ملفات وتقارير

ما خلفيات وتداعيات زيارة عبد الحميد الدبيبة لتونس؟

أدى الدبيبة زيارة مدتها يومان إلى تونس- الرئاسة التونسية
أدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، زيارة إلى تونس برفقة وفد وزاري ليبي، استمرت يومين، والتقى خلالها الرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيسة الوزراء نجلاء بودن.

وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة مشابهة أداها الدبيبة إلى الجارة الجزائر في نيسان/ أبريل الماضي، وقد سلّم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خطته لإجراء الانتخابات، ضمن جهود لحشد دعم إقليمي ودولي لها.

يُذكر أن زيارة كانت منتظرة من عبد الحميد الدبيبة إلى تونس، في شهر نيسان/ أبريل الماضي، لكن تم تأجيلها وتم تداول وجود فتور في العلاقات بين قيادات البلدين.

واتفق الوفد الليبي مع الحكومة التونسية على إصدار قرار يقضي بإلغاء جميع القيود المفروضة على حركة السلع بين البلدين وتدشين خط الشحن البحري في كانون الأول/ ديسمبر الجاري، فضلا عن الاتفاق على تسوية الديون المستحقة على الدولة الليبية في قطاعات الصحة، والكهرباء، والطيران المدني.

وقالت الرئاسة التونسية في بيان، إن الرئيس سعيّد استقبل، الأربعاء، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة بقصر الرئاسة بقرطاج بحضور السيدة نجلاء بودن رمضان رئيسة الحكومة.

وذكرت الرئاسة أن "هذه المحادثات كانت مناسبة متجدّدة للتأكيد على الحرص المتبادل على اتخاذ قرارات فعلية وإجراءات ملموسة تُمكّن من مزيد تعزيز روابط الأخوة وعلاقات التعاون بين البلدين"، مشيرة إلى أنه "تم التشديد على  أهمية مواصلة العمل على كل المستويات وتفعيل آليات التعاون في مختلف القطاعات وتذليل الصعوبات وإيجاد الحلول المناسبة لها بما من شأنه أن يساعد على مزيد الترفيع في حجم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتحفيز الاستثمارات في البلدين وتسهيل انسيابية حركة الأشخاص والسلع والأموال".

وعلى صعيد متصل، نقلت الرئاسة عن سعيّد تأكيده خلال اللقاء "تمسّك تونس بموقفها الثابت بخصوص الأوضاع في ليبيا والداعي إلى ضرورة أن يكون الحل ليبيا-ليبيا والتمسّك بوحدة هذا البلد الشقيق وأمنه واستقراره".

من جهته، قال محمد حمودة، المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية، من خلال صفحته الرسمية على "فيسبوك": "بدعوة رسمية من الرئيس التونسي قيس سعيّد يُجري رئيس مجلس الوزراء عبد الحميد الدبيبة الأربعاء زيارة رسمية إلى الجمهورية التونسية".

وأضاف حمودة، أن الدبيبة سيزور تونس برفقة محافظ المصرف المركزي ورئيس ديوان المحاسبة ونائب رئيس الوزراء وعدد من الوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية والخدمية، للتباحث حول عدد من الملفات الاقتصادية والتجارية والأمنية التي تخص البلدين الشقيقين".

لكن وفي مقابلة معه لإذاعة موزاييك التونسية، كان الدبيبة قد نفى مؤخرًا وجود خلافات واعتبر أن ارتباطات لقيادات البلدين حالت دونها.

دور جزائري


وعن أهداف الزيارة، شدد الكاتب والمحلل السياسي الليبي فرج دردور على أن العلاقات بين تونس وليبيا تلقى أهمية خاصة، مرجعا ذلك إلى "أسباب كثيرة من ضمنها اقتصادية فضلا عن التبادل التجاري بين البلدين خصوصا عبر الحدود".

وأضاف: "يحاول الدبيبة كذلك من خلال هذه الزيارة أن يضفي شرعية لحكومته من خلال عقد الاتفاقيات وتنظيم استقبال رسمي له، في ظل وجود حكومة أخرى موازية، وهي حكومة فتحي باشاغا".

واستبعد دردور أن يكون الدبيبة ساعيا إلى البحث عن دعم من تونس، مشيرا إلى أن تونس تستقبل جميع الأطراف وتضم مقرا للأمم المتحدة والبعثة الأممية، فيما اعتبر أن تونس غير مؤثرة في الوضع السياسي الليبي بشكل أساسي، فضلا عن المشاكل والخلافات الداخلية التي تعرفها تونس.

وبشأن الدور الجزائري في التقارب بين رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة والرئيس التونسي قيس سعيّد، أشار المحلل السياسي إلى أن الجزائر تقف على الحياد وداعمة في نفس اتجاه الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من خلال الدعوة لعقد انتخابات وعدم الذهاب في مرحلة انتقالية جديدة.

في المقابل، قال الكاتب الليبي إن الرئيس التونسي سعيّد بحث في فترة سابقة عن ود فرنسا التي تدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وتعتبر حكومة الدبيبة، مرجحا أن يكون "سعيّد يجاري في هذا الموضوع وإن كان ليس بشكل قوي، لكنه يفضل الحياد على المواجهة".

واستدرك بالقول إن "الجزائر عودتنا بالبرود في علاقة بالملف الليبي وبالملف المغاربي بصفة عامة وليس لها أي مواقف قوية"، معتبرا أن الجزائر غير جادة في أن تكون لها حلف في المنطقة على عكس ما تفعله مصر.

كما استبعد فرج دردور أن يؤثر التقارب بين الدبيبة وسعيّد على العلاقة بين تونس ومصر، مشيرا إلى أنه لا توجد علاقة قوية بين تونس والقاهرة، قادرة على التأثير على الملف الليبي.

علاقات تاريخية


من جهته، اعتبر الباحث في العلاقات الدولية، والمختص في الشأن الليبي بشير الجويني، أن العلاقات بين ليبيا وتونس، سواء خلال فترة هذه الحكومات أو السابقة أو التالية، تاريخية، حيث تتنزل زيارة الدبيبة إلى تونس.

وقال إن الأخبار الرائجة بشأن بحث الدبيبة عن دعم له من خلال زيارة تونس قد تكون صحيحة، إلا أنه في الأخير يبقى ما ينفع الناس في الأرض، على حد تعبيره.

وأشار الجويني إلى "الخدمات التي ستكون بعد هذه الزيارة في ظل الالتزامات من أجل إيجاد مجموعة من الحلول لمختنقات كبيرة عانى منها التونسيين والليبيين خلال العشر سنوات الأخيرة".

وعن سعي الجزائر لتكوين حلف ثلاثي "تبون- سعيّد- الدبيبة"، قال الباحث في العلاقات الدولية إن ذلك يبقى في إطار المناكفات السياسية التي تكون بين الدول والأنظمة، وهذا لا يمس بالمصالح العليا لتونس وليبيا، ولا يجب أن تمس بالخدمات التي تقدم بما فيه مصالح لمواطني البلدين.