أثار تراجع التيار الصدري في العراق عن التصعيد أمام مجلس القضاء الأعلى في المنطقة الخضراء ببغداد، الثلاثاء، تساؤلات حول خيارات زعيم التيار مقتدى الصدر للضغط على خصومه من أجل تحقيق مطالبه، وفرضيات حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
ورغم مرور نحو شهر على تحريك الصدر لأتباعه نحو المنطقة الخضراء والسيطرة على مبنى البرلمان وإعلان الاعتصام بداخله، فإن القوى السياسية المناوئة له في الإطار التنسيقي الشيعي لم تستجب لمطالبه، بل أصرت على ضرورة تشكيل حكومة جديدة.
وأصدر من يعرف بوزير الصدر، صالح محمد العراقي، بيانا، الأربعاء، قال فيه إن "سقوط النظام الحالي لا يحلو للبعض وعلى رأسهم السفارة الأمريكية"، لافتا إلى أننا وبالتظاهر أمام القضاء "أزلنا الضغوط الدولية بالمطالبة بالحوار مع الفاسدين، فقد أعلنوا مجبرين على عدمه".
وأضاف العراقي في بيانه، قائلا: "سواء اعتبرت هذه الخطوة فاشلة أم ناجحة.. فهي تعني أننا سنخطو خطوة مفاجئة أخرى لا تخطر على بالهم"، في إشارة منه إلى تصعيد يسعى إليه التيار الصدري في قابل الأيام.
اقرأ أيضا: قوى سنية عراقية لـ"عربي21": نتجهز لمشروع سياسي جديد
خطوات مفاجئة
وتعليقا على ذلك، فقد قال المحلل السياسي العراقي، مهند الجنابي لـ"عربي21" إن "انسحاب الصدريين من اعتصامهم أمام مجلس القضاء الأعلى لم يكن تراجعا، وإنما خطوة تكتيكية وتقدير موقف، من أجل عدم منح الإطار التنسيقي الفرصة لتوظيف هذا الاعتصام ضد مسعى التيار".
وأضاف الجنابي أن "ما يحسب للتيار الصدري في صراعه مع الإطار التنسيقي، هو عدم تمكن الأخير من تشكيل الحكومة، وحتى دعوات عقد جلسة للبرلمان، فهذه أصبحت من الماضي باعتراف مقربين من الإطار بصعوبة عقد جلسة في بغداد أو أي مكان آخر، وما يمكنه ذلك من كسر لإرادة الصدر".
وحول خطوات الصدر المرتقبة، قال الجنابي إنه "ربما من الخطأ أن نتوقع خطوة متوقعة يقوم بها التيار الصدري، حيث إن خطواتهم دائما غير تقليدية وتعبر عن قراءة دقيقة، لأن الحديث حاليا عن حلول دستورية وتقليدية أصبح أيضا من الحلول التي لا تفضي بالضرورة إلى حل الصراع الحالي".
وتابع: "الصدر من خلال اعتصامه والضغوطات التي يمارسها على القضاء يريد أن ينتزع اعترافا بأن من انتهك الدستور هو الإطار التنسيقي وما ساعد على ذلك هي قرارات صدرت من القضاء، وبالتالي فإن معالجته وبحثه عن حلول من خارج الدستوري لا تعتبر سابقة، لأنه مضى على انتهاء الانتخابات قرابة العام ولم تشكل حكومة، وكلها جراء الخرق الدستوري الذي تسبب فيه الثلث المعطل بقيادة الإطار التنسيقي".
واعتبر الجنابي أنه "من الوارد جدا تنفيذ خطوة العصيان المدني، وقد تكون مدرجة على طاولة الصدر ومن ضمن الحسابات"، مضيفا أنه "إذا لجأ إلى هذه الخطوة فأتوقع أنها ستكون مؤثرة وفاعلة جدا على الإطار التنسيقي وهي أقل تأثيرا وضغطا على حياة المواطنين".
ورجح المحلل السياسي العراقي أن "يحصل تصعيد سلمي على مقار الأحزاب والاعتصام أمام هيئة النزاهة، التي يفترض أنها مستقلة ومسؤولة عن محاربة الفساد، إضافة إلى ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أن مقار الفصائل المسلحة قد تكون عرضة للاستهداف، لذلك فإن قائمة التوقعات واسعة لكن من الصعوبة معرفة ما هي خطوات التيار المقبلة".
ولفت إلى أن "الموقف الدولي وتدخله يفرض قيودا عليه بفعل الأوضاع الإقليمية والأوضاع الداخلية العراقية، وأيضا في ما يتعلق بدور بعثة اليونامي، فهي لديها غطاء قانوني بقرار 2576 لأنه لم يحصر بمراقبة الانتخابات، وإنما الدعوة إلى حوار سياسي شامل ومصالحة وطنية وتعديلات دستورية وغيرها".
وتابع الجنابي، قائلا: "لذلك فإن الموقف الدولي قد يقتصر على البعثة الأممية، إلا إذا وصلت الأوضاع في البلد إلى مراحل متقدمة أي الصدام المسلح على سبيل المثال بما يحول العراق إلى تهديد للسلم والأمن الدوليين".
اقرأ أيضا: هل ينجح الصدر في ضم "قوى تشرين" إلى مليونيته؟
عض الأصابع
ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي العراقي، كاظم ياور أن ما يجري حاليا أشبه بـ"عض الأصابع"، قائلا إن "اعتصام الصدريين أمام مجلس القضاء الأعلى كان واحدة من الخطوات التصعيدية المفاجئة التي توعد بها الصدر بعد اجتماع الحوار السياسي بين القوى العراقية".
ورأى ياور في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "تعامل مجلس القضاء الأعلى مع اعتصام الصدريين، كان فيه نوع من الخشونة والذي ربما يكون ورقة ضغط على التيار الصدري للقبول بالتسوية والترضية والتنازل عن مطالبهم ومنها حل البرلمان".
ورجح المحلل السياسي أن "خطط التيار الصدري وخطواته المقبلة، تكمن في أنه لن يتنازل عن سلاحه الوحيد، ألا هو استمرار زخم المظاهرات والاعتصامات والتصعيد منها أمام قوى الإطار التنسيقي، وحتى مجلس القضاء الأعلى".
ولفت إلى أن "القضاء والإطار التنسيقي يشعران بأن التيار الصدري إذا حصل على ما يريد فسيكونون هم الهدف المقبل بعزل شخصياتهم عن المشهد السياسي، والمناصب الحكومية والقضائية".
وبحسب ياور، فإن "التيار الصدري يشعر بأنه إذا تراجع خطوة إلى الوراء وتراجع عن الاعتصامات والمظاهرات، فإن الإطار التنسيقي سيشكل الحكومة ويعزلهم ويهمشهم عن المشهد بالكامل، لذلك فإن خيار تراجع الصدر عن التصعيد غير وارد حتى الآن".
وأردف: "نحن أمام حالة تصاعد بين الطرفين، ولا بد من دخول طرف ضامن ثالث حتى يطمئن كلا الطرفين على مستقبلهم السياسي، ولا أجد طرفا أكثر مقبولية من الأمم المتحدة على علة دورها في العراق".
ماذا وراء زيارة الحكيم إلى جدّة في ظل أزمة العراق السياسية؟
"النداء الأخير".. ما فرص الصدر في حل برلمان العراق قضائيا؟
هل تراجع الصدر عن "تغيير النظام" بالعراق؟.. محللون يجيبون