وسط ضجة إعلامية كبيرة أعلن وزير
الصحة والسكان
المصري عن حصول
تصميمات مركز طب الأسرة بحي النور بمدينة شرم الشيخ، على شهادة اعتماد "EDGE – Advanced" الدولية
للمباني الخضراء، الصادرة عن مؤسسة التمويل الدولية، كأول منشأة صحية مصرية يجري
تجهيزها وتطويرها، وفقا لمتطلبات الكفاءة والبناء في استهلاك "الطاقة والمياه
ومواد البناء"، وفقا لمنهجية "EDGE" بما يؤدي لخفض الانبعاثات الكربونية.
ومؤسسة التمويل الدولية، عضو مجموعة البنك
الدولي، هي أكبر مؤسسة إنمائية عالمية يركز عملها على القطاع الخاص في البلدان النامية،
حيث تعمل على دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام وتحسين حياة الأشخاص من خلال
تشجيع نمو القطاع الخاص بطرق شتى من خلال المشاركة في تقديم القروض والقروض
الموازية وغيرها من الوسائل، وإسداء المشورة لمؤسسات الأعمال والحكومات لتشجيع
الاستثمار الخاص وتحسين مناخ الاستثمار.
وتعد شهادة "EDGE" التي تعني
التميز في التصميم من أجل كفاءة أكبر، إحدى أهم الشهادات الدولية لتصنيف المباني
الخضراء، حيث قامت بتطويرها مؤسسة التمويل الدولية لمعالجة البصمة البيئية للبيئة
المُشيدة، وتهدف إلى تقليل التأثير البيئي للمباني في ثلاثة مجالات: الاستهلاك
المباشر للطاقة، واستهلاك المياه، وبصمة الطاقة لمواد البناء.
دستور 2014 قد وضح الحد الأدنى لموازنة الصحة بحيث لا يقل عن نسبة 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي تزيد تدريجيا لتصل إلى المستوى العالمي، والذي يتراوح حاليا بين 7 إلى 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ولكن الواقع في مصر هو أن موازنة الصحة يتم إدراجها سنويا بنسبة لا تزيد عن 1.4 في المئة
وللحصول على
هذه الشهادة، يجب أن يكون المبنى أكثر كفاءة بنسبة 20 في المئة من المباني
القياسية في نفس المنطقة، من حيث تحديد الموقع وكفاءة تصميم الهيكل، وكفاءة الطاقة،
وكفاءة استخدام المياه، وكفاءة المواد، وتحسين جودة
البيئة الداخلية، وتحسين
العمليات والصيانة، وتقليل النفايات والسموم.
يتمثل جوهر البناء الأخضر في تحسين
واحد أو أكثر من هذه المبادئ. أيضا، مع التصميم التآزري المناسب، قد تعمل تقنيات
المباني الخضراء الفردية معا لإنتاج تأثير تراكمي أكبر على الجانب الجمالي للهندسة
المعمارية الخضراء أو التصميم المستدام، وفلسفة تصميم مبنى يتوافق مع الميزات
والموارد الطبيعية المحيطة بالموقع. هناك عدة خطوات أساسية في تصميم المباني
المستدامة: تحديد مواد البناء "الخضراء" من المصادر المحلية، وتقليل
الأحمال، وتحسين الأنظمة، وتوليد الطاقة المتجددة في الموقع.
عجز الإنفاق الحكومي في تنفيذ
المستشفيات الخضراء والبحث عن خيارات التمويل البديل:
وكان دستور 2014
قد وضح الحد الأدنى لموازنة الصحة بحيث لا يقل عن نسبة 3 في المئة من إجمالي
الناتج المحلي تزيد تدريجيا لتصل إلى المستوى العالمي، والذي يتراوح حاليا بين 7 إلى 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ولكن
الواقع في مصر هو أن موازنة الصحة يتم إدراجها سنويا بنسبة لا تزيد عن 1.4 في
المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي حسب بيان وزارة
المالية للموازنة العامة للدولة لعام 2022-2023، وهذا بالمخالفة للاستحقاقات
الدستورية، مما يؤكد على وجود فجوة تمويلية واضحة بين تلك الزيادات الرقمية
الظاهرية في موازنة الصحة سنويا، وبين النسبة المئوية المستحقة دستوريا.
وفي دراسة
للمنتدى الاستراتيجي وسياسات التنمية في بداية شهر أيلول/ سبتمبر 2022، كانت
التوصية المهمة تشمل تخصيص المزيد من الأموال للإنفاق
الحكومي على الصحة. ولتغطية العجز في الإنفاق الحكومي على
الصحة فقد لجأت الدولة إلى عدة أدوات مالية منها:
أولا:
إصدار السندات الخضراء:
والسندات الخضراء هي أحد خيارات التمويل
المتاحة للشركات والحكومات الراغبة في دعم الاستثمارات والمشروعات التي تتعلق
بالمناخ والبيئة، ولذلك يسميه البعض بـ"التمويل الأخضر".
والسندات بصورة
عامة هي عبارة عن قروض في صورة صكوك (أوراق مالية) قابلة للتداول كالأسهم، سواء عن
طريق القيد أو التسليم،
وتصدرها الحكومات والشركات والمؤسسات. ويعد حامل السند أو الصك دائنا للحكومة أو
الشركة أو المؤسسة المصدرة للسند، مقابل عائد أو فائدة ثابتة ومحددة يتقاضاها حامل
السند، سواء ربحت الجهة المصدرة للسند أم خسرت، ومن حقه استرداد قيمة السندات عند
حلول أجل معين، وهذا الأجل قد يكون قصيرا أو متوسطا أو طويلا.
يأتي العمل على إصدار سندات مصر الخضراء في إطار مجموعة واسعة من الجهود التي يبذلها البنك الدولي بهدف مساندة الجهود المناخية في مصر، وبالتالي المساعدة في تحسين نوعية الحياة للمواطنين
وبحسب تقرير البنك الدولي
الصادر في شهر شباط/ فبراير 2022، فإن مصر قد اعتبرت أن
السندات الخضراء حل مالي
لتلبية الحاجة الملحة إلى استثمارات مستدامة بيئيا. والسند الأخضر هو صك استدانة يصدر للحصول على أموال
مخصصة لتمويل مشروعات متصلة بالمناخ أو البيئة، وفقا لبيانات البنك الدولي. وهذا هو الذي يميز السندات الخضراء عن السندات التقليدية، حيث يقيم المستثمرون
الأهداف البيئية المحددة للمشروعات التي تهدف السندات إلى مساندتها وفقا للبنك.
وفي شهر أيار/ مايو 2020،
أصدرت وزارة المالية سندات دولية بسيطة ذات ثلاث شرائح بقيمة خمسة مليارات دولارـ
وخلال الفترة المتبقية من السنة المالية، حيث درست مصر مجموعة متنوعة من بدائل
التمويل لمواصلة تنويع مصادر التمويل، بما في ذلك الصكوك الخضراء والسندات ذات سعر
الفائدة المتغير. وقد خصصت حصيلة بيع
السندات لتمويل النقل النظيف، والطاقة المتجددة، ومنع التلوث ومكافحته، والإدارة
المستدامة لمياه الشرب والصرف الصحي، وكفاءة استخدام الطاقة، والتكيف مع تغير
المناخ.
ويأتي
العمل على إصدار سندات مصر الخضراء في إطار مجموعة واسعة من الجهود التي يبذلها
البنك الدولي بهدف مساندة الجهود المناخية في مصر، وبالتالي المساعدة في تحسين
نوعية الحياة للمواطنين. وهذا الحل التمويلي يحقق تغييرا عميقا يتمثل في زيادة
إمكانية الحصول على مياه الشرب من خلال تحلية مياه البحر، وزيادة المحاصيل من خلال
إعادة استخدام المياه العادمة في أغراض الري عن طريق محطات المعالجة، والتنقل بشكل
أكثر أمانا ميسور التكلفة مثل مونوريل القاهرة.
ثانيا: الشراكة مع القطاع الخاص ممثلا في شركة
أسترازينيكا العالمية:
تم
توقيع اتفاقية تفاهم بين منظومة التأمين الصحي الجديد ممثلا في "الهيئة
العامة للرعاية الصحية" وشركة أسترازينيكا- مصر للصناعات الدوائية، في مجال
تعزيز مفهوم المنشآت الصحية الخضراء، وجاء ذلك على هامش فعاليات قمة المناخ
التابعة للأمم المتحدة، والتي استضافتها مصر في مدينة شرم الشيخ، خلال شهر تشرين
الثاني/ نوفمبر 2022 الماضي، حيث تم توقيع مذكرة التفاهم بين الهيئة والشركة سعيا
نحو تطبيق مفهوم المنشآت الصحية الخضراء الساعية نحو تعزيز العمل المناخي، وجذب
الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية بمصر، وإقامة المشروعات الصحية الخضراء
المستدامة، مما يسهم في توفير مزيد من فرص العمل وخدمة قطاعات الرعاية الصحية، بما
فيها منظومة التأمين الصحي الشامل، إضافة إلى ما يتحقق من نتائج إيجابية في هذا
الشأن.
وتأتي مذكرة
التفاهم في إطار تعزيز عدد من الأنشطة المتعلقة بالتحول الأخضر لمستشفيات الهيئة،
من خلال إنشاء محطات للطاقة النظيفة، واستخدام الأدوية والمستلزمات الطبية ذات
البصمة الكربونية المنخفضة، وزيادة المساحات الخضراء المزروعة بالمناطق المحيطة
بالمستشفيات، واستخدام المياه النقية والنظيفة، والتداول الأمثل للمخلفات الطبية
والمواد الكيماوية، من أجل تحسين جودة الهواء وخفض الانبعاثات الكربونية.
وكانت شركة أسترازينيكا،
قد شاركت في التأمين الطبي لمؤتمر المناخ (COP27)، من خلال توفير المستشفى الميداني المُصغر المقام في المنطقة الخضراء للمؤتمر؛ والذي ساهم في توفير خدمات
طبية فائقة الجودة للوفود المشاركة بالمؤتمر ويعد نقلة نوعية في مجال تقديم
الخدمات والرعاية الصحية بمعايير عالمية.
التأمين
الصحي والقفز نحو المستشفيات الخضراء رغم تعثر الانتشار في المحافظات حسب الجدول الزمني:
صدر قانون التأمين الصحي
الجديد رقم 2 لسنة 2018 منذ خمس سنوات حتى الآن، ويشمل ست مراحل لتغطية جميع
محافظات مصر على مدى 15 عاما، ولكنه وبرغم مرور ثلث المدة المقررة فما زال يحبو
داخل محافظتين فقط وبنسبة تغطية لا تتجاوز نسبة 3 في المئة فقط من السكان، وذلك
بسبب قصور الإنفاق الحكومي على الصحة، والذي نتج عنه ضعف شديد في البنية التحتية
لمنشآت الرعاية الصحية، وضعف أجور الفرق الطبية، وظاهرة هجرة الأطباء بنسبة 65 في
المئة خارج مصر.
بدلا من قيام الحكومة بضخ الأموال لزيادة موازنة الصحة، ورفع نسبة الإنفاق الحكومي حسب توصيات منظمة الصحة العالمية، فقد تم اللجوء إلى أدوات مالية أخرى مثل الاقتراض بالديون المباشرة، أو بإصدار السندات الخضراء، وبالشراكة مع القطاع الخاص
وبدلا من قيام الحكومة
بضخ الأموال لزيادة موازنة الصحة، ورفع نسبة الإنفاق الحكومي حسب توصيات منظمة
الصحة العالمية، فقد تم اللجوء إلى أدوات مالية أخرى مثل الاقتراض بالديون
المباشرة، أو بإصدار السندات الخضراء، وبالشراكة مع القطاع الخاص حسب القانون
الصادر عام 2010، وإعلان وزير المالية ورئيس هيئة التأمين الصحي عن بدء إجراء
دراسة اكتوارية جديدة لضمان الاستدامة للمشروع، ثم إصدار وثيقة ملكية الدولة والتي
ترتكز على مبدأ التخارج أو بيع الأصول والخصخصة للمنشآت الصحية؛ كما أعلن ذلك رئيس
الوزراء في المؤتمر الاقتصادي خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وخلاصة القول أنه وبالرغم
من أن المنشآت الصحية الخضراء قد أصبحت مطلبا بيئيا هاما، إلا أن توفير موازنة
حكومية للإنفاق على الصحة، وتطوير البنية التحتية بصورة عامة حسب الحد المناسب
لتقديم الرعاية الصحية بجودة وكفاية، يعتبر هو الأكثر أهمية لعموم الشعب في جميع
المحافظات.
ومن ناحية أخرى، فإن جميع
تلك المصادر من التمويل البديل والتي تعتمد عليها مصر حاليا؛ والتي أكد عليها
السيسي في آخر أيام المؤتمر الاقتصادي في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، قد تساعد على
إحداث حالة نجاح لحظي عارضة، ولكنها لن تحقق مبدأ الديمومة والاستمرارية، وهما
جناحا العدالة والمساواة في تقديم خدمات الرعاية الصحية بجودة عالية وشمولية لجميع
للمواطنين.