علقت أليسون رد في صحيفة "
التايمز" بأن
كأس العالم في
قطر لديه شاعرية لا مفر منها، مشيرة إلى أن أيسلندا كان لديها صوت الرعد. أما
المغرب، فلديه الأمهات.
فذكريات بطولة أوروبا لكرة القدم عام 2016 مرتبطة بصعود بلد أوروبي صغير بحجم كرويدون في إنجلترا، والتشجيع الأيسلندي الجميل له.
وفي بطولة العالم الحالية، شاهدنا بلدا لم يكن من المتوقع فوزه في المباريات الأولية، بل يستمر في الظهور وبنجاح أكبر. فالمغرب هو أول بلد عربي وأفريقي يصل إلى مباريات نصف النهائية، ومهما سيحدث في مباراة يوم الأربعاء مع فرنسا، فستظل الذاكرة الحية لهذه المباريات هي الكيفية التي احتفل فيها اللاعبون المغاربة بانتصاراتهم. فقد قرر الاتحاد الملكي لكرة القدم أن يدفع لعائلات أفراد الفريق للسفر إلى قطر، ولهذا بحث مدرب المنتخب وليد الركراكي واللاعبون عن أحبائهم بعد المباريات.
ونتج هذا عن مشاهد حية ومثيرة مثل والدة الركراكي، فاطمة التي عانقت ابنها، الذي بحث عنها بين الجماهير بعد الفوز على البرتغال، وكذا فعل اللاعبون وعانقوا والديهم. وأحضر سفيان بوفال، لاعب ساوثمبتون، والدته إلى الملعب، ورقصا وكأنهما في حفلة عرس، ولم يهتما بما فكر به الناس، بل الأهم الاحتفال باللحظة التاريخية.
وكانت المظاهر تغيرا منعشا عن هوس الإنكليز بالزوجات والصديقات والقيل والقال. فالأمهات هن المحبوبات، ولسن قلقات حول إنستغرام وما يمنحه من فرص. وبعد أن ضرب أشرف حكيمي ضربة بانينكا ضد إسبانيا، كافأته والدته الفرحة بقبلة، وحملت رأسه بين يديها.
وولد بوفال وزميله رومان سايس في فرنسا، وبالتأكيد فهناك 12 لاعبا من فرقة مكونة من 26 لاعبا ولدوا في المغرب، وهو ما يشير إلى الرابطة القوية. وبعد مناشدات قوية من الدول التي ولدوا فيها، إلا أن اللاعبين لم يقاوموا نداء تراث البلد الذي ولد فيه آباؤهم.
وعشقهم لبلدهم هو جزء رئيسي في انتصارهم حتى الآن. فاللعب في خط المواجهة والدفاع بتركيز وكثافة عادة ما يكون مجهدا، وأي خطأ ترتكبه يعني أنك انتهيت، هكذا عندما لعبوا ضد فرق المجموعة؛ كرواتيا وبلجيكا وكندا، وضد إسبانيا والبرتغال. ولم يهزم فريق الركراكي ولو مرة واحدة.
وعندما كنت تعتقد أن طاقتهم ستذبل، استدعوا الطاقة المخزونة في فترة الاستراحة أو في المرحلة الأخيرة. ولهذا فمن السهل أن تدعم منتخب المغرب، فهم الطرف الأضعف، لكنهم لا يخنقون المتعة في اللعبة، صحيح أنهم يدافعون جيدا، لكن وتيرة حركتهم السريعة من الخلف ممتعة. ووصول المغرب إلى نصف النهائي سيجلب مشاهدين ربما تجاهلوا نهائيات كأس العالم.
والأمر ليس متعلقا بكرة القدم، بل وبالمغرب الذي حصل على استقلاله من الفرنسيين والإسبان عام 1956، وأمة يمكن أن تخرج فرنسا، كما فعلت مع إسبانيا، هو فعل شاعري لا مفر منه. وحتى بلجيكا التي هزمها أسود الأطلسي 2-0 كان لها حضور استعماري في المحور الدولي بطنجة.
وساد الاحتفالات جو من الشك مع كل انتصار عابر، لكن حركة المرور توقفت في لندن ونيويورك عندما خرج المغاربة إلى الشوارع بالأعلام وأطلقوا الألعاب النارية. وهذا طرف ضعيف لا يشعر أنه على وشك التلاشي، وكانت فرنسا هي التي أنهت حلم أيسلندا قبل ستة أعوام، عندما تراجعت وشجعت الدولة الأصغر بقدرتها على نقل المعركة إلى البلد المضيف، لكن المغرب لن يرتكب الخطأ ذاته.