أكدت صحيفة عبرية، وجود قلق عالمي متصاعد على أمن الطيران المدني في سماء البحر الأبيض المتوسط، بسبب تشويشات مصدرها المنظومات المضادة للمسيرات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت "هآرتس" في تقرير مشترك لكل من آفي شراب وينيف كوفوفيتش، أن سماء شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك سماء فلسطين المحتلة، "هي بؤرة عالمية لتشويشات الـ جي. بي. أس (GPS).
وأضافت: "منظومات توجيه الأقمار الصناعية يتم الشعور بها في شواطئ جنوب تركيا، سوريا، إسرائيل، لبنان وقبرص، وفي تل أبيب. قدروا في السابق بأن منظومات عسكرية روسية في سوريا هي التي تتسبب بالتشويش، لكن أيضا هناك وسائل إسرائيلية تساهم في ذلك".
ونوهت الصحيفة، إلى أن "التشويشات زادت مؤخرا، بعد ثلاث سنوات على ظهورها للمرة الأولى في هذه المنطقة، ويتم الشعور بها في الأساس بالطائرات المدنية، وبحسب حديث المنظمة الأوروبية للأمان الجوي، يرجح أن التشويش ينبع من تشغيل منظومات لمنع هجوم للمسيرات".
وزير جيش الاحتلال بيني غانتس، اعترف مؤخرا بأن "إسرائيل وجيرانها قاموا بإنشاء منظومة دفاع جوي إقليمية، أدت إلى إفشال محاولات إيران لتحدي إسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط".
وفي نقاش في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، زعم غانتس، أن "المنظومة تتعامل مع محاولات إيرانية للمس بدول المنطقة بواسطة الصواريخ الباليستية والرادارات".
اقرأ أيضا: سلاح "المسيّرات" أكثر ما يقلق الاحتلال.. كيف يستعد له؟
منع واختطاف
وردا على سؤال "هآرتس"؛ "هل إسرائيل تعمل بوسائل مختلفة للتشويش على منظومات "جي.بي.أس" لمنع هجمات طائرات مسيرة إيرانية؟"، جاء الجواب من جيش الاحتلال: "نحن نعمل بأبعاد متنوعة ضد التهديدات المتنوعة في مختلف القطاعات، وفي المجال الإقليمي هناك جهات كثيرة أخرى تعمل بطرق متنوعة من أجل الدفاع عن نفسها، إلى جانب إسرائيل".
ولفتت إلى أن "تضليل "جي.بي.أس" ينبع على الأغلب من أسباب عسكرية، ولتلبية رغبة جهة معينة في حماية مواقع استراتيجية، من ضربة بواسطة سلاح موجه بواسطة "جي.بي.أس"، مثلا؛ طائرة بدون طيار أو صاروخ أو مروحية موجهة، وهناك نوعان من تشويشات "جي.بي.أس" وهما المنع والاختطاف؛ فمصدر معاد يريد التشويش على الأنشطة العادية والمتواصلة لـ" جي.بي.أس" يمكن أن يبث بقوة على مجال الموجات ذات الصلة، ويغرقها ويمنع الجهاز من التقاط إشارات القمر الصناعي وبذلك يشوش عليها".
أما "في تشويش الاختطاف؛ فإن المصدر المعادي يبث إشارات تشبه الإشارة الأصلية وتجعل اللاقط يغلق على الإشارة المعادية بدلا من إشارة القمر الصناعي، ومنذ تلك اللحظة، فإن جهاز البث المعادي "يغذي" لاقط "جي.بي.أس" ببيانات عن زمن ومكان مزيفين ويجعل اللاقط يحسب تموضعا غير صحيح ويعرضه على الطيار أو كابتن السفينة، والانحراف عن المكان الحقيقي يمكن أن يبلغ عشرات الكيلومترات، ويغير المسار بشكل خاطئ".
وذكرت أن "تقريرا شاملا في 2019، كشف عن آلاف حالات التضليل لـ"GPS" من قبل روسيا، وإيران استخدمت هذه الخطوة كنوع من هجوم السايبر البحري، وفي حزيران/ يونيو 2019، اعترفت سلطة المطارات للمرة الأولى بأن هناك تشويشا على التقاط منظومات التوجيه القادمة من الأقمار الصناعية في المجال الجوي لإسرائيل، بعد تراكم شكاوى لطيارين عن تشويشات كبيرة في مطار "بن غوريون".
وأشارت إلى تشويشات متعددة، أظهرت أماكن خاطئة كليا للعديد من الطائرات في سماء فلسطين المحتلة، ومنها فوق القدس وتل أبيب وديمونة و"متسبيه رامون"، حيث "عرضت سرعة لطائرة حربية"، موضحة أنه "بعد ثلاثة أشهر، أعلنت سلطة الطيران أن التشويشات توقفت، وألغت الإنذار، وجهات في جهاز الأمن الإسرائيلي حينها قدرت أن روسيا تستخدم في سوريا منظومات قتالية إلكترونية لمنع المس المحتمل بقواتها في اللاذقية، وأن الأمر يؤثر على الطيران في سماء إسرائيل".
بؤرة عالمية
وأفادت "هآرتس"، بأن "هناك واجهة جديدة في الإنترنت تعمل على رسم خريطة يومية لتشويشات "جي.بي.أس" التي تتعرض لها الطائرات في العالم، ومعظم الطائرات المدنية بدأت في السنوات الأخيرة باستخدام منظومة "إيه.دي.أس – بي"، التي تستهدف زيادة الأمان في الطيران، وبواسطة هذه المنظومة فإن الطائرة تبث بشكل ثابت ومستقل هويتها ومكانها الدقيق وارتفاعها واتجاهها وسرعتها للرقابة الجوية وللطائرات حولها، وهذه البيانات يتم التقاطها من قبل مستخدمين آخرين على الأرض، وهم الذين يقفون خلف مواقع متنوعة من مراقبة الطائرات، التي زادت مؤخرا في الشبكة".
اقرأ أيضا: مخاوف إسرائيلية من عدم نجاح منظومة الدفاع الجوي الإقليمي
جون فايسمان، مهندس في ديزني وهاوي طيران، انضم لأحد مواقع المتابعة وقام ببناء واجهة تعرض مستوى دقة الـ"GPS" حول العالم، أكد أن "العامل الرئيسي للتشويش؛ هو المنع على يد منظومات عسكرية في مناطق مواجهة وفي مناطق نشرت فيها منظومات تشويش لحماية الأوليغاركيين من الطائرات المروحية".
وزعم تقرير لمعهد أبحاث أمريكي، كشف "تشويشات مكثفة على "جي.بي.أس" من روسيا، ومنها آلاف حالات "اختطاف" لمكان سفن مدنية".
وبحسب حديث "منظمة الأمان الجوي"، فإن "المسؤولة الأساسية عن ارتفاع تشويشات "جي.بي.أس" في البحر المتوسط، هي منظومات لمنع طائرات مسيرة هجومية، وهذا الحديث يتساوق مع نشر روسيا منظومات مشابهة من أجل الدفاع عن قاعدة من هجمات طائرات مسيرة، ومع التقارير التي تقول بأن إسرائيل تتعامل بوسائل مختلفة، مع تهديد الطائرات المسيرة الإيرانية".
ونبهت "هآرتس"، إلى أنه "من غير المستبعد أن جزءا من التشويش ينبع من منظومات إسرائيلية مشابهة، فسلطة الطيران الإسرائيلي المدني، تنشر بين الحين والآخر تحذيرات للطيارين، التي بحسبها، يتوقع خلال ساعات معينة في تاريخ مستقبلي حدوث تشويشات "جي.بي.أس".
وفي إشارة من الصحيفة العبرية تؤكد على تورط الاحتلال في تهديد أمن الطيران المدني والتشويش على الطائرات، تساءلت: "كيف لإسرائيل أن تعرف عن التشويشات مسبقا إذا لم تكن متورطة في هذا الأمر؟".