة في المناطق "كوغات" معنية بالتعامل
مع الطلبات التي يقدمها الفلسطينيون: تصريح علاج، وتصريح عمل لدخول إسرائيل، أو
تصريح سفر للخارج، والتحكم بتدفق الصادرات والواردات، وخطط البنى التحتية، وتوزيع
المصادر الطبيعية.
ولم تتم دراسة نشاطات "كوغات" بشكل معمق في السابق، ولم تكن
موضوعا لتحقيق مستقل.
وإلى جانب العنف، يرى الفلسطينيون والجنود السابقون أن الوحدة هذه هي جزء
من نطام القمع.
وقال كارميل: "أخبرنا أثناء التدريب أن كل شيء نقوم بعمله للفلسطينيين
هو سخاء وخدمة لهم. ولم نتساءل عن الصورة الأكبر، مثل عدم وجود مستشفى جيد في
المناطق، ولهذا يجب على الناس السفر". وعمل كارميل في مكتب التنسيق العسكري
الإسرائيلي- الفلسطيني في غزة، ثم نقل إلى مدينة جنين في الضفة الغربية. وقال:
"يداهم الجيش بيتك في الساعة الثانية صباحا، ولكن عليك الوقوف في الطابور
الساعة الثامنة صباحا ولساعات طويلة كي تتابع أبسط الأمور الإدارية"، و"أعتقد
أن هذا أمر لا يعرفه الكثير من الإسرائيليين. إنه ليس عصا وجزرة، بل عصا وعصا، وهو
نفس الشيء".
وتقول الصحيفة إن شهادات المجندين الذين عملوا في مكتب تنسيق نشاطات الحكومة
بالمناطق جمعتها مجموعة "كسر الصمت"، وهي منظمة غير حكومية أنشأها جنود
سابقون في الجيش الإسرائيلي والتي منحت على مدى 20 عاما الجنود الذين أنهوا خدمتهم
العسكرية الفرصة لاستعادة تجاربهم ومنح الإسرائيليين صورة غير مشذبة عما يعنيه فرض
الاحتلال.
وتم التأكد من شهادات جنود ومنهم كارميل في كتيب بعنوان "حكم
الجيش"، وأرفق بشهادات سكان من غزة المحاصرة جمعتها "غيشا"، وهي
منظمة غير حكومية تركز على حرية الحركة للفلسطينيين.
وأثناء تجميع المشروع وجد الأشخاص الذين قابلوا الجنود موضوعات متكررة مثل
استخدام العقاب الجماعي، مثل إلغاء تصاريح السفر لكل العائلة، وشبكة المتعاونين
الفلسطينيين الواسعة الذين يتعاونون مع مكتب التنسيق، والذي يغطي معظم الضفة
الغربية، وتأثير المستوطنين غير الشرعيين على قرارات الإدارة المدنية، والمنع
التعسفي وغير المبرر لدخول وخروج بضائع من غزة.
وقال رجل عمره 25 عاما عمل في مقر التنسيق، قرب بيت إيل، شمال رام الله
"مستوى السلطة التي كانت بيدنا مدهشة". وأضاف الرجل الذي عمل ما بين
2020- 2021: "لقد وجدت أننا مسؤولون عن إصدار تصاريح أسلحة لقوات الأمن
الفلسطينية، وهي واحدة من التفاصيل التي لا تفكر بها إلا حين وصول كمية من
الأوراق. وتفاصيل كهذه، كل يوم تجعلك تحس بالاحتلال"، و"نقوم بالحصول على
معلومات كثيرة، ولم أعرف عمق وسعة جمع البيانات، وأحيانا كنت أشعر بالملل، وأطبع
بشكل عشوائي رقم هوية فلسطيني ورؤية النتيجة، وكنت أشاهد كل شيء عن حياتهم
وعائلاتهم وتفاصيل السفر والجهات التي يعملون لديها أحيانا". و"أتذكر كيف رفع ضابط القيادة الشاشة لكي يريني ملف مسؤول فلسطيني
بارز، فقط للمتعة، وكان أمرا مذهلا".
وقالت امرأة عمرها 24 عاما عملت في "كوغات" ما بين 2017- 2018: "ذهبت
للجيش وأنا أفكر بعمل خدمتي وأغير الأمور من الداخل، ولكن بمجرد وصولي أصبحت جزءا
من النظام". وأضافت: "في بعض الأحيان كان لدي خيار لإنهاء عملي
مبكرا للعطلة، ولم يكن مسؤولي ليعترض لو
عملت هذا أو الاستمرار بالعمل حتى الخامسة مساء لمساعدة الفلسطينيين لتقديم
أوراقهم".