انتقد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الأربعاء، "التدخل الدولي السلبي"، في وقت عبر فيه الاتحاد الأوروبي عن عدم تفاؤله بالوضع الحالي، بينما أعربت الأمم المتحدة عن استمرار دعمها لعملية السلام في البلاد
وقال المنفي خلال كلمة له في الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في المقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك إن التدخل الدولي السلبي ما زال يرسم مسارات من الحلول المتناقضة يدفع بالبلاد إلى أتون مواجهات مسلحة لا تستثني الأبرياء وتقود إلى مواقف سياسية متصلبة لا تقبل المقاربات الوسطية لجسر الهوة والشراكة في الوطن.
وأشار المنفي في كلمته إلى أن استقلال ليبيا "جاء أيضا بعد اتفاق دولي وإقليمي مهد الطريق أمام الآباء المؤسسين لبناء الدولة الليبية في زمن قياسي".
وأوضح أن "موقفاً دولياً مشابهاً لذلك تجاه ليبيا ما زال اليوم بعيداً عن أفق الواقع".
وأردف المنفي: "المصالح الفردية للدول المنخرطة في الشأن الليبي وحروب الوكالة وتضارب الرؤى حول الحل في ليبيا لم تمنح الفرصة للخيار الوطني أن يتشكل".
وكشف رئيس المجلس الرئاسي، عن "محاولة بعض الأطراف السياسية (لم يسمها) جر المجلس إلى دائرة الصراع السياسي".
وطالب المنفي "باستمرار الحوار بين مجلسي النواب والأعلى للدولة لمحاولة الاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
وتابع بأن "ذلك الحوار لا ينبغي أن يستمر دون حدود زمنية"، مؤكدا "استعداده للتدخل من أجل الخروج بالعملية السياسية من طريقها المسدود متى ما استلزم الأمر".
ويشهد الحوار الذي أطلقته الأمم المتحدة عبر مبادرة شكلت بموجبها لجنة من مجلسي النواب الدولة لوضع قاعدة دستورية للانتخابات، تباطؤا في الإنجاز في ظل غياب الوساطة الأممية المتمثلة في المبعوث الأممي عبد الله باتيلي الذي لم يستلم مهامه بعد.
وعن ذلك قال المنفي، إنه "يتطلع إلى دور فاعل للأمم المتحدة من خلال القيادة الجديدة لبعثتها (..) ونحثها على مباشرة العمل لدعم حلول وطنية لما تمر به البلاد من انسداد سياسي فتح الطريق أمام المغامرات والمبادرات الفردية".
وأضاف: "ننظر بإيجابية إلى الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في ليبيا على الرغم مما شابه من تباطؤ في الآونة الأخيرة".
وفي جانب آخر دعا المنفي خلال ذات الكلمة إلى "إعادة الزخم للمسار الاقتصادي في بلاده أحد المسارات الثلاثة لمؤتمر برلين".
واستطرد بالقول إن "ذلك المسار أهملت مخرجاته في ما يتعلق بالشفافية والعدالة في إدارة الموارد النفطية وضبط الإنفاق العام والحد من الفساد".
لقاءات على الهامش
وفي السياق، بحثت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش، الأربعاء، مع مسؤولين أجانب في نيويورك مساعي إنجاح المسار السياسي في بلادها وصولا إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بحسب بيانات رسمية.
وذكرت وزارة الخارجية الليبية، في بيانات متتالية، أن المنقوش عقدت لقاءات منفصلة على هامش أعمال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انطلقت الثلاثاء.
والتقت المنقوش مع رئيس الاتحاد السويسري إغناسيو كاسيس ووزيري خارجية النيجر حسومي مسعود وفنزويلا كارلوس فاريا ومدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أودري أزولاي، ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي.
والتقت المنقوش بمستشار وزارة الخارجية الأمريكية "ديريك شوليت" وسفير الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا "ريتشارد نورلاند".
وناقشت المنقوش معهم "المستجدات السياسية على المستوى المحلي والإقليمي والتأكيد على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية"، بحسب البيان.
فيما أكد المجتمعون مع المنقوش "دعمهم لتكثيف الجهود (لمعالجة الأزمة الليبية) وحث المجتمع الدولي على العمل وفق إطار الأمم المتحدة"، وفق البيان.
تشاؤم أوروبي
وفي سياق الأحداث، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، إنه لا يمكن اختراع آليات جديدة في ليبيا كل أسبوع.
وأضاف بوريل خلال مؤتمر صحفي في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إن "ما يحاولون فعله هو استخدام الأدوات الموجودة وجعلها تعمل"، معبرا عن أسفه لعدم إحراز تقدم في الملف الليبي.
وعزا المسؤول الأوروبي أسباب تعثر الحلول في ليبيا، إلى وجود انقسامات داخلية يغذيها وجود حكومتين تدعم كل واحدة منهما أطراف دولية ما يصعّب العمل في تلك الظروف، على حد تعبيره.
وأكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي أنّ ليبيا واحدة من الدول الغنية في العالم، ولكن من الصعب محاولة دعمها، وذلك بسبب عدم الاستقرار السياسي هناك، مضيفا أنه لا يمكن أن يكون متفائلا جدا حول الوضع في ليبيا.
الأمم المتحدة.. دعمنا مستمر
وفي السياق، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اليوم الأربعاء، عن التزامها بتحقيق السلام في ليبيا عبر عملية شاملة يقودها ويملك زمامها الليبيون.
وأكدت البعثة في منشور عبر صفحتها على "فيسبوك" بمناسبة اليوم الدولي للسلام، أنها "تواصل العمل مع جميع الأطراف الليبية الفاعلة لتحقيق تقدم في عملية السلام والوصول إلى الانتخابات التي يطالب بها الشعب الليبي".
وفي 19 كانون الثاني/ يناير 2020 عقد مؤتمر برلين حول ليبيا في ألمانيا بحضور حكومات 16 دولة ومنظمه وقعوا آنذاك بحضور أطراف الأزمة الليبية على بيان ختامي مكون من 55 بندا لحلول لأزمة ليبيا ضمن ثلاثة مسارات، سياسي واقتصادي وأمني.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين؛ الأولى حكومة فتحي باشاغا التي كلّفها البرلمان، والثانية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.
وذلك الصراع السياسي تحول نهاية آب/ أغسطس المنصرم إلى مواجهات مسلحة في طرابلس بين قوات تابعة للدبيبة وأخرى مؤيدة لباشاغا ما أسفر عن مقتل 32 شخصا جلّهم مدنيون.
وتعثرت جهود تبذلها الأمم المتحدة لتحقيق توافق ليبي حول قاعدة دستورية تُجرى وفقا لها انتخابات تفضي إلى الانتقال إلى مرحلة استقرار منشود.
دعوات عربية ودولية لوقف الحرب بطرابلس.. وإدانات