خلفت تصريحات منسوبة لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، حول ملف "الصحراء" ردود فعل غاضبة لدى التيارات الإسلامية في كل من الجزائر وموريتانيا.
ومطلع آب/ أغسطس، قال الريسوني، في تصريحات لموقع "بلانكا بريس" المغربي، إن ما يؤمن به قطعا هو أن الصحراء وموريتانيا تابعتان للمملكة المغربية، لافتا إلى تعويل المسؤولين المغاربة على التطبيع مع إسرائيل بدل الشعب المغربي في قضية الصحراء الغربية.
وأشار رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى استعداد الشعب المغربي للجهاد ومسيرة جديدة مثل المسيرة الخضراء إذا طلب العاهل المغربي ذلك، للزحف ليس نحو العيون فقط وإنما نحو تندوف الجزائرية.
ووصف الريسوني موريتانيا بـ"ما يسمى موريتانيا"، مشيرا إلى أن "علماء وأعيان ما يسمى بموريتانيا، بلاد شنقيط… بيعتهم ثابتة للعرش الملكي المغربي"، وفق تعبيره.
واعتبر أن قضية الصحراء وموريتانيا صناعة استعمارية، وأن المغرب اعترف بموريتانيا وبالتالي فقد "تُركت للتاريخ ليقول كلمته في المستقبل".
الاتحاد العالمي.. رأي شخصي
وإزاء التفاعلات مع الجدل الذي أثارته التصريحات، أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بيانا توضيحيا حول "الصحراء المتنازع عليها".
وقال البيان إنه "بعد مشاورة فضيلته، وأصحاب الفضيلة في الأمانة العامة تم الاتفاق على إصدار التوضيح بأن ما قاله الريسوني في هذه المقابلة أو في غيرها حول الصحراء هذا رأيه الخاص قبل الرئاسة، وله الحق في أن يعبر عن رأيه الشخصي مع كامل الاحترام والتقدير له ولغيره، ولكنه ليس رأي الاتحاد".
الريسوني.. لن أترشح
وفي مقابلة خاصة مع "عربي21"، كشف الريسوني أنه لن يترشح، ولن يقبل ترشيحه مرة أخرى، في الانتخابات المقبلة لرئاسة اتحاد علماء المسلمين المقرر إجراؤها في خريف عام 2023.
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: "سأعمل على أن يترأس الاتحاد عالِم آخر يُستفاد من مكانته وعلمه ومصداقيته، وأكون أنا في عونه وبجانبه".
اقرأ أيضا: الريسوني: على الاسلاميين العمل لنشر الديمقراطية والحرية
لكن التصريحات، خلفت استياء لدى بعض الحركات والأحزاب والشخصيات الإسلامية في كل من الجزائر وموريتانيا.
"حمس".. فتنة وتبرؤ
ودعت حركة مجتمع السلم الجزائرية "حمس"، علماء الأمة إلى "التبرؤ من هذا الموقف الخطير، الذي سيحدث فتنة بين الدول والشعوب".
كما أنها أعلنت عن تحفظها على الشخص بعينه في استغلال منصبه في الهيئة العلمائية العالمية التي يترأسها، والتي يبدو أنه سيحوّلها إلى ساحة للفتنة والاحتراب بين المسلمين، وفق البيان.
وقالت "حمس"، التي تمثل أكبر حزب معارض في البرلمان، إنها تابعت بكل استغراب ودهشة الخرجة الإعلامية للدكتور أحمد الريسوني، والتي تحدث فيها عن استعداد الشعب والعلماء والدعاة في المغرب "للجهاد بالمال والنفس" و"الزحف بالملايين" إلى تندوف الجزائرية، كما أنه تطاول فيها أيضا على دولة بأكملها، وهي موريتانيا.
ووصفت الحركة التي يقودها عبد الرزاق مقري ما بدر عن الريسوني بـ"السقطة الخطيرة والمدوية من عالمٍ من علماء المسلمين، يفترض فيه الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية، لا أن يدعو إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين، وفق ما سماه الجهاد بالمال والنفس".
وأشارت "حمس" إلى أنه "كان الأولى به الدعوة إلى مسيرات حاشدة في مختلف مدن المغرب ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكسر التحالف الاستراتيجي بين بلاده وهذا الكيان المحتل لفلسطين، لا سيما أن حزبه هو أحد عرابي هذا التطبيع، وكان أمينه العام هو الموقع عليه رسميا".
وأضافت: "بدل الدعوة إلى الفتنة وإلى سفك الدماء بين المسلمين كان الأولى له أن يدعو إلى الجهاد بالمال والنفس من أجل تحرير سبتة ومليلة المغربيتين".
"البناء" الجزائرية.. خطاب متعال
بدورها، قالت حركة البناء الوطني المشاركة في الحكومة الجزائرية، إنها تلقت بكثير من الاستياء التصريحات المثيرة للفتن بين الشعوب التي صدرت عن الريسوني.
واعتبرت الحركة أن تصريحات الريسوني صدمت مشاعر الجزائريين، وكثيرا من شعوب المنطقة المغاربية كالموريتانيين والصحراويين، بخطابه المتعالي، وأسلوبه الاستهتاري المثير وغير المسؤول، والمتطاول على سيادة الدول وكرامة شعوبها.
وأضافت: "لا سيما عندما يوظف مصطلح الجهاد للدخول إلى أراض جزائرية بولاية تندوف حررها شهداء ثورة المليون ونصف المليون بدمائهم الزكية، وعدم اعترافه بسيادة دولة موريتانيا".
ولفتت الحركة الجزائرية، التي يرأسها المرشح الرئاسي السابق عبد القادر بن قرينة، إلى أنه "أصبح يقينا لدينا أن ترؤس مثل هذه الشخصية لهذه الهيئة سوف يضرب بمصداقيتها عندنا، وعليه فإنه ينبغي لعلمائنا أن يُبعدوا عن مؤسستهم مثل هذه الشخصيات التي لا تقدر معنى الكلمة ولا مسؤوليتها في إثارة الفتن".
موريتانيا.. تصريحات مريبة ومستفزة
ومن جانبها، وصفت هيئة العلماء الموريتانيين تصريح رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، بشأن موريتانيا بـ"المريب وغير الودي والمستفز".
ولفتت هيئة العلماء الموريتانيين في بيانها إلى أن موريتانيا لم تخضع منذ القرن الخامس الهجري لحكم دولة إسلامية غير دولة المرابطين التي نشأت في موريتانيا وخضعت لها بعض دول الجوار ووصل ملكها إلى الأندلس.
ونبه البيان إلى أن "هذه الدعوات التي نسمع لا علاقة لها بوحدة الصف الإسلامي إذ لو كان الأمر كذلك لطالب أصحاب هذه الدعوات بتبعية الدول الإسلامية لإحدى مراكز الخلافة الإسلامية".
ولفت إلى أن بيعة بعض الأفراد إن ثبتت فهي أمر فردي يصنف في إطاره ولا يتجاوز في أقصى حالاته ما هو معروف عندنا في الوقت الحالي بازدواجية الجنسية ولا يعتبر دليلا على التبعية.
وأشار البيان إلى أنه "ينبغي لقادة الهيئات الإسلامية إذا تجاوزا اللباقة والدبلوماسية واحترام الحوزات الترابية للدول أن يوقفوا عند حدود الشرع، وأن لا تلتبس عليهم ساحات الجهاد الشرعي مع غيرها من ساحات أذية المسلمين، فذاك أليق بهم وأيسر تبريرا من الدعوة لجهاد ليس بجهاد طلب ولا جهاد دفع".
أمير مغربي: مطالب التحرر الفلسطيني أقوى من كل الضغوط
اتفاق لدمج 26 ألفا من المتمردين السابقين بالجيش المالي
سفير الاحتلال بالمغرب يعلن توقيع عقد بناء مقر للسفارة