قد يعتقد البعض ممن لا يعرف شعارات المنتخبات في النظرة الأولى للصوة التذكارية للمنتخب الفرنسي أنه ربما منتخب أفريقي، بالنظر إلى الحضور الكبير للسود والعرب.
ومعروف أن المنتخب الفرنسي يسمى "اتحاد العرب والسود والبيض"، وهذا يزعج الكثير من الفرنسيين وخاصة منهم المتطرفون الذين ينادون بطرد المهاجرين الأفارقة والعرب.
في عام 2011 تحدثت العديد من التقارير الصحفية عن تخطيط الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لتقليص عدد اللاعبين "العرب" و"السود" في صفوف المنتخبات والأندية الفرنسية.
ونشر موقع "ميديابارت" الإلكتروني آنذاك تحقيقا يكشف فيه عن رغبة مسؤولي الاتحاد الفرنسي بتقليص عدد اللاعبين "العرب" و"السود" في صفوف المنتخبات ومراكز التكوين الفرنسية، مشيرا إلى أن مدرب منتخب "الديوك" لوران بلان قد بارك الفكرة.
وقال التحقيق إن مسؤولي الاتحاد عقدوا منذ نهاية العام 2010 عدة جلسات سرية ناقشوا فيها وضع
كرة القدم الفرنسية وأنهم أعربوا عن استيائهم من "الحضور المكثف للاعبين العرب والسود" في صفوف المنتخبات والأندية الفرنسية بل وحتى في مراكز التكوين، مضيفا أنهم في النهاية قرروا العمل على تقليص هذا الحضور لصالح ما سماه الموقع اللاعبين "البيض".
وكشف التحقيق أيضا أن عددا من مسؤولي الإدارة التقنية المسيرة لشؤون كرة القدم الفرنسية التابعة للاتحاد، "ومن بينهم المدرب لوران بلان"، وافقوا في "سرية تامة" على ضرورة تبني سياسة الحصص في كل مراكز تكوين الناشئين لا تتعدى فيها نسبة "العرب" و"السود" ثلاثين بالمائة من العدد الإجمالي.
هذه الأخبار التي نفاها الاتحاد الفرنسي آنذاك، أثارت غضب عدد من النجوم الأفارقة الذين لعبوا للمنتخب الفرنسي، حيث صرح ليليان تورام المدافع الدولي السابق الفائز ببطولة
كأس العالم في 1998 برفقة زين الدين زيدان ولوران بلان، ليومية "ليكيب" أنه في حال تأكد الخبر، فإن الأمور لا يمكن أن تبقى على حالها.
ومن جانبه قال باب ضيوف وهو رئيس نادي مرسيليا السابق والحامل للجنسيتين الفرنسية والسنغالية، لإذاعة "أر أم سي" أن "كرة القدم الفرنسية عنصرية تمارس سياسة الإقصاء". وتابع ضيوف أنه غير متأكد من صحة أنباء "ميديابارت" إلا أنها "في جوهرها تعكس واقع فرنسا المعاش".
وقامت صحيفة "Figro" في عام 2011، وتزامنا مع الجدل المثار حول قضية تقليص عدد اللاعبين "العرب" و"السود" في صفوف المنتخبات الفرنسية، بإنجاز تقرير مصور في منطقة "بوندي" وسألت الأطفال هناك عن رأيهم وبالمصادفة تم سؤال النجم الأول حاليا لمنتخب الديوك كليان
مبابي.
وأجاب مبابي الطفل الذي كان في عمر الـ12 آنذاك قائلا: "بالنظر إلى التاريخ فإن الأفضل هم السود والعرب باستثناء بلاتيني".
ولم يكن يعتقد الصحفي وحتى من شاهدوا الفيديو أن الطفل الذي تحدث سيصبح النجم الأول للمنتخب الفرنسي الذي قاد "الديوك" إلى التتويج بلقب كأس العالم 2018 وإلى نهائي 2022 الذي خسره أمام الأرجنتين.
وعلى غرار مبابي يضم المنتخب الفرنسي عددا كبيرا من اللاعبين ذوي الأصول الأفريقية والعربية، بل يشكلون الأغلبية في المنتخب.
من لاعب واحد إلى أكثر من نصف الفريق
في أول تتويج لمنتخب فرنسا بأول لقبٍ له في منافسة بكُرة القدم، كان في صفوف الديكة الفرنسية لاعبٌ واحد من ذوي البشرة السمراء، وهو اللاعب جان أمادو تيغانا، أمّا حالياً فصار عدد اللاعبين من ذوي البشرة السمراء والأصول الأفريقية يتجاوز 15 لاعبا، وذلك بعد أن ساعد هؤلاء اللاعبون
منتخب فرنسا في كتابة سيرة من المجد الكروي، بدأ بجيل زين الدين زيدان في مونديال 1998، واستمرّ مع الجيل الحالي الذي فاز بكأس العالم 2018، ووصل لنهائي مونديال 2022.
ويرى كثيرون أن المنتخب الفرنسي بدون نجومه الأفارقة لا يساوي شيئا وغير قادر على تحقيق ما حققه حتى الآن ببطولات كأس العالم، وسيكون منتخبا عاديا كغيره من المنتخبات المتواضعة في أوروبا.