يستعد الملياردير الهندي غوتام أداني، لإتمام صفقة شراء أكبر شبكة إخبارية
في الهند "إن دي تي في"، في أول استثمار لثالث أغنى رجل في العالم في
مجال الإعلام.
ويمتلك أداني البالغ من العمر 60 عاما مجموعة تجارية ضخمة متنوعة
الاستثمارات التي تتراوح ما بين إدارة الموانئ إلى صناعة الطاقة. وتضم سبع شركات
أسهمها مطروحة للاكتتاب العام ويبلغ عدد موظفيها 23000 موظف، كما تبلغ قيمة أسهمها
أكثر من 230 مليار دولار أمريكي.
وبدأ أداني مسيرته في العمل بعد خروجه من المدرسة في سن السادسة عشرة،
حيث انتقل للعيش في مومباي للعمل في مجال تجارة الألماس في حي تجاري مزدحم، لكن
تجربته لم تدم طويلا، وعاد بعد عامين إلى مسقط رأسه بولاية غوجارات، لمساعدة أحد
إخوته في إدارة مصنع للتعبئة والتغليف.
وينحدر أداني من أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة متخصصة في تجارة
الغزل والنسيج. وقد بدأت مسيرته كرجل أعمال ناجح في عام 1998 عندما أسس شركة
للاتجار في السلع المختلفة.
وخلال الأعوام الـ24 التالية، حصلت شركاته على العديد من القروض التي
مكنتها من تنويع أنشطتها في مجالات كإدارة الموانئ، والتعدين، والسكك الحديدية،
والبنى التحتية، والطاقة، والعقارات، ما جعله "الأكثر كفاحا ومغامرة ربما بين
أفراد الجيل الجديد من أقطاب المال والأعمال".
ويعتبر أداني ملك قطاع البنى التحتية في الهند. ويدير ثاني أكبر شركة
أسمنت في البلاد، فضلا عن 13 ميناء - بما في ذلك أكبر موانئ البلاد ببلدة موندرا
الساحلية الواقعة في الغرب، كما يشغّل سبعة مطارات. وتعكف مجموعته حاليا على بناء
أطول طريق سريع في الهند يربط بين مدينة دلهي ومدينة مومباي، العاصمة التجارية
للهند، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
ويعتبر أداني رجل الأعمال الهندي رقم واحد في مجال الطاقة، إذ يمتلك ست
محطات لتوليد الطاقة تعمل بالفحم. في الوقت ذاته، تعهد أداني باستثمار 50 مليار
دولار في طاقة الهيدروجين النظيفة، كما أنه يدير خطا للغاز الطبيعي طوله 8000
كيلومتر. واشترى أداني كذلك مناجم للفحم في كل من إندونيسيا وأستراليا. ويهدف
الملياردير الهندي إلى أن يكون اللاعب الأكبر في مجال الطاقة المتجددة على مستوى
العالم بحلول عام 2030.
وقال المحلل السياسي جيمز كرابرتري، إن وتيرة ونطاق توسع أعمال أداني،
تشبه وتيرة ونطاق توسع أعمال غيره من العمالقة الصناعيين خلال المراحل السابقة، بحسب "بي بي سي".
وأضاف في كتابه "مليارديرات الهند: رحلة عبر العصر الذهبي الجديد
للهند": "بما أنه لم يستطع الاعتماد على البنى التحتية المتهالكة للهند،
بنى بنفسه خطوط سكك حديدية وخطوطا للطاقة. ونظرا لصعوبة الحصول على الفحم محليا،
اشترى مناجم في إندونيسيا وأستراليا ونقل ما بها من فحم إلى الهند عبر
مينائه"، مضيفا أن "توسعه يعكس إلى حد كبير توسع الهند نفسها".
لكن أداني أثار الكثير من الجدل في العديد من المرات. فقد أدت علاقته
القوية بناريندرا مودي، في البداية عندما كان الوزير الأول لولاية غوجارات، والآن
بصفته رئيسا للوزراء، إلى أن وصف منتقدوه إمبراطورية أعماله بأنها مثال على
الرأسمالية التي تتسم بالمحسوبية.
يقول كرابتري: "طبيعة عمل الرجلين جعلت علاقتهما تكافلية. فقد
ساعدت سياسات مودي القائمة على تشجيع رجال الأعمال والمشروعات أداني على التوسع،
في حين أن شركات أداني شيدت العديد من المشروعات الضخمة التي أصبحت رمزا لما يصفه
مودي بـ"نموذج غوجارات"، إذ تركز الولاية على الاستثمار في البنى
التحتية وجذب رأس المال الخارجي وتصدير الصناعات".
وأصبح منجم الفحم الذي يمتلكه أداني في ولاية كوينزلاند الأسترالية
نقطة مواجهة بين الجماعات المؤيدة لاستخدام الفحم وتلك المعارضة له، كما تعطل
العمل على إنشائه لأعوام طويلة بسبب صعوبة الحصول على الموافقة من الجهات المختصة،
ثم بدأ العمل في إنشائه أخيرا في عام 2019.
وفي عام 2012، اتهمت لجنة مراقبة الهيئات الحكومية مودي، الذي كان
يشغل منصب وزير غوجارات الأول آنذاك، بتزويد أداني وغيره من رجال الأعمال بوقود
رخيص من شركة غاز حكومية. وكتب صحفي سلسلة من المقالات عام 2017 ذكر فيها أن شركات
أداني تلقت معاملة تفضيلية خلال رئاسة مودي للحكومة. وقد نفت شركات أداني وحكومة
مودي مرارا صحة مزاعم المعاملة التفضيلية تلك.
وقال آر إن باسكار، كاتب السيرة الشخصية لأداني، إن "قدرته على
إقامة علاقات والإبقاء عليها" ساعدته على تنمية أعماله. فهو صديق لغالبية
"الزعماء السياسيين والاجتماعيين" من كافة الأطياف. وقد تمت الموافقة على
مشروع ميناء كيرالا الذي تقدم به أداني عندما كان حزب المعارضة الرئيسي، حزب
المؤتمر الوطني، في السلطة في الولاية، كما أيد المشروع الحزب الشيوعي الذي يحكم الولاية
حاليا.
وأضاف باسكار لـ"بي بي سي": ما يميز أداني عن باقي أقرانه هو "عدم رغبته في
الحصول على استثمارات شعبية إلا عندما يبدأ مشروعه في تحقيق أرباح".
وتابع أن
الأهم من ذلك هو أن أداني يؤمن بأن النمو يصبح أمرا مؤكدا عندما تتماهى مصالح
مجموعة استثمارية ما "مع المصالح الوطنية". ليس غريبا إذن أن فلسفة
مجموعته، وفقا لموقعها على الإنترنت، هي "بناء الوطن" المدفوع بـ
"نمو يتسم بالجودة والإتقان".
مقتل شخصين بالصين بعد فقدان سائق التحكم بسيارة "تسلا"