رياضة دولية

أزمة إصابات قبل المونديال.. هل توقيت البطولة هو السبب؟

أكدت الصحيفة على أن الأندية ستعمل مع المنتخبات للحد من مخاطر الإصابة- جيتي

نشرت صحيفة "ذا أتليتيك" الأمريكية تقريرًا ورد فيه أن هناك اعتقادا بأن اللاعبين أكثر عرضة للإصابة قبل كأس العالم قطر 2022 بسبب توقيت تنظيمه، في حين يرى آخرون بأن الأمر سيكون هو نفسه عند تنظيم المونديال في الصيف؛ حيث يكون اللاعبون مرهقين جدًا في نهاية الموسم.


وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن آمال بن تشيلويل أو رفائيل فاران أو سون هيونج مين في اللعب بكأس العالم تعرضت للخطر؛ حيث رأوا جميعًا آمالهم في اللعب في البطولة تتبدد بسبب الإصابات التي لحقت بهم في الأسبوعين الماضيين.

وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت إقامة البطولة في الشتاء تزيد من احتمال خسارة المزيد من اللاعبين مقارنة بالنسخ السابقة من البطولات السابقة؟ مبينة أن هناك سببا للاعتقاد بأن اللاعبين أكثر عرضة للإصابة قبل كأس العالم الشتوي، وذلك لأن جدول أعمالهم يكون أكثر ازدحامًا قبل البطولة ومعسكرات الإحماء ستكون أقصر.


ولفت بريندان رودجرز، مدرب ليستر سيتي، الانتباه إلى هذه المسألة؛ حيث ناقش إصابة تشيلويل، الذي لعب معه حتى سنة 2020 مشيرًا إلى أنه "بالنسبة للاعبين، قد تكون هذه هي فرصتهم الوحيدة للعب في كأس العالم، والذين سيقدمون فيه أفضل ما لديهم على الرغم من أنهم متيقنون أن إصابة واحدة يمكن أن تبعدهم عن البطولة؛ مؤكدا أن الجميع يرى أن توقيت هذه البطولة غير مثالي".

وحسب البيانات التي توصلت إليها الصحيفة فإن هناك 42 إصابة بين 13 فريقًا من المنتخبات التي ستلعب في البطولة. ومن بين هذه الإصابات، فإن الغالبية العظمى أي 88.1 بالمائة من هذه الإصابات هي مشاكل في الأنسجة الرخوة والعضلات، وكانت هناك تسع إصابات في أوتار الركبة وثماني إصابات في الركبة نفسها.


ووجدت إنجلترا نفسها متأثرة بشكل خاص في الدفاع، حيث يواجه كل من ريس جيمس (إصابة في الركبة) وكايل ووكر (إصابة في الفخذ) وبن تشيلويل (إصابة في أوتار الركبة) جميعهم خطر التغيب عن البطولة، وتعرّض لاعب خط الوسط الدفاعي كالفين فيليبس لإصابة في الكتف منذ منتصف أيلول/ سبتمبر، كما يعاني المنتخب الفرنسي سلسلة من الإصابات.


وأشارت الصحيفة إلى أنه تم استبعاد لاعبي خط الوسط نجولو كانتي وبول بوغبا، اللذين بدآ معًا في نهائي كأس العالم 2018، بسبب مشاكل في أوتار الركبة والركبة على التوالي، بينما تم استبعاد المدافعين ويسلي فوفانا (بسبب إصابة في الركبة) ولوكاس هيرنانديز (إصابة في عضلة المحّار المقربة) ورفائيل فاران (إصابة في الفخذ)، وجول كوندي (إصابة في الفخذ). 

ومن أمريكا الجنوبية، يعاني المهاجمون الأرجنتينيون أنخيل دي ماريا وباولو ديبالا من إصابات ويبدو أن الأخير على وجه الخصوص من غير المرجح أن يساهم في صنع نجاح منتخب قطر، ومن اللاعبين الآخرين الذين سيغيبون عن البطولة بالتأكيد مهاجما البرتغال ديوجو جوتا وبيدرو نيتو وكذلك قائد هولندا السابق جورجينيو فينالدوم الذي كسرت ساقه في آب/ أغسطس.


هل هذا أسوأ من نهائيات كأس العالم السابقة؟

وحسب قاعدة بيانات دينيري، من الممكن حساب عدد اللاعبين المصابين في نهاية الموسم (أي قبل إقامة كأس العالم الصيفي عادةً) ومقارنتها بعدد اللاعبين المصابين حاليًا (أي قبل بطولة قطر العالمية مباشرةً). نظرًا لطول فترة التعافي قبل كأس العالم الصيفي، قامت البيانات بتصفية الإصابات الصغيرة التي لم يتجاوز وقت التعافي منها أسبوعًا واحدًا. واعتبارًا من نهاية الأسبوع الماضي، تعرض 39 لاعبًا في الدوري الإنجليزي الممتاز لإصابات من شأنها أن تبعدهم عن الملاعب لمدة أسبوع أو أكثر.

 

ووفقًا لبيانات دينيري، فليس من المرجح أن يكون اللاعبون المعرضون للإصابة أثناء دخولهم كأس العالم هذه أكثر من عدد اللاعبين الذين تعرضوا للإصابات في البطولات الصيفية السابقة.

وتطرح الصحيفة تساؤلًا آخر، وهو: هل كان تشرين الثاني / نوفمبر الحالي مستنزفاً بشكل خاص؟ فجداول مباريات كأس العالم تعني أن المزيد من المنافسات قد تم حشدها في بداية الموسم، وستكون الفرق قد لعبت 15 مباراة بحلول فترة توقف كأس العالم، أي أكثر من الموسم الماضي بأربع مباريات.

ووفقًا لبيانات دينيري، فإن هذا لم يؤد بعد إلى المزيد من الإصابات، فقد تم تسجيل 101 إصابة في الأنسجة الرخوة والعضلات خلال الأسابيع العشرة الأولى من الموسم، مقارنة بمتوسط 109.75 إصابات خلال المواسم الأربعة السابقة.

ما رأي العلماء؟

وأشارت الصحيفة إلى أنه بوجود جدول زمني مزدحم، قد يكون النهج المنطقي هو التفكير في أن المزيد من اللاعبين سيكونون في "المنطقة الحرجة" في نوفمبر / تشرين الثاني مقارنة بنهاية الموسم، وكذلك اللاعبون في نهاية الموسم يعانون من المزيد من الإرهاق المتراكم - إذن أين تكمن الإجابة من منظور علمي؟

يعتقد الخبير الرياضي روبن ثورب أن البيانات ببساطة غير موجودة حتى الآن لإظهار ما إذا كان اللاعبون أكثر عرضة للإصابة خلال بطولة كأس عالم تقام في الشتاء.

ويوضح قائلاً: "سيتم تسليط الضوء على كل قضية حدثت في الشهر السابق أو نحو ذلك. هناك العديد من العوامل التي تساهم في إصابة اللاعبين، ومن الصعب للغاية محاولة السيطرة عليها أو حتى محاولة التنبؤ بها".

وبحسب الصحيفة، قال العالم الرياضي كريس بارنز: "نحن الآن في فترة انتقالية. قبل عشرة أعوام، كان اللاعبون يتمتعون بفترة راحة أطول بعد الموسم، وتصبح هذه الفترات الآن أقصر وأقصر، خاصة بالنسبة للاعبين الدوليين؛ حيث يلعب بعض اللاعبين الآن 12 شهرًا كل عام، ومن البديهي اعتقاد أن اللاعبين سيكونون أكثر نشاطًا في الشتاء، ولكن بدون راحة بعد الموسم، كيف نعرف ذلك حقًا؟".

ويضيف: "لم نشهد نهائيات كأس العالم في منتصف الموسم"، ويتابع: "هذه الفترة عادة ما تكون مزدحمة، ونلاحظ زيادة طفيفة في الإصابات التي يمكن الوقاية منها، مثل تلف الأنسجة الرخوة"، ويؤكد: "إن هذا أمر مثير حقًا لأن بطولة كأس العالم سيكون أمامها أسبوع واحد فقط قبل انطلاقها".

وشدد على أنه "بسبب قرب انطلاق البطولة، سيكون هدف كل مدرب عند وصولهم إلى المعسكر هو الاستعداد التكتيكي. من الناحية التاريخية؛ في نظر بعض المدربين، تمت معاملة الاستعدادات الطويلة لكأس العالم لمدة أربعة أو خمسة أسابيع على أنها موسم تمهيدي صغير، بالإضافة إلى موسم مكثف".

ويفضل ثورب التفكير في مخاطر الإصابة من حيث تسلسل اللعبة - الفجوات المتفاوتة بين المباريات - وليس من خلال المقياس الأكثر بساطة للوقت من العام؛ حيث يقول: "شخصيًّا، أعتقد أن المكان الذي يجب أن يركز عليه النقاد هو الانتقال من كأس العالم مرة أخرى إلى دوريات الأندية، بدلاً من الفترة التي تسبق البطولة".

كم عدد اللاعبين الموجودين في "المنطقة الحمراء" والمعرضين لخطر الإصابة؟

وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من اختلاف تعريفها الدقيق بين الأندية، إلا أن "المنطقة الحمراء" تمثل فعليًّا نقطة خطر في مقاييس اللياقة والتعافي الخاصة بالنادي، والتي تحدد مدى اقتراب اللاعب من ذروة الأداء ومخاطر تعرضه للإصابة.

على سبيل المثال؛ فإن لاعبي ليفربول يتم تصنيفهم تحت رموز ملونة مثل الأحمر أو الأخضر أو الأصفر، حيث يدرس فريق العمل كيف تختلف معدلات ضربات قلب اللاعبين والاستجابات الجسدية مقارنة بالمعدلات الطبيعية المُقاسة مسبقًا، ويتم فحص اللاعبين أيضًا للتحقق من حركتهم وقدرتهم على القفز وقوتهم المتساوية من أجل الكشف عن أي علامات خفية للإرهاق.

وأكدت الصحيفة - في ختام تقريرها - على أن الأندية ستعمل مع المنتخبات للحد من مخاطر الإصابة، كما يوضح بارنز: "في منافسات اليوم، يتم رسم خريطة ومراقبة كل شبر وكل ملليمتر يغطيه اللاعب أثناء التدريب"، ويضيف: "لم تكن الفرق أبدًا مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع متطلبات كأس العالم أكثر من هذا. فلديهم المزيد من البيانات، ولديهم طاقم عمل مؤهل ومجهز بشكل أفضل ولديهم لاعبون أكثر مرونة واستعدادًا من أي وقت مضى".

 

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)