مقابلات

حقوقي: البرلمان البلجيكي سيصدر قرارا يطالب بالإفراج عن معتقلي مصر

الفجيري قال إن قمة المناخ لم تقدم لحالة حقوق الإنسان شيئا في مصر- عربي21
كشف مؤسس ورئيس المنبر المصري لحقوق الإنسان، الدكتور معتز الفجيري، أن "البرلمان البلجيكي يُحضّر حاليا لقرار يطالب بالإفراج عن سجناء الرأي في مصر"، مشيرا إلى أن هذا القرار المرتقب ربما يصدر مع بداية العام المقبل.

ولفت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "البرلمانات الأوروبية الوطنية بشكل عام تدعم وتساند حركة حقوق الإنسان في مصر"، مؤكدا أن "ملف حقوق الإنسان سيكون مطروحا دائما على الساحة الدولية خلال الفترة المقبلة".

وأوضح الفجيري، وهو عضو اللجنة التنفيذية للشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، أن "النظام اُضطر لتقديم بعض التنازلات التكتيكية المحدودة في ملف حقوق الإنسان على وقع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة، وتسليط الضوء الدولي على الأوضاع في مصر".

لكنه شدّد على أن "التنازلات التكتيكية لم تغير في الصورة المخيفة والبشعة لحالة الحقوق والحريات، وحالة الأمان الشخصي ليس فقط للمعارضين أو الناشطين، ولكن حتى للمواطن المصري البسيط الذي من الممكن أن يجد نفسه ضحية أمام طغيان وبطش السلطة في أي وقت".

وأكد الفجيري أن "الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وضعت النظام في مرحلة من الهشاشة إلى حد ما، والفترة الحالية تسمح بوجود ضغوط وتمرير بعض المطالب، لكن الإشكالية الحقيقية في عدم التوازن بين السلطة والمعارضة، خاصة أن الأخيرة تلقت ضربات عنيفة منذ عام 2013".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تنظر لواقع المشهد الحقوقي في مصر اليوم بعد انتهاء قمة المناخ؟

خلال هذه الفترة، ومنذ بداية عام 2022 يغلب على سلوك السلطة المصرية بعض التناقضات؛ ففي نيسان/ إبريل 2022 وخلال حفل إفطار الأسرة المصرية أطلق الرئيس السيسي الدعوة للحوار الوطني الذي قال -في البداية- إنه لن يستثني أحدا، وأن مصر ستشهد مرحلة من الإصلاحات السياسية الهامة، ثم تمت الإفراجات عن بعض المعتقلين، وهي خطوة مهمة يؤيدها الجميع بالتأكيد، سواء جاء الإفراج عن شخصيات معروفة أو غير معروفة، لكن هذا الأمر لم يغير مطلقا في الصورة القاتمة لأوضاع حقوق الإنسان أو أوضاع الحريات العامة في مصر.

لو أخذنا على سبيل المثال، موضوع الإفراج عن المعتقلين: سنجد أن عدد المعتقلين الذين خرجوا أقل بكثير من أعداد الذين تم اعتقالهم خلال نفس الفترة، وإذا تحدثنا عن الفترة التي سبقت دعوات التظاهر في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر سنرى أن السلطة اتخذت "إجراءات وقائية شرسة"، وتم اعتقال قرابة الألف شخص خلال تلك الفترة؛ إذن ليست هناك مقارنة بين عدد المعتقلين المُفرج عنهم، وعدد المعتقلين الجُدد.

وقبل أيام أكمل الناشط السياسي أحمد دومة عامه العاشر داخل السجن، فأن يقضي شاب هذه الفترة الطويلة من عمره داخل السجن بسبب قضايا رأي هو أمر يدل بالتأكيد على الأوضاع الصعبة لحالة حقوق الإنسان.

وكيف انعكست قمة المناخ على حالة حقوق الإنسان في مصر؟

هذه القمة كشفت بشكل واضح للمجتمع الدولي عن حالة التنكيل التي تواجه المجتمع المدني المصري، وحركة حقوق الإنسان في مصر، وقد نالت قضية علاء عبد الفتاح مساحة كبيرة في القمة، لأنها كانت تُعبّر عن أوضاع المعتقلين وسجناء الرأي، وتُعبّر عن الحالة التي وصلت لها الأوضاع العامة للحقوق والحريات بصرف النظر عن الاهتمام الزائد بقضية علاء التي كوّنت مدخلا مهما لطرح قضية حقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي.

ومن الطبيعي أن أي دولة تستضيف مثل هذه القمم أن تتعرض لفتح ملفات مختلفة عن مضمون الفاعليات، وقد حدث ذلك في دول كثيرة، ونتذكر عام 2005 عندما استضافت تونس قمة المعلومات خلال حكم زين العابدين بن علي، فتحوّلت القمة أيضا لفضيحة للنظام؛ وبالتالي إذا ارتضت الدولة أن تدخل في مثل هذه الارتباطات فعليها أن تتحمل المكاشفة لوضعها في مجال حقوق الإنسان، وأتمنى أن تكون السلطة المصرية قد انتبهت للتكلفة السياسية التي تنتج عن إهمال ملف حقوق الإنسان.

وأرى أن نتائج هذه القمة هي فرصة لتراجع السطلة المصرية منهجها، ولكن لا يبدو ذلك؛ لأن أداء الدولة خلال فاعليات القمة، وحملة الدعاية التي شنّتها وسائل الإعلام القريبة من السلطة على النشطاء المشاركين في الفاعليات، والتظاهرات المضحكة التي خرجت في شرم الشيخ لتأييد النظام، تدل على أن هناك ممانعة من جانب السلطة في المضي قدما نحو تحقيق الوعود التي أطلقها الرئيس في نيسان/ إبريل 2022، وهذه الممانعة -في تقديري- منبعها هو طبيعة هذا النظام نفسه.

هذا النظام جاء في ظروف خاصة، وبعد لحظة استخدم فيها القوة الغاشمة ضد المعارضين، بدأ بالتيار الإسلامي أولا، ثم اتجه لباقي القوى السياسية بما فيها القوى التي ساندته في بداية تموز/ يوليو 2013؛ فبدأ فترة حكمه بمعركة صفرية، والنظام الذي يبدأ بمعركة صفرية يصعب عليه تقديم تنازلات.

لكن أعتقد بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة، وتسليط الضوء الدولي على الأوضاع في مصر، اُضطر النظام لتقديم بعض التنازلات التكتيكية المحدودة، لكنها لم تغير في الصورة المخيفة والبشعة لحالة الحقوق والحريات، وحالة الأمان الشخصي ليس فقط للمعارضين أو الناشطين، ولكن حتى المواطن المصري البسيط الذي من الممكن أن يجد نفسه ضحية أمام طغيان وبطش السلطة في أي وقت.

البرلمان الأوروبي تبنى قبل أيام قرارا يدعو الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة العلاقات مع مصر.. كيف رأيت هذا القرار؟

البرلمان الأوروبي يساند دائما حركة حقوق الإنسان في مصر، وقد أصدر هذا البرلمان عددا كبيرا من القرارات منذ عام 2014، لكن القرار الأخير كان قويا في لغته، وجاء بعد قمة المناخ التي سلطت الضوء بشكل غير مسبوق على مسألة حقوق الإنسان؛ فتوقيت إصدار القرار انعكس على لغته.

وأهم ما جاء في هذا القرار ليس فقط خطاب البرلمان للسلطة المصرية، وإنما خطاب البرلمان للحكومات الأوروبية، وللمفوضية الأوروبية، وأجهزة الاتحاد الأوروبي لكي تعطي أولوية لموضوع المعتقلين وسجناء الرأي عندما تتعامل مع الحكومة المصرية في كل المجالات، سواء المجالات الأمنية، أو العسكرية، أو الاقتصادية، أو التجارية.

الأمر الآخر هو أن القرار طالب أيضا مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وطالب الحكومات الأوروبية بأن تدعم إنشاء آلية خاصة لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وهو الأمر الذي تبنته منظمات حقوق الإنسان منذ سنوات، وما زال صعبا على المجلس أن يتبناه نتيجة وجود حلفاء للسلطة المصرية في المجتمع الدولي.

على الجانب الآخر البرلمانات الأوروبية الوطنية بشكل عام، وفي مقدمتها البرلمان الألماني والفرنسي، تدعم هذا الملف وتهتم به بشكل كبير، وحاليا البرلمان البلجيكي –وهي معلومة خاصة غير متداولة حتى الآن- يُحضّر أيضا لقرار عن سجناء الرأي ربما يصدر مع بداية العام القادم.

وفي السنوات الأخيرة مع خروج أعداد كبيرة من المصريين، ومنهم نشطاء وحقوقيين، إلى دول الغرب، حتى أصبح منهم "مواطنين" في دول غربية، وباتوا يُشكّلون مجموعات ضغط في هذه البلدان، فنتوقع أن ملف حقوق الإنسان سيكون مطروحا دائما على الساحة الدولية خلال الفترة المقبلة.

هل تعتقد أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بمراجعة علاقاته مع القاهرة؟ وماذا لو حدث ذلك؟

الحكومات الأوروبية تتبنى خطاب إدانة لانتهاكات حقوق الانسان في اللغة العامة للسلطة، ولكن هذا الخطاب لا يؤثر على العلاقات الأمنية والتجارية، ومؤشرات ذلك واضحة؛ فنجد أن الاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو 2022 اعتمد أولويات الشراكة الجديدة مع الحكومة المصرية، والتي سيسري العمل بها حتى عام 2027، كما اعتمد أيضا مجموعة من المساعدات المالية، منها مساعدات تتعلق بضبط الحدود، ومواجهة طالبي اللجوء، والهجرات غير المنظمة، أضف لذلك اتفاق بشأن تصدير الغاز.

الاتحاد الأوروبي، وبعض الحكومات الأوروبية  تحتاج إلى مصر، ومع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أصبح هناك احتياج أكبر للدور المصري فيما يتعلق بتصدير الغاز، وضبط التوازن مع روسيا، سواء من قِبل الولايات المتحدة أو أوروبا، التي لا ترغب بالتأكيد في خسارة طرف مهم مثل الطرف المصري، لكن ما نطالب به هذه الحكومات: أن يكون ملف حقوق الإنسان حاضرا على طاولة التفاوض، وإن كان لدى تلك الحكومات علاقات وثيقة مع الحكومة المصرية فعليها أن تستخدم هذه العلاقات من أجل أن تكون هناك إصلاحات حقيقية في الملف الحقوقي.

وهل أنتم تطالبون بتغيير النظام الحاكم في مصر؟

حركة حقوق الإنسان عندما تتوجه للمجتمع الدولي لا تطالب بتغيير النظام السياسي، كما لا تطالب بإسقاط الرئيس، أو إسقاط حكم النظام، وإنما تطالب بمطالب إنسانية، وحقوقية، وأعتقد أن النظام نفسه سيكون مستفيدا من تحقيقها في ظل الظروف الراهنة، لأن حالة الكبت والقمع المستمرة مع الضغط الاقتصادي والاجتماعي يمكن أن ينتج عنه نتائج خطيرة تضر باستقرار الدولة بشكل عام، خاصة في بلد عدد سكانها كبير؛ فمن المهم أن يسمح النظام بمتنفس دائم، ومساحة للتعبير عن الرأي.

وأشير هناك أيضا إلى أن مواقف الاتحاد الأوروبي على المستوى الرسمي تتسم كذلك بالتناقض، لكن هذه هي طبيعة العلاقات الدولية، لكن في ظل هذه التناقضات يمكن أن يكون هناك خطابا من جانب هذه الحكومات يطالب السلطة ببعض الإصلاحات، ومن المفترض أن يجعل الاتحاد الأوروبي في الوقت قضية المعتقلين وقضية حقوق الإنسان، والمجتمع المدني في صلب علاقاته، وشرط لتأسيس علاقات جديدة مع الحكومة المصرية؛ لأن ذلك من مقررات إعلان برشلونة الصادر عام 1995، ومقررات قانون الاتحاد الأوروبي، ومقررات اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية، التي تنص المادة الثانية فيها على إعطاء الحق لأي من الطرفين (المصري أو الأوروبي) لاتخاذ بعض الإجراءات في حال وجود انتهاكات لحقوق الإنسان.

ونحن هنا لا نطالب الحكومة المصرية بأمر مُخالف لما وقعت عليه، وإنما الحكومة المصرية والبرلمان المصري خلال عهد مبارك أقرَّا بنود اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية، التي تعطي الحق للاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات يمكن أن ترقى "للإجراءات العقابية" في حال حدوث انتهاكات جسيمة بحقوق الإنسان.

كيف تفسر ردود الفعل الرسمية من السلطات المصرية إزاء هذا القرار؟

رد الفعل الرسمي ليس بجديد؛ فالحكومة المصرية، ووزارة الخارجية دائما ما تتبنى خطاب الإنكار. والجميع شاهد تغير الخطاب الرسمي في عام 2021 مع إعلان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لكن كما ذكرت هناك تناقض في سلوك النظام، بين محاولة لتبييض الوجه الحقوقي دوليا، وبين خوف من أي تحرك يجبر النظام على إحداث إصلاحات حقيقية، وهذه هي الإشكالية الأساسية؛ فتارة نرى النظام يتحدث عن حقوق الإنسان وحرصه عليه، وتارة أخرى نراه يصف نشطاء حقوق الإنسان "بالخونة"؛ ففي المؤتمر الصحفي التي جمع السيسي بالرئيس الأمريكي، جو بايدن، بادر الرئيس المصري بالتحدث عن ملف حقوق الإنسان، وقال: إن الدولة المصرية لديها اهتمام بهذا الملف، وتحدث عن الاستراتيجية الوطنية، ولم يتحدث عن نشطاء الحقوق الإنسان باعتبارهم "خونة"، أو أن المجتمع الدولي يريد فرض أفكاره؛ فالتناقض يظهر عندما يستشعر النظام الخطر، فيبدأ في استخدام اللغة الدفاعية.

والمنهج الذي تتبعه السلطة فيما يتعلق بمواجهة قرارات البرلمان الأوروبي غير بناءة، وغير مفيد بالمرة، بل على العكس: كل ما يصدر عن السلطة المصرية يتلقاه البرلمانيون الأوروبيون، ويتلقاه المجتمع الدولي بمزيد الشكوك حول نوايا هذا النظام في التعامل مع ملف حقوق الإنسان.

ومن المفترض أن يتقبل النظام الانتقادات، ويحاول أن يصلح الأوضاع داخليا، لكن دائما ما يصدره هو لغة الهجوم، والتخوين، والتشكيك في المعلومات، والحقيقة أن القرارات التي يتخذها البرلمان الأوروبي بناءً على المعلومات التي تقدمها منظمات حقوق الإنسان المصرية، ومنظمات حقوق الأنسان الدولية، والخبراء في هيئات الأمم المتحدة، والبرلمانات الوطنية، وتقرير الخارجية الأمريكية الخاص بحقوق الإنسان.. فليس من المعقول أن تكون هناك مؤامرة من كل هذه الأطراف.

ومحاولة التشكيك في المعلومات، والتشكيك في قضايا حقوق الإنسان، مثيرة للسخرية، وتزيد من عمق الفجوة وانعدام الثقة بين الدول والبرلمانات والمجتمع الدولي المهتم بحقوق الإنسان من ناحية، وبين الحكومة من الناحية الأخرى.

إلى أين وصلت مجريات الحوار الوطني في مصر؟ ولماذا لم ينطلق فعليا حتى الآن؟

سأجيبك بناءً على رؤية قطاع من الحقوقيين الموجودين بالخارج: عندما أعلن الرئيس في شهر نيسان/ إبريل عن مبادرة الحوار الوطني.. كان هناك ترحيب من المجتمع المدني، وهو ما يثبت بشكل قاطع أن قطاع كبير من المجتمع المدني، ومن المعارضة يرحب دائما بأي خطوة يخطوها النظام، ومستعد للتعاون في الملف الحقوقي؛ فتلقينا الدعوة ونحن نعلم أن الوضع كارثي في ملف الحقوق والحريات، وبالرغم من صعوبة تحديد نوايا أو أهداف النظام من إجراء الحوار الوطني.

وفي 12 أيار/ مايو 2022 صدر بيان مهم جدا من حوالي 500 ناشط من الداخل والخارج، ووقّع عليه حوالي 2000 شخص، جاء فيه أن الحوار الوطني يتطلب تدابير لبناء الثقة تدريجيا، فبالتأكيد النظام لن يستطيع تحقيق كل شيء في وقت قصير، خاصة وأن تركيبته وتكوينه يشتمل على تناقضات، والعقلية الحاكمة للنظام تخشى من أن يكون هناك انفتاح سياسي يؤدي إلى عواقب تضر باستقراره؛ فطالبنا بمطالب سهلة التنفيذ، وليس لها تكلفة سياسية.

طالبنا بإغلاق ملف القضية 173 (المعروفة بقضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني)؛ فليس من المعقول أن نتحدث عن حوار وطني والمجتمع المدني مُحاصر، أو رموز حقوق الإنسان ممنوعون من السفر، أو وضعت أسمائهم على قوائم الإرهاب، كما ليس من المعقول أن يكون هناك حوار وطني دون إعلام مستقل في مصر، وحجب مواقع الإنترنت، بالطبع نرحب بالإفراج عن بعض المعتقلين، لكن أعداد المعتقلين أكبر، أو على الأقل أوقف ماكينة الاعتقالات.

وقد استجاب النظام لبعض الإجراءات المحدودة التي طالبنا بها، لكن في النهاية اكتشفنا أن الحوار الوطني "مسرحية" و"مسلسل" والغرض منه بشكل رئيس احتواء الضغوط الناتجة عن الأزمة الاقتصادية، وربما لاحتواء الاهتمام الدولي في مرحلة ما، وخاصة أن الإدارة الأمريكية كانت قد جمدت جزءا من المساعدات مرتين متتاليتين، وأيضا في إطار التفاوض على القرض من صندوق النقد الدولي.

وبالتالي فالحوار الوطني لا ينبع من إرادة داخلية لانفتاح سياسي، وهناك إقصاء من الحوار الوطني بالتأكيد؛ فلا توجد على سبيل المثال أي أصوات من المعارضة أو المجتمع المدني في خارج مصر تم دعوتها، بل قوبلت بعض طلبات الانضمام للحوار بالرفض، حتى تم رفض «المنبر المصري لحقوق الإنسان» من المشاركة، إذ كانت المشاركة مقصورة فقط على قطاعات معينة على بعض الأفراد من المجتمع المدني -التي نحترمها بالتأكيد- والأحزاب السياسية الرسمية الموجودة في مصر.

إذن هو حوار جزئي، والمتوقع منه نتائج محدودة للغاية، وربما لن يؤدي إلى النتائج المرجوة منه، ولن تغير المشهد العام بأي صورة من الصور، لكن نتمنى من المعارضة السياسية وقيادات المجتمع المدني في الداخل والمشاركة في الحوار أن يستغلوا هذه الفرصة بشكل جيد؛ لأن النظام الآن في مرحلة تسمح بالضغط عليه، وتسمح بأن تكون هناك رؤية شاملة، وتسوية الملف الحقوقي بشكل جيد وفعال.

هل ترى أن نظام السيسي في موقف ضعيف الآن؟

الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وضعت النظام في مرحلة من الهشاشة إلى حد ما، وإلا لم يكن ليُجبر على الإجراءات التي قام بها خلال هذا العام، ولو عُقدت مقارنة بين وضع النظام هذا العام أو حتى عام 2021 وبين وضعه في السنوات السابقة فبالتأكيد سنجد اختلافا واضحا.

والفترة الحالية تسمح بوجود ضغوط وتمرير بعض المطالب، لكن الإشكالية الحقيقية في عدم التوازن مع السلطة، حتى في ظل الأزمات التي تواجه السلطة نجد أن المعارضة تلقت ضربات عنيفة منذ عام 2013 وأصبح الشغل الشاغل للمعارضة هو تحرير عدد محدود من المعتقلين؛ فهناك صعوبة لتعبئة قوية من الداخل حتى يحدث التوازن مع النظام المصري.

الآن حركة حقوق الإنسان هي التي تتصدى داخليا وخارجيا، لكن خطاب حقوق الإنسان محدود، كما أن حركة حقوق الإنسان لن تقوم بدور الأحزاب السياسية، أو المعارضة السياسية، ولكي يكون هناك تقدما للأمام في مصر لا بد من وجود أصوات تستطيع أن تتفاوض مع النظام الحاكم، وهذا ما نفتقده حاليا.