كشف تحقيق للاتحاد
الدولي للصحفيين الاستقصائيين، عن تفاصيل محاولة زعيم عصابة دولية لتجارة
المخدرات شراء أسطول من طائرات النقل العسكري المصري، من أجل البحث عن ملاذ آمن
وقواعد جديدة قريبة من مسارات تهريب المخدرات في أفريقيا، باستخدام شركات مسجلة
إحداها في دبي بالإمارات.
وأوضح التحقيق، الذي ترجمته "عربي21"، أن
بارون المخدرات الدولي، كريستوفر كيناهان، سعى من خلال شركة تدعى "سي
دريم" لشراء 9 طائرات نقل عسكرية مصرية، من طراز de
Havilland Canada DHC-5، من القوات الجوية المصرية.
واستهدف كيناهان شراء
هذا النوع من الطائرات بسبب قدراتها في الإقلاع والهبوط، وتظاهر بأنه مستشار
للطيران في المجال الإنساني، بمساعدة امرأة هولندية الجنسية، كما يشاركه في أعماله
القذرة -بحسب التقرير- 3 من أبنائه، وكلهم ملاحقون من قبل السلطات الأمريكية،
ويستخدمون شركات في دبي وسنغافورة وملاوي.
كيناهان (يمين) مع وود في شرم الشيخ
وكشف التحقيق أن كيناهان الأب يحمل جوازي سفر
إيرلنديا وبريطانيا، ويتحدث بلهجة أنجلو إيرلندية، وعاش في إسبانيا وبلجيكا، وبمقدوره
التحدث بالفرنسية والهولندية والإسبانية.
وكان مقره في دبي، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية، وقدم نفسه عبر
الإنترنت كمستشار في مجال الطيران والأعمال، تحت اسم كريستوفر فينسنت، وهناك
مكافأة من الحكومة الأمريكية، قدرها 5 ملايين دولار، مقابل الحصول على معلومات
تدينه أو تؤدي إلى اعتقاله.
وكانت محاولة كيناهان شراء طائرات من مصر جزءا من محاولاته من أجل
الحصول على طائرات عسكرية قديمة في أفريقيا، تحت غطاء طائرات لرحلات إغاثة وسياحة،
والتجارة بقطع غيار الطائرات، وتقديم الخدمات الإنسانية للمنظمات الدولية.
وخلال سعيه لإبرام الصفقة مع القوات الجوية
المصرية، كان كيناهان يواجه تهما بتزوير جواز سفر في إسبانيا، وتزوير وثائق سفر
بريطانية وإيرلندية، وكان اسمه منتشرا في العديد من التقارير الإخبارية، في مسائل
تتعلق بجرائمه.
وود مع الدسوقي خلال المفاوضات مع الجيش المصري
ولعب شخصان يدعيان آدم لينكولن وودنجتون وود،
وهما موثوقان لدى كيناهان، الدور الكبير في الصفقة، لشراء الطائرات بواسطة "سي
دريم"، شركة CV Aviation Consulting Services DWC-LLC ومقرها دبي.
وقال التحقيق إن دبي، الملاذ الضريبي والسري في
الشرق الأوسط، كانت موطنا للعديد من شركات كيناهان، وعمل تحت إطار شركات في قطاعات
الأغذية والمنسوجات والطيران، لكن السلطات في دبي قالت إنها كانت على الأرجح لغسيل
الأموال ونقل المخدرات.
ومن بين شركاء كيناهان رجل أعمال من عائلة
إماراتية مؤثرة، يدعى سمير حسين حمدان حبيب سجواني.
شرم الشيخ
وحول تفاصيل الصفقة، قال التحقيق إن كيناهان
و"وود" حضرا مؤتمرا للطيران في منتجع شرم الشيخ عام 2019، واستضاف
برنامج الغذاء العالمي، وافتتحه وزير الطيران المدني السابق الفريق يونس المصري،
الذي كان حتى عام قبله قائدا للقوات الجوية المصرية.
وكشف برنامج الغذاء العالمي لمعدي التحقيق الاستقصائي، أنه لا يملك أي
سجلات لأحد المدعوين من عائلة كيناهان، وقال إن حامل جواز السفر المسمى "كريستوفر فنسنت كيناهان" مسجل
باسم "كريس فنسنت" عند مكتب تسجيل الوصول في الفعالية، وعرف نفسه على
أنه "مستشار" مؤسسة "صلبان وأهلة" الخيرية.
وعقب وقت قصير من المؤتمر، في 8 كانون الثاني/ يناير2020، حدث اتصال بين
شركة كيناهان في دبي والجيش المصري، عبر مديرها الإداري ويدعى إبراهيم الدسوقي،
مع ملحق وزارة الدفاع المصرية في أبوظبي، العميد هشام نبيل منير، لشراء 9 طائرات نقل
عسكري مقابل 8 ملايين دولار.
وبعد شهر تقريبا، أرسل الملحق المصري قائمة إلى "سي دريم"
بالطائرات المعروضة للبيع، بمخاطبة رسمية، وتكشف أن القوات المصرية عرضت بيع 30
طائرة نقل من طرازات مختلفة على كيناهان.
وقال التحقيق إن الملحق عقب فترة وجيزة صرح بأن القوات الجوية المصرية أعطت موافقة على إجراء معاينة ميدانية لكيناهان، في قاعدة ألماظة الجوية في
القاهرة، وطلب نسخا من جوازات سفر فريق المعاينة الميداني، الذي كان يضم أحد أبرز
الموثوقين لدى كيناهان وهو "وود".
وخلال التفاوض بين الطرفين، استمر وود والدسوقي في التواصل مع
كيناهان، وكانوا واثقين من إبرام الصفقة، لشراء 9 طائرات فقط، مشيرين إلى نقلهم
ملايين الدولارات لتغطية العملية، وقال الدسوقي في مراسلات حصل عليها اتحاد الصحفيين:
"سأنتظر حتى يتم تحويل 10 ملايين دولار لتغطية التكاليف".
سنحقق أحلامكم
وكشف التحقيق عن زيارتين أجراهما فريق كيناهان إلى مصر، لمعاينة
الطائرات، ومناقشة الصفقة، ما بين عامين 2020-2021، والتقوا بأربعة من ضباط القوات
الجوية المصرية، وخلال إحدى اللقاءات قال الضابط للزوار: "نحن هنا للتأكد من
أن أحلامكم تتحقق".
وسمحت الصفقة لشركة "سي دريم" بجلب حوالات إلى القوات
الجوية، ومستودعاتها، لنقل المعدات المشتراة، ومنحت إذنا من أجل إزالة أي أعلام مصرية،
أو أرقام ذيل مثبتة على الطائرات، وتضمن الاتفاق حظر الحديث عن الصفقة لوسائل
الإعلام.
وبحسب مسودة الاتفاق، أزال المصريون شهادة المستخدم النهائي، التي
تثبت أن المشتري المقترح هو المستلم النهائي للطائرات، ولا ينوي نقلها إلى جهة
أخرى.
لكن خلال عملية إتمام الصفقة، طرأت مشكلة في التمويل، وقال الدسوقي إن الدفعة الأولى 90 بالمئة من قيمتها غير مناسبة، وحدثت محاولة لتأمين التمويل
أثناء المفاوضات.
وقال الدسوقي في محضر اجتماعات، إن الصفقة ستكون في حدود 20 مليون
دولار، لكنه وكيناهان كانا قادرين على أخذ 25 بالمئة فقط.
وأظهرت مسودة اقتراح بيع أن فريق كيناهان فكر في إعادة بيع ست
طائرات مصرية -حتى قبل إنهاء صفقة شرائها- إلى موزمبيق مقابل 30 مليون دولار.
ووفقًا للمصادر، فقد انهارت الصفقة في النهاية بسبب تعذر تمويلها. تكشف الوثائق
عن انهيار المفاوضات بعد 21 شهرا وعدة محاولات لتأمين التمويل.
تظهر لقطات شاشة من محادثة WhatsApp في سبتمبر 2021 أن كيناهان أبلغ فريقه بإلغاء
الصفقة. وأعلن أن "صفقة الجاموس مغلقة الآن رسميًا". وذكرت نسخة من خطاب
كان من المقرر إرساله إلى وزارة الدفاع المصرية عددًا من المشكلات الفنية في
الطائرة لتبرير الإلغاء.
ورغم محاولات كيناهان تأمين مبلغ الصفقة، إلا أنها فشلت في النهاية،
وتعرض لضربة قاضية بسبب العقوبات الأمريكية التي فرضت ضغوطا على دبي، من أجل
تجميد أصوله.
كيناهان كان يتفاوض مع الجيش المصري وتثار ضده قضية تزوير جواز سفر بريطاني
"بيلوسي" تمسك بذراع السيسي وتثير تفاعلا (شاهد)
بايدن يبدأ جولة تشمل مصر.. ولقاء مرتقب مع رئيس الصين
بلينكن يطالب مصر بالإفراج عن مزيد من المعتقلين السياسيين