نشرت صحيفة "ذا غارديان"
البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن علاء حمودي، البالغ من العمر 22 عامًا، أحد اللاجئين
السوريين الذين أعادتهم السلطات اليونانية إلى البحر، تاركة إياهم تائهين في بحر إيجه؛
حيث أيقنوا أنهم ميتون لا محالة مع بدء الزورق البرتقالي - الذي هو أملهم الوحيد للنجاة
- في الغرق.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، إنه في اليوم
السابق فقط، بدا أن علاء قد بدأ حياة جديدة، بعد هبوطه في جزيرة ساموس اليونانية بعد فجر 28 نيسان/ أبريل 2020 بقليل؛ حيث سار هو ورفاقه في المسار الساحلي
شديد الانحدار بحثًا عن الشرطة اليونانية من أجل طلب اللجوء.
قال حمودي؛ الذي فر من منزله
في دمشق وعمره 12 عامًا، وانتقل إلى لبنان، ثم إلى تركيا، وكان يأمل في الوصول إلى
ألمانيا ليجتمع شمله مع والده: "كنت سعيدًا جدًا بترك كل شيء ورائي".
لم تسر الأمور حسب الخطة؛ حيث
قال حمودي إن السلطات اليونانية أعادت اللاجئين إلى الشاطئ، ووضعتهم في قارب قابل للنفخ
بدون محرك أو معدات ملاحة، وسحبته إلى البحر وتركتهم في المياه، ووسط ذهوله وعجزه عن
التفكير بدأ رفاقه في البكاء، ومن بينهم فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا ورجلان مسنان.
وقضى اللاجئون 17 ساعة مرعبة
في البحر؛ دون طعام أو ماء أو أمل في الإنقاذ، ومع دفع التيار للقارب باتجاه اليونان
مرة أخرى، اقتربت زلاجة مائية يونانية، مكونة موجات لإعادة القارب للوراء، فيما كان
الناس خائفين للغاية.
في النهاية؛ أنقذهم خفر السواحل
التركي؛ حيث لا يزال يعيش بعد أكثر من عامين، والآن يقاضي الشاب السوري وكالة الحدود الأوروبية وخفر
السواحل" فرونتكس"، التي يعتقد أنها شاركت في العملية؛ حيث يتذكر حمودي رؤية
ضوء أحمر في السماء وسماع طائرة بعيدة.
ووفقًا لتحقيق أجرته مجموعة
"بيلنجكات" الصحفية، فقد مرت طائرة مراقبة خاصة تعمل لصالح فرونتكس مرتين
فوق طالبي اللجوء الذين تركوا تائهين في البحر.
ويطالب عمر شاتز، المدير القانوني
في "فرونت ليكس"، والذي يمثل حمودي دون مقابل، بتعويض قدره 500 ألف يورو
عن موكله بسبب انتهاكات عديدة مزعومة، منها الحق في الحياة والحق في طلب اللجوء؛ حيث
يعتقد المحامي بعد سنوات من المعارك مع الحكومات
الوطنية في المحكمة، أن أفضل طريقة لتغيير سياسة الهجرة الأوروبية هي استهداف الوكالة
التابعة للاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن السياسات
تأتي من بروكسل لا من روما.
وأشارت الصحيفة إلى أن "فرونتكس"
كانت استجابة أوروبا لفرض رقابة أقوى على الحدود بعد وصول 1.26 مليون طالب لجوء في
عام 2015؛ حيث تعد المنظمة أفضل وكالات الاتحاد الأوروبي تمويلًا، لكنها واجهت اتهامات
بالتواطؤ في عمليات صد غير قانونية، ووقعت في حالة من الاضطراب عندما استقال مديرها
الذي خدم لفترة طويلة في نيسان/ أبريل الماضي.
ويقول المحللون إن تحديات الوكالة
أكبر من أن يواجهها شخص واحد؛ حيث يتنافس القادة الأوروبيون لفرض رقابة أقوى على الحدود،
فقبل أقل من شهرين من عبور حمودي لبحر إيجة؛ أشادت رئيسة المفوضية الأوروبية باليونان
باعتبارها "درعًا" لأوروبا لردع المهاجرين، بعد أن حاول مئات الأشخاص عبور
حدود الاتحاد الأوروبي، بتشجيع من رئيس تركيا.
وأوضحت هان بيرينز، مديرة معهد
سياسة الهجرة في أوروبا، أن الاتجاه القانوني والسياسي هو عدم الإعادة القسرية للاجئين،
لكن كان هناك نوع من الاتفاق البديل في الأشهر القليلة الماضية يحاول إضفاء الشرعية
على عمليات الصد، كما أنها ترى ميلًا متزايدًا من الحكومات للادعاء بوجود
"تناقض متأصل" بين حماية سلامة أراضيهم والحق في اللجوء.
وقالت تينيكي ستريك، التي تترأس
مجموعة "فرونتكس" في البرلمان الأوروبي، إن الوكالة حسنت إجراءاتها منذ إصدار
أعضاء البرلمان الأوروبي تقريرًا دامغًا قبل عام؛ حيث إن "فرونتكس" لديها
مسؤول حقوق إنسان جديد نسبيًا، والذي قال لصحيفة الغارديان إنه يخطط لمراقبة أكثر صرامة
لليونان، لكنه رفض التعليق على حالات محددة.
ومع ذلك؛ أعربت عضو البرلمان
الأوروبي عن قلقها من فشل "فرونتكس" في الاستمرار في التحقيقات عند مواجهة
التعتيم أو عدم اكتمال الإجابات؛ حيث قالت: "من الواضح جدًا أن اليونان غير متعاونة
عندما يتعلق الأمر بهذه التقييمات، إنهم ببساطة لا يعطون إجابة أو ينفون. لذلك يكون
من الصعب جدًا أن تستمر "فرونتكس" في بعض الأحيان. كما أن هناك بعض الحالات
مفتوحة لفترة طويلة، أو في أغلب الأحيان يتم إغلاقها ببساطة لأنه لا يمكن حلها".
وقد
رفضت وزارة الخارجية اليونانية الاتهامات بعدم احترام الحقوق الأساسية، وقالت إن الضباط
في خفر السواحل اليوناني يعملون على مدار الساعة بكفاءة، وبمهنية كاملة مع احترام حياة
الجميع وحقوقهم الإنسانية، كما رفضت الوزارة جميع الادعاءات في قضية حمودي ووصفتها
بأنها: "مزاعم مغرضة بشأن أفعال غير قانونية مفترضة"، مضيفة أن: "الممارسات
العملية للسلطات اليونانية لم تتضمن مثل هذه الإجراءات".
وقالت
"فرونتكس" إنها لن تعلق على القضايا الجارية؛ مشيرة إلى أن الحقوق الأساسية،
بما في ذلك احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، هي في صميم جميع أنشطة الوكالة، كما تتعامل
"فرونتكس" مع أي تقارير عن الانتهاكات المزعومة للحقوق الأساسية بجدية.
واختتمت
الصحيفة تقريرها بالقول إنه بينما لا تزال قضية حمودي جارية؛ يظل مستقبله غير مؤكد؛
حيث لا يزال يأمل في لم شمله مع والده في ألمانيا وأن يحيا "حياة طبيعية هادئة"،
كما لا يزال يشعر بقلق عميق من ذكرياته؛ حيث يقول: "أنا حزين للغاية لأنني ألقيت
في البحر. كلما أتذكر ذلك. أشعر بالحزن الشديد، لكنني أحاول أن أنسى"، وأضاف قائلًا: "عندما
يقولون- أي الاتحاد الأوروبي - نحن نقبل اللاجئين، لماذا إذًا يغلقون الباب؟".
توتر إسرائيلي نرويجي على خلفية وسم منتجات المستوطنات
الغارديان: زعيمة "إخوان إيطاليا" رفضت جذور الفاشية لحزبها