انطلقت فعاليات قمة المناخ على مستوى قادة الدول، الإثنين، ولمدة يومين في شرم الشيخ شرقي مصر.
وافتتح رئيس مصر بعد الانقلاب عبد الفتاح السيسي فعاليات الشق الرئاسي من القمة، وتتضمن كلمات ومناقشات بشأن قضايا أبرزها الانتقال العادل لتنفيذ الالتزامات المناخية والأمن الغذائي والتمويل المبتكر للمناخ والتنمية.
وقال السيسي إن مؤتمر المناخ سيكون قمة لتنفيذ الالتزامات والتعهدات بشأن مواجهة التغيرات المناخية وإلا سيدفع الجميع "ثمنا باهظا"، داعياً بالوقت ذاته إلى وقف الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف السيسي في كلمته: "ملايين تتابع مؤتمرنا وتطرح أسئلة صعبة عن تحقيق أهداف مواجهة التغيرات المناخية وتحمل مسؤوليتنا كقادة للعالم مع أخطار قضايا القرن".
وأكد أن "تحقيق تلك الأهداف ليس مستحيلا، لكن لو توفرت الإرادة الحقيقة والنية الصادقة (..) وتجاوز الشعارات والكلمات والتنفيذ العادل والسريع؛ لتعزيز العمل المناخي المشترك، وترجمة ما يصدر من نتائج لاجتماعاتنا لواقع ملموس".
وحذر من استمرار "معاناة ملايين البشر من كوارث مناخية تتسارع وتيرتها وتزداد حدتها على نحو غير مسبوق في شتى أنحاء كوكب الأرض".
وأضاف قائلا: "قمتنا أسميناها قمة التنفيذ للالتزامات المناخية"، محذرا من "ثمن باهظ سيدفع حال التراجع عن تنفيذ تلك الالتزامات" .
والتقط القادة الذين وصلوا لمقر القمة صورا تذكارية قبل انطلاق الاجتماع على المستوى الرئاسي.
وسبق الاجتماع استقبال السيسي وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عددا كبيرا من القادة أبرزهم الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون والبلغاري رومين راديف والفنزويلي نيكولاس مادورو وملك الأردن عبد الله الثاني وولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
ست أزمات
ويواجه نحو 110 من قادة العالم، ست أزمات خلال حضورهم قمة "كوب 27"، ومع مشاركة مزيد من القادة، في مقدمتهم جو بايدن (يصل الجمعة المقبل)، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء بريطانيا الجديد ريشي سوناك، يناقش القادة التحديات المناخية، والسياسية.
ومن المتوقع أن يطالب ريشي سوناك، من مصر، بالإفراج عن الناشط المعتقل علاء عبد الفتاح، الحامل للجنسية البريطانية، والذي دخل في مرحلة إضراب كامل عن الطعام والشراب.
في حين يغيب الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وأمام قادة العالم 6 أزمات رئيسية، سيطرحون حلولا لمواجهتها، هي: الاحترار الآخذ بالارتفاع، والغزو الروسي على أوكرانيا، والتضخم الجامح، وخطر وقوع ركود، وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية، وأزمة الغذاء في حين سيتجاوز عدد سكان العالم الثمانية مليارات نسمة.
وقال سايمن ستيل مسؤول المناخ في الأمم المتحدة لدى الافتتاح الرسمي لـ كوب27 الاثنين: "كل الأزمات مهمة لكن ما من أزمة لها تداعيات كبيرة" مثل الاحترار المناخي الذي ستُواصل عواقبه المدمرة "التفاقم".
إلا أن الدول لا تزال متّهمة بالتقصير في ما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار. وينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 بالمئة بحلول العام 2030، لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 طموحا، ويقضي بحصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.
لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف، فإنها ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 5 و10 بالمئة ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2.4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي.
غير أنّه مع السياسات المتّبعة راهنًا، يُتوقّع أن يبلغ الاحترار 2.8 درجة مئوية وهو أمر كارثي، على ما تفيد به الأمم المتحدة.
وفي مؤشر إلى "التراجع" الذي يخشاه كثيرون، وحدها 29 دولة رفعت إلى كوب 2021 خططا بزيادة تعهداتها بخفض الانبعاثات رغم أنها أقرت "ميثاقا" يدعوها إلى القيام بذلك.
وستكون الإعلانات المحتملة حول خفض إضافي للانبعاثات موضع ترقب كبير في شرم الشيخ.
ويترقّب العالم باهتمام الإعلانات المتعلّقة بالمساعدات إلى الدول الفقيرة وهي عادة أكثر البلدان عرضة لتداعيات الاحترار المناخي، حتى وإن كانت مسؤوليّتها فيها محدودة إذ إنّ انبعاثاتها من غازات الدفيئة قليلة جدا.
وفي بادرة، يأمل كثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، قرر المندوبون إلى كوب27 الأحد للمرة الأولى إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة من الاحترار على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر.
وتُقدّر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويُتوقّع أن تستمر بالارتفاع الكبير.
فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها في أضرار قُدّرت بأكثر من 30 مليارا.
اقرأ أيضا: المشاركون بقمة المناخ يتفقون على مناقشة "ملف التعويضات"
صدمة لناشطي المناخ
تلقى ناشطو المناخ، وحماية البيئة، صدمة بتبدد آمالهم بالاحتجاج في قمة شرم الشيخ، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة.
وبرغم تمكن بعض ناشطي البيئة من حمل لافتات أمام قاعة القمة، للمطالبة بالتوقف عن الإضرار بالمناخ، إلا أن التشديدات الأمنية حالت دون تنظيمهم تجمعات كبيرة، ومسيرات كما كان مخططا له.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن ناشط المناخ الأوغندي نيومبي موريس الذي حضر إلى مصر، قوله إنه شعر بالقلق منذ وصوله إلى مطار شرم الشيخ، بسبب التشديدات الأمنية.
موريس الذي يرأس منظمة "إيرث فولنتيرز" غير الحكومية، قال: "سعدت جدا عندما أعلنوا أن مؤتمر كوب سيعقد في أفريقيا. ظننت أنني ربما أحصل على فرصة في أن أكون موجودا في القاعة التي تجرى فيها المفاوضات".
وتابع: "شعرت بالقلق ما إن وصلت إلى مطار شرم الشيخ، عندما راح مسؤولو الأمن المصريون يوجهون لي الأسئلة. بدأوا يسألون عن أسمائنا وجوازات السفر والأماكن التي سنقيم فيها".
وأوضح أنه بعد ذلك "لن يكون سهلا علينا الاستمرار في خطتنا".
وأضاف: "علينا التفكير مليا قبل تنظيم مسيرة أو القيام بشيء ما، ماذا لو تتبعوا أحدنا وتم القبض عليه؟".
وقال موريس الذي كرّمته بريطانيا في حزيران/ يونيو بمنحه جائزة بعنوان "بطل الأرض"، إنه جاء إلى قمة المناخ ليُمثّل مجتمعه "وكذلك أمّي التي فقدت مزرعتها وبيتها سابقا في العام 2008، عندما ضربت الفيضانات قريتي وتسببت في تشريد أكثر 400 شخص بينهم أفراد عائلتي".
وأضاف: "أنا هنا اليوم لطلب التعويض وأنا أعلم أنّ رؤساءنا هم من يُفترض بي سؤالهم عن هذا التعويض، خصوصا بعد العام 2009 عندما وافقوا على ضخ 100 مليار دولار لم نر منها شيئا إلى اليوم".
قلق حقوقي
وتُبدي منظّمات حقوقيّة قلقها من توقيفات حصلت للجم الاحتجاجات. وقال آدم كوغل، المدير المساعد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، إنّه "مع وصول المشاركين إلى كوب 27 يتّضح أنّ الحكومة المصرية لا تنوي تخفيف الإجراءات الأمنية التعسّفية والسماح بحرّية التعبير والتجمّع".
وقالت مصر إنها خصصت مساحة للنشطاء في شرم الشيخ للتظاهر والتعبير عن الرأي ولكن بعد إخطار السلطات وموافقتها، مع ضرورة توفير معلومات حول أسماء المنظّمين وتفاصيل حول المسيرة المقرّرة.
ويقول الناشط الأوغندي: "السؤال هو، هل تظنّ أنّهم سيوافقون؟".
وذكر موريس أنّ السلطات المصرية أوقفت الناشط الهندي المدافع عن البيئة أجيت راجاغوبال قبل أيام من انطلاق قمّة المناخ، فيما كان يستعدّ للقيام برحلة رمزيّة مشيًا على الأقدام من القاهرة إلى شرم الشيخ مسافة 500 كيلومتر.
وتابع: "أوقف راجاغوبال لمدة وجيزة إلى جانب المحامي الذي جاء للدفاع عنه قبل أن يُطلق سراحهما".
وقال موريس: "بعد الذي حصل مع هذا الناشط الهندي، كيف نطمئن إلى أنهم سيتركوننا وشأننا؟".
البرلمان العربي يرفض نوايا نقل سفارة بريطانيا إلى القدس