سياسة دولية

حرب أوكرانيا تهيمن على قمة الـ20.. وضغوط غربية على روسيا

أظهرت القمة أنه حتى حلفاء روسيا صبرهم محدود إزاء الحرب في أوكرانيا- تويتر

هيمنت المساعي الغربية لإدانة الحرب الروسية على أوكرانيا على أعمال قمة مجموعة العشرين المنعقدة، الثلاثاء، في إندونيسيا، حيث يسعى زعماء الاقتصادات الكبرى لإيجاد حلول لمجموعة كبيرة من القضايا تتنوع من الجوع إلى التهديدات النووية.


وسعت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى إصدار بيان من قمة مجموعة العشرين التي تستمر يومين لإدانة أعمال موسكو العسكرية، وفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز.


ولكن روسيا، التي قصفت قواتها المدن ومرافق الطاقة في أنحاء أوكرانيا وما تزال تفعل ذلك في أثناء انعقاد قمة مجموعة العشرين، اعتبرت أنه ليس من العدل "تسييس" القمة، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.

 

وحسب فرانس برس، أظهرت القمة أنه حتى حلفاء روسيا صبرهم محدود إزاء نزاع تسبب بارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية والطاقة في أنحاء العالم، وأثار مخاوف من اندلاع حرب نووية.

وخشية عزلها دبلوماسيا، اضطرت روسيا للموافقة على نص يذكر أن "الحرب في أوكرانيا"، والتي ترفض موسكو الإشارة لها بكلمة حرب، كان لها "تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي".

ووافقت أيضا على أن "استخدام أو التهديد باستخدام أسلحة نووية" أمر "مرفوض" بعد أشهر من تلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدامها.

يغيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن القمة فيما تكبدت روسيا هزائم محرجة في ساحة المعركة في ظل حرب طاحنة تهدد مستقبل نظامه.

وحسب رويترز، قال وزير الخارجية الروسي سيري لافروف: "أجل، ثمة حرب جارية في أوكرانيا، حرب هجينة أشعل فتيلها الغرب وكان يحضر لها منذ أعوام"، مكررا جملة بوتين أن توسع حلف شمال الأطلسي العسكري يهدد روسيا.


وورد في مسودة إعلان القمة التي صيغت بـ16 صفحة، أن "معظم الأعضاء أدانوا بشدة الحرب في أوكرانيا وشددوا على أنها تسبب معاناة إنسانية كبيرة وتفاقم هشاشة وضع الاقتصاد العالمي".

 

كما ورد فيها: "كانت هناك آراء أخرى وتقييمات مختلفة للوضع والعقوبات"، وفقا لرويترز.


وتمثل مجموعة العشرين أكثر من 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و75 بالمئة من التجارة الدولية و60 بالمئة من سكان العالم.


"أنقذوا العالم"

 
ودعت إندونيسيا المستضيفة إلى توحيد الجهود والتركيز على العمل لحل المشكلات الاقتصادية العالمية مثل التضخم وأمن الغذاء والطاقة التي أدت الحرب إلى تفاقمها.


وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو :"ليس لدينا خيار آخر، التعاون مطلوب لإنقاذ العالم".


وأضاف: "يجب أن تكون مجموعة العشرين هي المحرك للانتعاش الاقتصادي الشامل. يجب ألا نقسم العالم إلى أجزاء. يجب ألا نسمح بوقوع العالم في حرب باردة أخرى".


وذكرت رويترز أن مسودة وثيقة القمة تضمنت أيضا أن البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين ستعمل على الموازنة بين التشديد النقدي والتركيز‭ ‬عن كثب على مشكلة التضخم العالمية، بينما ينبغي أن يكون التحفيز المالي "مؤقتا وموجها" لمساعدة الدول الأكثر فقرا مع عدم رفع الأسعار.


وأما عن الديون، فقد ذكرت المسودة المخاوف إزاء الوضع "المتدهور" لبعض الدول متوسطة الدخل وشددت على أهمية تقاسم العبء على نحو عادل بين جميع الدائنين.


وفي خطاب عبر الإنترنت، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمشاركين بالقمة إنه "حان الوقت لتنفيذ خطة سلام اقترحها من عشر نقاط".

 

كما دعا إلى استعادة "الأمان الإشعاعي" فيما يتعلق بمحطة زابوريجيا للطاقة النووية، وفرض قيود أسعار على موارد الطاقة الروسية، وتوسيع مبادرة تصدير الحبوب.


وفي السياق، قال مسؤول أمريكي إن الولايات المتحدة تريد رسالة إدانة واضحة من مجموعة العشرين للغزو الروسي وتأثيره على الاقتصاد العالمي، بينما قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن هناك إشارات مشجعة على الإجماع على أن حرب روسيا على أوكرانيا غير مقبولة.


وعلق لافروف عقب استماعه إلى خطاب زيلينسكي، بالقول إن "الرئيس الأوكراني يطيل الصراع ولا يستمع إلى نصائح الغرب".


وقال الكريملين إن "بوتين مشغول للغاية ولا يمكنه حضور القمة".

 

اقرأ أيضا:  تفاصيل مباحثات أمريكية روسية بأنقرة.. لماذا سقطت أوكرانيا؟


العلاقات الأمريكية الصينية


وكانت هناك علامة إيجابية عشية القمة تمثلت في الاجتماع الثنائي الذي استمر ثلاث ساعات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ إذ تعهدا بتكثيف الاتصالات.


وأبدى الرئيسان اعتراضهما على استخدام الأسلحة النووية، وفقا لبيانات من كلا الطرفين.


وقالت روسيا إنها تحتفظ بحق استخدام أي وسيلة، بما فيها التسليح النووي، للدفاع عن أمنها.


والعلاقات وثيقة بين الصين وروسيا، ومع ذلك، تحرص الصين على عدم تقديم أي دعم ملموس بشكل مباشر لها في حرب أوكرانيا يمكن أن يدفع الغرب لفرض عقوبات عليها.


وذكرت وسائل إعلام صينية رسمية أن شي أبلغ نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اجتماع ثنائي اليوم الثلاثاء أن الصين تؤيد وقف إطلاق النار في أوكرانيا وإجراء محادثات سلام.


وانتقد المجتمع المدني بشدة مسودة إعلان مجموعة العشرين لفشلها في اتخاذ إجراء بشأن الأمن الغذائي، وعدم تكثيف جهود تمويل التنمية، وفشلها في مراعاة التزام سابق بتوفير 100 مليار دولار لتمويل مكافحة تغير المناخ بحلول عام 2023.


وقالت فريدريكا رودر من جماعة غلوبال سيتيزن: "تكرر مجموعة العشرين الالتزامات القديمة من الأعوام السابقة أو تلاحظ التطورات في أماكن أخرى، بدلا من تولي زمام القيادة بنفسها".

 

وأضافت: "50 مليون شخص على حافة المجاعة ونحن نتحدث حاليا.. لا يوجد متسع من الوقت لمجموعة العشرين لإصدار دعوات للتحرك، ولكن هي التي يتعين عليها التحرك".


وشارك الزعماء في عشاء رسمي مساء اليوم الثلاثاء، فيما غاب الرئيس جو بايدن عن الحفل.

 

وقال مسؤول بالبيت الأبيض: "كان يوما طويلا ولديه شؤون أخرى يحتاج إلى أن يوليها اهتمامه".


وأبدى رئيس الوزراء الكمبودي هون سين قلقه على صحة زعماء العالم الآخرين، بمن فيهم بايدن، بعد أن أجبرته مسحة إيجابية بكورونا على العودة إلى منزله في وقت مبكر.

 

معاناة هائلة

 
استخدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها القمة لتوسيع التحالف ضد روسيا ودحض ما تقوله موسكو عن حرب بين الشرق والغرب، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.


وقال مسؤول أمريكي كبير إن كثيرين "يعتبرون حرب روسيا في أوكرانيا مصدر المعاناة الإنسانية والاقتصادية الهائلة في العالم".


وبينما تمتنع الدول الحليفة لروسيا كالصين والهند وجنوب إفريقيا عن انتقاد الحرب التي يشنها بوتين، فإن البيان المشترك مليء بالمراوغة الدبلوماسية واللغوية.


والعضوان في مجموعة العشرين، الأرجنتين وتركيا، هما من أكثر الدول تضررا جراء تضخم أسعار السلع الغذائية في العالم، وإن كانت التداعيات قد طالت جميع الأعضاء المشاركين في القمة تقريبا.


وقال وزير الخارجية الأرجنتيني سانتياغو كافييرو إن "الحرب تؤثر على الجميع".


وأضاف أن "تجار الموت في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يعقدون صفقات أسلحة، أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، فالأغذية نادرة ومكلفة، وليس الرصاص أو الصواريخ هو الذي يقتل بل الفقر والجوع".


ممر الحبوب 

 
وركزت محادثات القمة على اتفاقية تنتهي مدتها السبت، تسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود.

 

ومن المتوقع أن يدعو القادة إلى "مواصلة تطبيقها بالكامل وفي الوقت المناسب".


وأوكرانيا من أكبر الدول المنتجة للحبوب في العالم، وقد علق 20 مليون طن من الحبوب في موانئها قبل إبرام الاتفاقية في تموز/يوليو الماضي برعاية الأمم المتحدة وتركيا.