الكتاب: "المغرب الذي كان"
المؤلف: والتر هاريس
ترجمة: حسن الزكري
دار النشر: سليكي أخوين، طنجة- المغرب
الطبعة الأولى 2022
مقدمة:
تواترت في السنة الأخيرة ترجمة عدد من الكتابات الأجنبية التي تقدم روايتها عن مرحلة حساسة في تاريخ المغرب الحديث، ترتبط بما قبل الحماية الفرنسية، وبشكل خاص مرحلة ضعف الدولة، وتكالب القوى الاستعمارية عليها، والصراعات التي كانت تدور داخل القصر حول الحكم، وقد تيسر لنا في "عربي21" أن نقدم كتابين مهمين من جنسيتين مختلفتين، الأول، فرنسي (غابرييل فير)، روى في كتابه: "في صحبة السلطان" روايته عن مرحلة السلطان عبد العزيز، وركز ملاحظاته الكثيفة حول بنية السلطة والصراعات التي كانت تخترقها، ونخب المجتمع، وأساليب القوى الاستعمارية في إيقاع المغرب تحت سيطرتها، إذ استقدم للمغرب لتعليم فن الفوطوغرافيا للسلطان المولى عبد العزيز، فأتيحت له الفرصة لتجميع ملاحظاته من داخل القصر، وتقريب مواطني بلاده (أو بالأحرى ساسته) لما يجري من دسائس بين نخب الحكم في المغرب، وأيضا من الوضعية الاجتماعية والاقتصادية التي واجهها المغرب في تلك الفترة.
والثاني صحفي إيطالي، لويجي برزيني، انتدب لتغطية مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906، فاستشكل عليه فهم سبب تكالب القوى الاستعمارية على المغرب لاقتسامه في هذا المؤتمر، فقرر أن يبحث عن الجواب داخل المغرب، فطاف في أهم مناطقه، والتقى نخبه، بما في ذلك سلطان البلاد، وسجل روايته عن المغرب في هذه الفترة ضمن كتابه: "تحت الخيمة انطباعات صحافي إيطالي بالمغرب سنة 1906".
في هذه المراجعة، نقدم كتابا آخر، لصحفي بريطاني (والتر هاريس) كان يعمل لفائدة جريدة "التايمز" البريطانية، جاء إلى المغرب عام 1887، وعاش فيه زهاء خمسة وثلاثين سنة، وعايش ثلاثة سلاطين، حيث أتاحت له الدوائر الدبلوماسية الأوربية، فرصة مهمة للتقرب منهم ومعرفة ما يجري في تلك الفترة الحساسة من دسائس ومؤامرات وما تخللها من صراعات وثورات، وقدم رواية مفصلة عن كثير مما يجرى داخل البلاط الملكي، حيث كان شاهدا على الصراعات الداخلية والأحداث التي عصفت باستقلال المغرب، فكتب كتابه :" المغرب الذي كان" الذي نشر أول مرة باللغة الانجليزية في عام 1921.
ومع الأخذ بالاعتبار الزمن جد المبكر لنشر الكتاب بلغته الأصلية، إلا أن ترجمة هذه الكتاب وغيره، وتقديم طيف متنوع من الشهادات الأجنبية عن هذه الفترة الغامضة في تاريخ المغرب (الفترة التي تهيأت فيها شروط الاستعمار وتكالب القوى الأجنبية لاحتلال المغرب)، يساهم في بناء وعي تاريخي بهذه المرحلة بكل ملابساتها، وتحليل طبيعة صراع القوى الاستعمارية على المغرب، والهوامش التي كان الحكم يتحرك ضمنها، والبيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمغرب في هذه اللحظة، وأثر عوامل الضعف الداخلية في تحرك النوازع الاستعمارية.
الصحفيون أدوات الدبلوماسية الأجنبية.. أو سياق الرحلة للمغرب
يحكي مؤلف الكتاب في الفصل الأول من كتابه بالتفصيل سياق رحلته إلى المغرب، وأنه وفد إلى البلاط الملكي للمرة الأولى سنة 1887 بعد شهور قليلة من وصوله إلى المغرب، وأن ذلك تم بدعوة من الوزير المفوض البريطاني السير ويليام كيربي جرين، لمرافقة بعثته الخاصة إلى السلطان مولاي الحسن.
لم يذكر الكتاب أي تفاصيل عن العلاقة بالسلطان الحسن الأول، سوى ما كان من حديث عن يده القوية وهيبته وقدرته على بسط سلطته على القبائل، وحملاته العسكرية الدائمة لإخماد ثوراتها. تحدث بكلمات قليلة عن سفر بعثة السيد جرين إلى مازاكان (مدينة الجديدة) عبر سفينة حربية، وتوجهها إلى مراكش حيث موعد الاستقبال، وقراءة السير جرين لخطابه أمام السلطان قبل أن يسلم أوراق اعتماده إلى السلطان الحسن الأول.
حاول المؤلف أن يغطي على عدم ندرة المعلومات في لقاء السلطان الحسن الأول بالحديث عن الأجواء الاحتفالية التي مر فيها استقبال المبعوثين الأجانب، مع تقديم لمحة عن الاضطرابات والثورات التي تتسبب فيها القبائل المتمردة، وكيف كان السلطان يتحرك في حملات عسكرية (حركات) لإخمادها، وقدم رواية مفصلة عن موت السلطان الحسن الأول، وكيف أخفى الحاجب باحماد ـ الرجل القوي في الدولة ـ خبر وفاته أثناء قيامه بحملة عسكرية لإخماد ثورة إحدى القبائل، حتى لا تتجرأ على هيبة السلطة وتتوسع حركة التمرد، وذكر في روايته كيف تم إيهام الجنود والعساكر بعدم حدوث شيء، وكيف كانت تقام خيمة السلطان، ويتم إدخال الوجبات إليها، ويم الهتاف باسمه، حتى لا يشعر أحد بموته، وكيف تمت الرحلة بالجثة فوق البغال لمدة خمسة أيام، حتى تحللت، وبعثت بروائح كريهة إلى أن وصلت للقصر، وتم إعلان وفاته وتمت بيعة السلطان الملك عبد العزيز من بعده.
يقر المؤلف بعد ذلك أنه لم يتعرف على السلطان الحسن الأول عن قرب، وأن الفرصة الوحيدة التي تم تقديمه فيها للسلطان الحسن الأول كانت عند مرافقته لبعثة السير جرين، ويفسر ذلك بالصرامة القوية التي كانت عليها المراسيم الملكية (البرتوكول).
يقدم الكتاب معطيات تفصيلية عن الطريقة التي اعتلى بها السلطان عبد العزيز الحكم سنة 1894، وهو ابن ثلاث عشر عاما، ويكشف عن صراع جناحين كانا يتنافسان داخل القصر: فريق الحاجب القوي باحماد، وفريق الصدر الأعظم (الحاج المعطي) وأخوه وزير الحربية (سي محمد الصغير) من جهة أخرى (أولاد الجامعي) اللذان ينتميان إلى عائلة ارستقراطية بفاس، وكيف استثمر الحاجب القوي فرصة سفر الملك من الرباط إلى فاس، حيث حظوة فريقه المنافس وشوكته القبلية ـ فاتهم الأخوين أمام الملك بالخيانة، فأصدر الملك أمرا باعتقال الحاج المعطي والقبض على وزير الحربية سي محمد الصغير وإلقائهما في السجن.
يحكي المؤلف تفاصيل حزينة عن مصير هذين الرجلين، وكيف مات الحاج المعطي في سجن تطوان، وأحجم عامل المدينة عن دفن الجثة، حتى يأذن له القصر بذلك، فبقيت الجثة تتحلل داخل السجن أمام عين الأخ، أحد عشر يوما حتى جاء الأذن بالدفن، وكيف تيسر لوزير الحربية السجين بعد ذلك أن يخرج من السجن في عام 1908، فلم يجد قوت يومه بسبب مصادر أملاكه وفقر زوجته وأبنائه، فاستقر بطنجة، يطوف عليه بعض أصدقائه يقدمون إليه يد المساعدة ليعينوه في معاشه، وكيف بقي على هذه الحال حتى توفي، ليصدر أمر بإقامة جنازة رسمية له، بصفته كان وزيرا للدولة في الحربية !
من الطريف في هذا الكتاب أن مؤلفه الصحفي البريطاني، يقر بأنه كان يعمل لفائدة المصالح الدبلوماسية لبلده، وأنه قدم خدمات جليلة لبلده (معلومات ومهام سرية)، لكنه يقدم نقدا قاسيا لحكومة بلده، بسبب أنها لم تقدر الجهد الذي كان يقوم به، وأنه مع قيامه بمهمة سرية خطيرة استغرقت منه عدة أسابيع، وتحمل فيها صعابا ومخاطر قربته من الموت، إلا أن حكومته لم تصرف له إلا شيكا بقيمة 100 جنيه، مع أن النفقات الخاصة التي صرفها في هذه المهمة، تعدت بكثير هذا المبلغ.
يتحسر المؤلف، ويعبر عن ألمه الشديد، لا لأنه لم يتلق مكافأة مناسبة، ولكن، لأنه بذل جهودا مضنية من أجل إيصال معلومات حساسة إلى بلده تخص البلاط الملكي والقبائل والنخب، ثم لا يتم الاعتراف بفضله، على الأقل، بالكشف عن هوية الشخص الذي يقدم هذه الخدمات الجليلة لبده في المراسلات الدبلوماسية التي كانت ترد منم البعثة إلى الحكومة البريطانية.
الوسطاء التجاريون وانهيار الدولة
على خلاف كتاب غابرييل فير "في صحبة السلطان"وكتاب لويجي برزيني: "تحت الخيمة "، جاء كتاب هاريس أكثر تنظيما وترتيبا، فقد حرص أن يقدم معلومات كثيفة عن عهد السلطان عبد العزيز الذي ارتبط معه بصداقة كبيرة، وكان يجالسه كثيرا في القصر ويتحدث إليه في قضايا حساسة، كما حاول أن يؤطر مرحلة ضعف دولة السلطان المولى عبد العزيز، والصراع الذي نشب داخل القصر حول السلطة، وكيف اعتلى السلطان المولى عبد الحفيظ العرش، متوقفا عند الأسباب العميقة لانهيار الدولة، والتي أجملها في تقاطع مصالح النخب المقربة من السلطان بمصالح القوى الاستعمارية، إذ شكلت هذه النخب ما أسماه المؤلف بـ "الوسطاء التجاريين"، الذين كانوا يستغلون رغبة السلطان في استقدام المنتجات الحديثة، ويقومون بإغراق المغرب بها، بطلب كميات كبيرة، يتقاضون عليها عمولات فاحشة، مع أنها تتقادم ولا يستفاد منها، وتساهم في إغراق البلاد في المديونية للخارج، فيقوى النفوذ ألأجنبي بالمغرب.
لا يقدم المؤلف رواية موضوعية عن سيرة السلطانين، فهو أقرب إلى التعاطف مع السلطان المولى عبد العزيز بسبب العلاقة الوثيقة التي جمعته به، فضلا عن سلاسة مهمته في هذه الفترة، فيذكر السلطان عبد العزيز بجميل الأوصاف، وينزهه عن كثير من السفاسف التي ألصقت به (حب اللهو، عدم الرغبة في الحكم، القمار، مجافاة الدين)، وهو في المقابل، لا يبدي ودا إلى السلطان المولى عبد الحفيظ، الذي حرص أن يصفه بأوصاف شنيعة (عدم اللياقة في الحديث إلى الأجانب، حبه للمال، وتعسفه في طلب المال لنفسه عند تفاوضه مع فرنسا لتسليم المغرب إليها طلبا، لعب الورق والقمار....).
تبدو في الكتاب هذه الثنائية الحدية بين مدح الأول وذم الثاني، لكن تفسير ذلك، لا يعود فقط إلى أسباب ذاتية ترتبط بالمكانة التي كان يحظى بها المؤلف مع الأول، والتي لم يحافظ عليها السلطان المولى عبد الحفيظ، وإنما ترجع أساسا إلى اعتبارات موضوعية ترتبط بجوهر السياسة الخارجية التي اتجه إليها السلطان عبد الحفيظ، وذلك حين اختار الانحياز لألمانيا، حتى يتخفف من الضغط الذي كانت تمثله البعثات الأجنبية الفرنسية والبريطانية، ولذلك ظهرت قلة الود للسلطان عبد الحفيظ في المعلومات الكثيفة التي أوردها عن دهاء السلطان عبد الحفيظ في التفاوض لتسليم المغرب لفرنسا لقاء مصالح مالية شخصية، وكيف كان يستعمل حجة التمايز بين ملك الدولة، وما يدخل في ملك السلطان حتى يلزم الفرنسيين بالأداء بدلا عنه، وحتى يخرج بأكبر ثروة ممكنة لنفسه، بل إنه نقل تفاصيل عن رحلة الملك عبد الحفيظ إلى فرنسا (وقد رحل رفقته مصادفة) وكيف كان يفتعل بتصرفاته غير الأنيقة مشاكل للسلطات الفرنسية وللساكنة بسبب أسلوبه في التعامل مع ملاكين كان يريد شراء عقارات ثمينة منهم.
الريسوني في صورة مجرم سارق مغتصب للأراضي
من الأشياء المثيرة في الكتاب أنه خصص أربعة فصول كاملة للحديث عن سيرة الريسوني، فحاول في الفصل الأول أن يقدم نبذة عنه، بصفته من عائلة شريفة ينحدر نسبها إلى النبي صلى الله علسيه وسلم، وأنه إدريسي، وينتمي إلى عائلة أرستقراطية علمية معروفة، ثم ما لبث أن صوره في صورة مجرم سارق للمواشي وخارج عن القانون، ويستعمل القوة لبسط نفوذه على القبائل ومصادرة الأراضي والممتلكات والتعامل بقسوة شديدة ضد كل من لا يقر له بالولاء.
ثمة توصيف دقيق لأسباب انهيار الدولة والمجتمع، والتي لخصها المؤلف في فساد النخب التي تدور حول الحكم، وتورطها في دفع الحكم إلى مزيد من الانهيار، في سبيل تحقيق مصالحها الذاتية، مع إشارة تتكرر أكثر من مرة، عن فساد البنية الإدارية والعسكرية،
لا يهمنا في هذه المراجعة التحقيق في الأحداث التي يوردها، ولا مناقشة البروفايل الذي يقدمه المؤلف لشخصية الريسوني، ولكن يهمنا التركيز على ثلاث محاور مهمة، أولها تفاصيل اعتقال المؤلف من قبل الريسوني نفسه، وذلك بعد أن اعتقله رجاله حين كان يقوم بجمع معلومات عن معركة قرر السلطان خوضها ضد الريسوني. ففي هذه القصة ثمة معلومات مهمة، عن الصراع بين الطرفين، عن قوة كل طرف على حدة، والوسائل التي كانت تستعمل في المعركة، ونفوذ كل طرف عند القبائل. وأما المحور الثاني، فيهم تفاوض البعثة البريطانية مع الريسوني للإفراج عن المؤلف ومن معه، وكيف كان ثمن ذلك مطالبة الريسوني بإطلاق بعض رجاله الذين اعتقلهم المخزن وتم سجنهم بسجني طنجة والعرائش.
المثير في هذا المحور هو الدور الذي قام به بعض الأعيان الذين كانت يربطهم علاقة متينة بالمؤلف (شريف وزان)، مما يكشف تغلغل الأجانب في البيئة المغربية وكثافة العلاقات الاجتماعية التي نسجوها. وأما المحور الثالث، فيخص مسار الريسوني في رواية المؤلف، وكيف انتقل من متمرد، استغل ضعف موارد الدولة المالية وتنامي حركة استقلال القبائل، ليبني نفوذه، ويستغل قوته وبطشه للسيطرة على الممتلكات والمواشي، إلى باحث عن خيار لتأمين حياة مترفة لا يتعرض فيها لاعتقال السلطان، إلى متصيد فرصة عزل المولى عبد العزيز، مقدم للولاء للمولى عبد الحفيظ، طامع في استعادة نفوذه في المناطق الجبلية، إذ عينه الملك عبد الحفيظ حاكما على جميع قبائل الشمال باستثناء طنجة والمنطقة المحيطة بها.
يصف المؤلف هذا المسار المتغير والمتلون، بعنوان "اللعب على الحبال" ويريد من ذلك أن يرسم صورة كاريكاتيرية عن شخصية براغماتية، لا يهمها سوى مصلحتها الشخصية، وأنها تتكيف مع الظروف وتتصيد الفرص لبناء نفوذها أو استعادته.
يحكي المؤلف كيف تقاطعت مصالح الأجانب والمخزن على السواء لإنهاء نفوذ الريسوني الذي اقترب من طنجة المنطقة الدولية التي كانت تثير حساسية شديدة لها البعثات الدبلوماسية ألأجنبية، وكيف قام بأسر القايد ماكلين مطالبا بمبلغ 20 ألف جنيه استرليني، وكيف طلب أن يصير محميا بريطانيا مقابل الإفراج عن ماكلين. وكان قصده من ذلك أن ينجو من بطس السلطان المولى عبد العزيز.
ملاحظات جديرة بالتأمل
لا نريد في هذه المراجعة استعادة الكلام عن المركزية الكولونيالية التي تؤطر هذا الكتاب، فالرجل صرح أنه كان يقدم خدمة لبلاده، ويبذل معلومات حساسة لها من أجل تقوية نفوذها بالمغرب، لكن يهمنا أن نسلط الضوء على بعض المعطيات المهمة، التي تخص مواقف الأوربيين، وكيف ينظرون إلى النظم السلطانية التي كانت تحكم العالم العربي. فقد تحدث المؤلف طويلا عن قساوة المراسيم السلطانية، وأنها لا تناسب التقاليد الحديثة، وأنها تهين البعثات الدبلوماسية، وتحدث عن مساعي حثيثة لدى السلطان من أجل تغييرها، وأن بعض السلاطين قاموا بتخفيفها والبعض الآخر تشدد في إبقائها ورفض أي مسعى تغييرها. من ذلك إلزام البعثات الأجنبية بالانتظار مدة غير قصيرة من الزمن تحت حر الشمس حتى خروج الملك تحت مظلته التي تقيه حر الشمس. ومن ذلك أيضا، حرصه ألا يمس بيده الرسائل التي تبعث له من الدول الأجنبية، فالمؤلف فسر ذلك بطريقة كاريكاتورية، تقديرا منه أن الرسائل التي ترد السلطان من ألأجانب تأتي من دار الكفر، وأنها نجاسة تتطلب عدم مسها باليد.
ومن الملاحظات الجديرة بالتأمل أيضا، نظرة الأوروبيين إلى المجتمعات العربية، وكيف يبنون خلاصات عنصرية بناء على معطيات تخص فترة من الزمن كانت سمتها البارزة انهيار الدولة والمجتمع، ففي سياق حديثه عن التفاوض لإطلاق سراحه، تحدث عن الفارق بين أسلوب الأوربيين، الذين يستعلمون العقل ويتميزون بدربته على التفكير، وبين المغاربة الذين يباشرون عملية التفاوض دون حضور هذه الدربة والدهاء.
وإلى جانب ذلك، ثمة أحكام كثيفة عن المجتمع، وعن الدولة، وعن النخب، والقبائل والعادات والقبائل تحكمها، ترسخ نظرة دونية عن الآخر غير الأوربي، تكتب بلغة ممعنة في السخرية والإهانة.
وفي المقابل، ثمة توصيف دقيق لأسباب انهيار الدولة والمجتمع، والتي لخصها المؤلف في فساد النخب التي تدور حول الحكم، وتورطها في دفع الحكم إلى مزيد من الانهيار، في سبيل تحقيق مصالحها الذاتية، مع إشارة تتكرر أكثر من مرة، عن فساد البنية الإدارية والعسكرية، وكيف يضطر القياد والعساكر والجنود تحت واقع ضعف مواردهم المالية المكتسبة من السلطة المركزية إلى استعمال نفوذهم للتسلط على المجتمع ونهب أمواله وتحصيل ما لم يحصلوه في رواتبهم.
المفكرون الشموليون لا يعول عليهم للخروج من الغيبوبة الثقافية
الخط المغربي.. مستودع الجمال الأمازيغي الفظّ
العلاقات الأردنية ـ الفلسطينية.. تاريخها وواقعها ومستقبلها