نشر موقع "ذي أتلتيك" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن الاستقالة الجماعية لمجلس إدارة نادي
يوفنتوس، وهو قرار مفاجئ وصادم خاصة فيما يتعلق بالرئيس أندريا أنييلي، الذي حمل مشعل عائلة أنييلي المالكة للنادي.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن أنييلي تعهّد بالبقاء على رأس نادي عائلته لكرة القدم مما يفسّر سبب تفكيك يوفنتوس للفرق وإعادة تشكيلها للحفاظ على نجاحه، لكن أنييلي ومجلس إدارته شعروا يوم الاثنين بأنهم مضطرون لتغيير أنفسهم. فبعد أيام قليلة فقط من ترؤس لجنة حول تجربة الجيل القادم من يوفنتوس، وهو فريق مكون من لاعبين لا تتجاوز أعمارهم 23 سنة، استقال أنييلي وجميع أعضاء مجلس الإدارة فجأة.
وأعاد أنييلي يوفنتوس إلى العظمة، فبعد أن احتل المركز السابع في موسم 2009-2010 بالدوري الإيطالي ولم يتمكن من جذب أفضل اللاعبين، تولى أنييلي المسؤولية خلفًا لجيوفاني كوبولي جيجلي، وافتتح ملعبًا جديدًا غير قواعد اللعبة، وفاز بتسعة ألقاب متتالية في الدوري، ووصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين. وحتى سنة 2018؛ كان يوفنتوس ناديا نموذجيا.
من جانبها؛ شبهت وسائل الإعلام الإيطالية الاستقالات بـ "الزلزال". فلم يشهد يوفنتوس يومًا مثل هذا الحدث منذ سنة 2006 عندما تسببت فضيحة الكالتشيوبولي في تغيير مماثل لحارس المرمى.
ما هي خلفية الأحداث الدرامية التي وقعت يوم الاثنين؟
كل شيء يدور حول التحقيق الجاري في الشؤون المالية ليوفنتوس. ففي مثل هذا الوقت من السنة الماضية؛ كان نادي تورينو يسعى لزيادة رأس المال للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات. وقد تم إصدار أسهم جديدة بمبلغ إجمالي 700 مليون يورو لتحقيق الاستقرار المالي للنادي في خضم تفشي جائحة كوفيد-19.
وفي النشرة الدعائية المتعلقة بإعادة الرسملة، كان يوفنتوس ملزمًا بالكشف عن خضوع النادي لفحص من قبل هيئة الرقابة المالية الإيطالية "كونسوب" بشأن "الإيرادات المتأتية من حقوق تسجيل اللاعبين".
ومرر "كوفيسوك"، وهو مراقب آخر مسؤول عن الإشراف على صناعة
كرة القدم في إيطاليا، تقريرًا إلى الاتحاد الإيطالي لكرة القدم يسلط الضوء على 62 انتقالًا من السنتين الماضيتين، وتمت دعوة لجنة الانضباط في الاتحاد الإيطالي لكرة القدم لإلقاء نظرة فاحصة والنظر فيما إذا كانت الرسوم المعنية مبالغا فيها أم لا.
وشملت 42 من تلك الانتقالات نادي يوفنتوس. لكن 36 من أصل 62 انتقالا، وهي نسبة عالية بشكل مذهل، مرت مرور الكرام لأنها تخص لاعبين شبابا.
في نيسان/ أبريل؛ برأ الاتحاد الإيطالي لكرة القدم يوفنتوس والأندية العشرة الأخرى المتورطة، وقوضت قضية المدعي العام من خلال الاعتماد على موقع كرة القدم "ترانسفير ماركت" غير الرسمي كمعيار لتقييم اللاعبين.
ومع ذلك؛ كان تحقيق "بريزما" الموازي الذي أطلقه مكتب المدعي العام لمحكمة تورينو الأمر الأكثر خطورة.
لماذا يعتبر تحقيق "بريزما" أكثر جدية؟
كشف تحقيق "بريزما" مزاعم عن حسابات زائفة وبيانات مالية مزورة وتلاعب بالسوق. وتم الحصول على أمر بمداهمة ملاعب تدريب النادي في كونتيناسا وفينوفو ومكاتبهم في تورينو وميلانو.
وتم التحقيق مع 16 شخصًا بما في ذلك أنييلي ونائب الرئيس، بافل نيدفيد، وكبير مسؤولي كرة القدم السابق في يوفنتوس، فابيو باراتشي. ورُفض طلب لوضع أنييلي قيد الإقامة الجبرية، وأصدر النادي بيانًا الشهر الماضي ينفي ارتكاب أي مخالفات، بعد أن أنهى المدعون تحقيقهم.
وقد تركز الاهتمام على المداخيل المالية ليوفنتوس في سنة 2019 و2020 و2021. بعد الاطلاع على السجلات، ادعى المحققون وجود تناقض كبير، كما كانت الترتيبات التي تم إجراؤها مع لاعبي النادي خلال الوباء مثيرة للاهتمام. وجاء بيان صدر في آذار/ مارس 2020 أن يوفنتوس سيوفر حوالي 90 مليون يورو بعد أن وافق لاعبوه على تخفيض في الأجور يساوي رواتبهم لشهور آذار/ مارس ونيسان/ أبريل وأيار/ مايو وحزيران/ يونيو من تلك السنة، لكن المحققين زعموا أن اللاعبين تنازلوا عن أجر شهر واحد فقط، وأن بيان النادي ضلل الأسواق المالية. وتعتبر "مناورات الراتب" ومكافآت الولاء وكيفية حسابها جوهر تحقيق بريزما.
وظل يوفنتوس مصرا على أنه يعمل وفقًا للقانون ومبادئ المحاسبة وبما يتماشى مع ممارسات صناعة كرة القدم الدولية وظروف السوق. ويوم الاثنين، صرحوا بأنه "نظرًا لمركزية وملاءمة المسائل القانونية والفنية/ المحاسبية المعلقة"، ارتأى مجلس الإدارة أنه من مصلحة الشركة تعيين مجلس إدارة جديد لمعالجة هذه الأمور.
ماذا سيحدث بعد ذلك وما العقوبة التي قد يواجهها يوفنتوس؟
إذا وجد تحقيق "بريزما" أي خروقات، يجوز للاتحاد الإيطالي لكرة القدم إعادة فتح القضية، أو استئناف قضية منفصلة في ضوء نتائج تحقيق "بريزما". وقد يكون يوفنتوس مهددا بدفع غرامة مالية أو عقوبة نقاط بموجب المادة 31 من قانون الدولة للعدالة الرياضية إذا وجد الاتحاد الإيطالي لكرة القدم أنهم مذنبون.
انتهى تحقيق بريزما نفسه حاليا ويبقى أن نرى كيف تتقدم الإجراءات الجنائية المعلقة أمام السلطة القضائية في تورينو.
في الأثناء، أعلن يوفنتوس عن تعيين ماوريتسيو سكانافينو كمدير عام. ويوم الثلاثاء، أشارت شركة "أيكسور" في بيان إلى أن جانلوكا فيريرو سيحل محل أنييلي كرئيس لنادي يوفنتوس.
وُلد فيريرو في تورينو، وكان يدير شركة "لافازا"، الشركة المصنعة للقهوة المشهورة عالميًا والتي تأسست في المدينة، وهو من أشد المعجبين بيوفنتوس. وأعلنت شركة "أيكسور" أنه "بصفته مستشارًا للشركة ومدققًا وعضو مجلس إدارة في عدد من الشركات، يتمتع فيريرو بخبرة كبيرة والكفاءات الفنية المطلوبة، فضلاً عن شغفه الحقيقي بالنادي، مما يجعله الشخص الأكثر تأهيلاً لأداء هذا الدور".
هل نشهد فضيحة كالتشيوبولي ثانية؟
تعتبر هذه الحادثة مختلفة تمامًا عن فضيحة كالتشيوبولي، لأنها قضية مالية حول كيفية قيام ناد مُدرج في البورصة بالإبلاغ عن بياناته المالية. ويتعلق الأمر بتداول اللاعبين وكشوف المرتبات، كما يتعلق بكيفية تصرف النادي ورد فعله تجاه الضغوط المالية، لا سيما فيما يتعلق بالانتقالات، وبشكل أساسي، الوباء.
كيف يمكن أن يؤثر هذا على يوفنتوس على أرض الملعب؟
سيحصل المدرب ماسيميليانو أليغري ولاعبوه على استراحة كأس العالم لمعالجة الأمر قبل استئناف موسمهم في أوائل كانون الثاني/ يناير؛ حيث إن اللعب مع يوفنتوس أو إدارته يأتي بالفعل مع تدقيق وضغط كبيرين، لذا فقد اعتادوا عليه نسبيًا.
ويبقى أن نرى ما هي رؤية فيريرو للنادي وسط دعوات على منصات التواصل الاجتماعي لعودة أليساندرو ديل بييرو إلى النادي الذي لعب معه ذات مرة كمدير تنفيذي.
وماذا يعني كل هذا قبل فترة انتقالات كانون الثاني/ يناير؟
يوفنتوس هو إحدى الشركات المدرجة في محفظة "أيكسور"، وقد بلغت إيرادات هذا النادي العملاق 33 مليار يورو في سنة 2021، وعلى الرغم من قوة النادي كعلامة تجارية ورأس المال الثقافي الذي يمتلكه، إلا أن يوفنتوس يعتبر مشروعا صغيرا نسبيًا.
بطبيعة الحال؛ يجب أن يعمل يوفنتوس ضمن إطار النزاهة المالية والانتقال إلى نموذج أكثر استدامة. ولكن هذا التحول قد بدأ بالفعل. فقد تعاقد النادي مع مهاجم صربيا، دشان فلاهوفيتش، من فيورنتينا مقابل 75 مليون يورو في كانون الثاني/ يناير الماضي.
لقد ساعد فلاهوفيتش نادي يوفنتوس في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، وبينما خرج النادي بعد دور المجموعات، فإن سلسلة من ستة انتصارات متتالية في دوري الدرجة الأولى الإيطالي، يعني دخولهم في استراحة كأس العالم في المركز الثالث.
ماذا يعني ذلك لمشاركة يوفنتوس في الدوري الأوروبي الممتاز؟
يظل يوفنتوس جزءًا من مشروع الدوري الأوروبي الممتاز، إلى جانب الثنائي الإسباني ريال مدريد وبرشلونة. ومن السابق لأوانه معرفة نوايا فيريرو بالنسبة للنادي ولكن المؤشرات الأولية تشير إلى أن يوفنتوس لا يزال قويا.
كان إصلاح اللعبة الأوروبية أحد الركائز الخمس المدرجة في خطة السنوات الثلاث التي وضعها أنييلي في الصيف الماضي، وقد تمسك أنييلي بذلك، حتى في تصريحاته الأخيرة لموظفي يوفنتوس يوم الإثنين.