أزاحت شركة جديدة محسوبة على الجيش شركة الشرقية للدخان إيسترن كومباني، التابعة لقطاع الأعمال العام للدولة، بعد عقود من احتكار إنتاج التبغ لأشهر الماركات العالمية.
وتعد "الشرقية للدخان" إحدى أكبر الشركات في مجالها التي تدر أرباحا وضرائب بمليارات الجنيهات سنويا لخزانة الدولة.
وتهدف الحكومة المصرية لتحصيل ضريبة على السجائر والتبغ بقيمة 86 مليار جنيه (4.5 مليارات دولار)، خلال العام المالي الحالي، 2022/ 2022، مقابل 79.1 مليار جنيه في العام المالي الماضي، الذي انتهى في 30 حزيران/ يونيو الماضي.
ومؤخرا، أعلنت شركة "فيليب موريس" مصر للتبغ، التي تنتج سجائر "مارلبورو" و"ميرت"، و "إلـ إم" بأنواعها كافة تغيير اسم المُصنع المطبوع على منتجاتها كافة، إلى "صنع في مصر بالشركة المتحدة للتبغ"، بدلا من "الشرقية للدخان"، وذلك بعد حصول الشركة المتحدة للتبغ على رخصة لإنتاج السجائر التقليدية والإلكترونية في مصر.
ويستهلك المصريون 4 مليارات علبة سجائر سنويا، بمعدل 83 مليار سيجارة سنويا، و 280 مليون سيجارة يوميا.
وكانت شركة المتحدة هي الشركة الوحيدة التي حصلت على رخصة جديدة لإنتاج التبغ من الحكومة العام الماضي، في ظل اعتراض شركات مصنعة للسجائر الأجنبية على كراس الشروط وامتناع أخرى عن المشاركة.
واحتفظت "الشرقية للدخان" بحصة قدرها 24% من الشركة الجديدة التي يكتنف ملاكها الغموض، وليس لديها مصانع لإنتاج السجائر، ولكنها ستنتجها في مصانع الشرقية ذاتها، بحسب بيان الشركة، ما أثار العديد من الشكوك والتكهنات حول هوية الشركة الجديدة، التي أزاحت واحدة من أهم شركات الدولة لصالح مؤسسيين غامضين، أو شركة تم تأسيسها حديثا.
وذكر موقع "إيكونومي بلس" الاقتصادي المحلي، أنه "بين ليلة وضحاها، أصبحت الشركة المتحدة للتبغ تمثل حجر الزاوية في صناعة التبغ بعد حصولها على رخصة بقيمة 450 مليون دولار"، مشيرا إلى أن حصة الشرقية للدخان البالغة 24% مهددة بالتلاشي، بحسب تعديل اتفاق يجبرها على بيع حصتها "للمتحدة" خلال سبع سنوات.
قرن من الاحتكار
وتعمل الشرقية للدخان منذ أكثر من قرن، ويعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1920، وهي مدرجة بالبورصة المصرية، حيث حققت العام الماضي مبيعات قدرها 924 مليون دولار نحو 20 مليار جنيه، وحققت صافي أرباح بقيمة 242 مليون دولار، وتمتلك أصولا بقيمة 1.3 مليار دولار، فيما تبلغ القيمة السوقية للشركة 1.7 مليار دولار، بحسب موقع الشركة على شبكة الإنترنت.
ويبلغ عدد المدخنين في مصر نحو 18 مليون شخص (فوق 15 عاما)، أي نحو 18% من عدد سكان البلاد، فيما بلغ الإنفاق السنوي للأسرة التي بها فرد مدخن نحو 6.2 آلاف جنيه، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وعلى غرار "المتحدة للتبغ"، تمتلك المخابرات العامة شركة "المتحدة للإعلام" التي تستحوذ من خلالها على أهم القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإخبارية، بعد أن أزاحت ملاكها الأصليين من رجال الأعمال، إلى جانب شركة "المتحدة للتسويق الرياضي" التي تستحوذ على عقود إعلانات النوادي الرياضية.
وكان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد أصدر عام 2015 بعد أقل من عام من توليه الحكم، قرارا جمهوريا يتيح للقوات المسلحة تأسيس وإنشاء شركات بمفردها، أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي، ما مهد للجيش الدخول في جميع أنواع الاستثمار المحلي بديلا عن القطاع الخاص، خاصة في المجالات المدرة للمال والمربحة.
اقرأ أيضا: دراسة: الإمارات أكبر مالك لأراضي القاهرة بعد الحكومة المصرية
غموض في السوق المحلي
وبشأن تأثير ذلك على أسعار التبغ والدخان ومشتقاتها، قال سيد العسال، أحد تجار الدخان؛ إن "أي اختلاف في ملكية الشركة لا يغير من الواقع شيئا، ولكن ما حدث، أن أسعار جميع أنواع السجائر ارتفع أكثر من مرة؛ وذلك بسبب لجوء البعض للتخزين خوفا من نقص المخزون".
وأوضح العسال لـ"عربي21": "لا نعلم حتى الآن كيف سيكون التعامل مع تلك الشركة الجديدة، ولا نعلم من هي ومن ملاكها، فهي تابعة لشركة موريس الأمريكية، ولكن من هم شركاء هذه الشركة التي فتح لها باب الاحتكار لتصبح هي الشركة الوحيدة لتصنيع منتجاتها؟".
والشهر الماضي، أعلنت شعبة الأدخنة باتحاد الصناعات، زيادة أسعار السجائر لبعض الفئات بمقدار نحو 5 جنيهات، تزامنا مع فقدان بعض أنواع السجائر من السوق المحلي، بسبب أزمة النقص في المادة الخام المستوردة من الخارج، بحسب ما ذكره إبراهيم إمبابي رئيس الشعبة العامة للدخان والسجائر باتحاد الصناعات المصرية.
وفي اليوم التالي لإعلان تغيير الاسم، نفى رئيس شعبة الدخان والمعسل بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إبراهيم إمبابي، في تصريحات صحفية، تبعية الشركة المتحدة للتبغ لجهاز المخابرات العامة، دون أن يكشف عن هوية المستثمرين الآخرين.
استحواذ الجيش على القطاعات الناجحة
ومن جهته، قال الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف؛ قال الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف؛ إن "هناك تنسيقا حدث بين المتحدة للتبغ التي تمثلها المخابرات العامة والشريك الأجنبي فيليب موريس، بالإضافة لشركة الشرقية للدخان التي احتفظت بنسبة من ملكية الشركة الوليدة"، وهي الشركة الوحيدة التي تقدمت للحصول على رخصة وانسحاب جميع المتقدمين، ما يؤكد أنها تخص جهات سيادية بالدولة".
وأضاف لـ"عربي21"، أن "الهدف من هذه المشاركة الغامضة هي الحصول على مليارات الجنيهات على شكل أرباح وضرائب وإتاوة، بدلا من الدخول في خزانة الدولة وفي جيوب المساهمين في الشركة والعمال، ما يعني مضاعفة دخل المؤسسة العسكرية على حساب الدولة".
وانتقد يوسف "توسع الجيش في القطاعات الاقتصادية الناجحة بما فيها الخاصة أو حتى المملوكة للدولة بشكل مباشر، إما عن طريق الصناديق السيادية أو المخابرات العامة أو المخابرات الحربية، أو حتى الشركات التابعة للضباط الكبار، والفتات يذهب للشرطة والقضاء والشركاء الخليجيين، ومن المعروف أن أي شركة يستحوذ عليها الجيش، لا يكونون فيه مصنعين أو منتجين، إنما وسطاء لجني الأرباح فقط، ولا يشكلون أي قيمة مضافة".
ديون مصر تتخطى "الحد الآمن".. هل تنقذها السعودية والإمارات؟
هل قررت الكويت الاستغناء عن 770 ألف عامل مصري؟
عماد الدين أديب يرصد أسباب سقوط نظام عربي في 2023