كان من المفترض أن تعود كلود قطيش، المعلمة بالمرحلة الثانوية،
وابنتها المراهقة وابنها البالغ من العمر عشر سنوات، إلى صفوف الدراسة منذ أسابيع، لكن
الأزمة في قطاع التعليم بلبنان تركتهم يتسكعون في المنزل.
فقد أدى الانهيار المالي في لبنان، المستمر منذ ثلاث سنوات، إلى خفض قيمة الليرة بشدة، واستنزاف خزائن الدولة، ما دفع 80 بالمئة من السكان إلى براثن
الفقر، وأضر بالخدمات العامة، من بينها المياه والكهرباء.
كما أدى إلى أن تظل المدارس العامة مغلقة حتى الآن هذا العام الدراسي، إذ نظم المعلمون إضرابا مفتوحا بسبب انخفاض رواتبهم بشدة، كما تخشى إدارات
المدارس من عدم تمكنها من تأمين الوقود اللازم للحفاظ على الإضاءة والتدفئة خلال فصل
الشتاء.
وعلّمت كلود قطيش (44 عاما) الأدب الفرنسي في المدارس الحكومية
اللبنانية نصف عمرها بالضبط.
لكن منذ عام 2019، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95 بالمئة
من قيمتها، وزادت التكاليف الأخرى بشكل كبير، بعدما رفعت الحكومة الدعم عن الوقود، وارتفعت
الأسعار العالمية.
وكان راتب كلود قطيش الشهري يبلغ في السابق حوالي ثلاثة آلاف
دولار، لكنها تتقاضى الآن ما يعادل مئة دولار، ما اضطرها إلى التفكير في اتخاذ قرار
صعب الصيف الماضي، بشأن إما إعادة ابنيها إلى مدارس خاصة باهظة الثمن، أو تحويلهما إلى
نظام تعليم عام يصيبه خلاف على الرواتب بالشلل.
قررت أخيرا وضع أبنائها في المدارس الحكومية؛ نظرا لتراجع دخلها وارتفاع
أقساط المدارس الخاصة.
وبحلول أيلول/ سبتمبر، لم يكن هناك تقدم يذكر في زيادة الرواتب
بالنظر إلى خزينة الدولة المستنزفة في لبنان. وفي الوقت نفسه، كانت مدرسة أبناء كلود
قطيش الخاصة تطلب دفع أغلب المصروفات الدراسية بالدولار نقدا؛ كي تضمن قدرتها على تحمل
تكاليف الوقود الباهظة والاحتياجات المستوردة الأخرى.
وقد تصل المصروفات السنوية بذلك إلى 500 دولار للطالب، بالإضافة
إلى 15 مليون ليرة أو حوالي 400 دولار.
ما زالوا في المنزل
رغم أن زملاءهم السابقين في الفصل يرتدون زي مدرستهم الخاصة،
فليس لدى كلود قطيش وابنيها فكرة واضحة حتى الآن عن موعد عودتهم إلى الدراسة.
فوفقا لوزارة التعليم العالي، يعتمد نظام التعليم في لبنان
اعتمادا كبيرا منذ فترة طويلة على المدارس الخاصة، التي تستقبل ما يقرب من 60 بالمئة
من طلاب البلاد البالغ عددهم 1.25 مليون طالب.
ومع ذلك، اضطرت الأسر إلى التحويل بسبب الضغط الذي فرضه عليها
الانهيار المالي في لبنان. وقال البنك الدولي إن حوالي 55 ألف طالب انتقلوا من المدارس
الخاصة إلى المدارس الحكومية في العام الدراسي 2020 2021 وحده.
أضاف البنك الدولي أن التعليم الحكومي يعاني تاريخيا من نقص
التمويل مع تخصيص الحكومة له أقل من اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام
2020، وهو أحد أدنى المعدلات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما أدت مجموعة من الضغوط على مدى السنوات القليلة الماضية
من تدفق للاجئين السوريين اعتبارا من عام 2011 إلى جائحة كوفيد-19 وانفجار المرفأ الذي
دمر بيروت إلى زيادة صعوبة الوضع في المدارس.
اقرأ أيضا: "إضراب المعلمين" يؤجل عودة المدارس في لبنان أسبوعين
وقال إدوارد بيجبدير، رئيس منظمة الأمم المتحدة للطفولة
(يونيسف) في لبنان، لرويترز، إن حوالي ثلث الأطفال في لبنان، ومن بينهم الأطفال السوريون،
لا يذهبون إلى المدرسة.
وتابع: "لدينا أرقام مقلقة من زيادة عدد الأطفال الذين
يتم توظيفهم في لبنان، بالإضافة إلى تزويج الفتيات في سن مبكرة".
ووجدت دراسة أجرتها "يونيسف" هذا العام أن 38 بالمئة
من الأسر خفضت نفقاتها التعليمية مقارنة مع 26 بالمئة فقط في نيسان/ أبريل 2021. وهذا
التوجه يجعل العودة إلى الدراسة أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ويأمل البعض في إعادة فتح المدارس في تشرين الأول/ أكتوبر، على الرغم من أنه لم يكن هناك أي إشارة من الحكومة على ذلك.
وقال بيجبدير: "هناك نوع من السباق مع الزمن لضمان
(الافتتاح) في الأسبوع الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، سنفتتح (المدارس) بالشكل الصحيح".
هل يُشعل حقل كاريش حربا جديدة بين حزب الله وإسرائيل؟
ماذا يعني تكليف لبنان عباس إبراهيم بملف اللاجئين السوريين؟
لماذا تصفي مصر أقدم شركة مزودة لصناعة الحديد والصلب؟