ذكر موقع "ذي إنترسبت" في تقرير، أن
الجيش الأمريكي يريد تخليد ذكرى معركته الدموية والشرسة في مدينة
الفلوجة بإطلاق اسمها على بارجة حربية "يو أس أس فلوجة".
وقالت الصحيفة في
تقرير للصحفي بيتر ماس، ترجمته "عربي21"، إن فلوجة هي المدينة التي عانت أكبر قدر من العنف على يد الجيش الأمريكي كما يجمع المؤرخون في الشرق الأوسط.
وبعد أسابيع من سقوط بغداد عام 2003، قتل جنود الفرقة 82 المحمولة جوا 17 مدنيا بعد فتح النار على حشد من
العراقيين.
وكان القتل مقدمة لفيضان من العنف والدمار في عام 2004. وشملت العملية الدموية في ذلك العام مقتل أكثر من ألف مدني وقتل الأسرى من نقطة قريبة وتعذيب السجناء في سجن أبو غريب الذي لا يبعد سوى 20 ميلا عن الفلوجة.
واستمر عقاب الفلوجة حتى بعد الفترة الوحشية للاحتلال الأمريكي، ففي السنوات التي أعقبت المعركة، شهدت المدينة انتشار حالات السرطان والولادات المشوهة بسبب استخدام الجيش الأمريكي الذخيرة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب.
وبدلا من الإعتراف يما فعلته، فإن الولايات المتحدة تريد اختيار اسم الفلوجة لبناء بارجة حربية بكلفة 2.4 مليار دولار.
وأكد قائد
المارينز الجنرال ديفيد بيرغر، أن الجيش الأمريكي قرر التأكيد على روايته الخيالية عن الفلوجة باعتبارها انتصارا أمريكيا قائلا: "لقد انتصر المارينز وفي ظل ظروف غير مواتية، ضد عدو مصمم والذي كان يتمتع بكل المميزات للدفاع في حروب المدن".
وأضاف في مؤتمر صحفي عندما أعلن عن الاسم أن "معركة الفلوجة كانت وستظل محفورة في ذهن كل المارينز وستذكر بأمتنا وأعدائها، ولماذا يعتبر المارينز أنفسهم الأفضل في العالم".
وذكر إعلان المارينز أن 100 من قوات الولايات المتحدة وحلفائها قتلوا في المعركة، ولكنه تجاهل عدد الضحايا المدنيين العراقيين وتدمير أجزاء واسعة من المدينة باستخدام القنابل عالية الكلفة والمشاكل الصحية التي تركها الهجوم الأمريكي إلى جانب جرائم الحرب.
وفي الوقت الذي لم يحدث فيه الإعلان ردة فعل في الولايات المتحدة، فإن تبييض صفحة الجيش الأمريكي أثار غضبا في العراق وأماكن أخرى. وقال أحمد منصور، مراسل الجزيرة الذي غطى المعركة: "لا يزال ألم الهزيمة في الفلوجة يلاحق الجيش الأمريكي.. ويريدون تحويل جرائم الحرب التي ارتكبت هناك إلى نصر، وكنت شاهدا على الهزيمة الأمريكية في معركة الفلوجة".
وقال الناشط العراقي مرتضى الزيدي الذي ألقى حذاءه على الرئيس جورج دبليو بوش عام 2008: "من الإهانة أن تعتبر قتل الأبرياء انتصارا.. هل تريد التفاخر بقتل الجنود وملاحقة الأبرياء؟.. وآمل أن تذكركم هذه السفينة دائما بعار الغزو وذل الاحتلال".
وأشار الكاتب بتجربته حيث كان مرفقا مع الجيش الأمريكي أن الفلوجة كانت أخطر منطقة في العراق بعد الاحتلال.
وحدثت معركتان في الفلوجة، الأولى عندما سيطرت القوات الأمريكية على المدينة جزئيا في آذار/ مارس 2003، وسلمتها للسلطات العراقية التي تخلت عنها لاحقا للمسلحين، وقتل 800 عراقي في تلك المعركة معظمهم من المدنيين.
ثم شنت القوات الأمريكية في نهاية العام معركة أوسع وشاركت فيها وحدات عسكرية أكبر من أجل السيطرة على المدينة بناية بعد بناية واستمرت ما بين تشرين الثاني/ نوفمبر و كانون الأول/ ديسمبر.
وقام جندي بإطلاق النار على عراقي ممدد على الأرض وسمع صوت في التسجيل وهو يقول: "حسنا، هو ميت الآن". وبعد تحقيق في الحادث وجد أن فعل الجندي متناسب مع قواعد الاشتباك وقوانين النزاعات المسلحة وحق الماريتز الأساسي في الدفاع عن النفس.
وبعد المعركة تم إخراج 700 جثة من بين الأنقاض معظهما من النساء والأطفال، بحسب مدير مستشفى الفلوجة، والذي قال إن العد الذي قام به كان جزئيا لأن مناطق في المدينة لم يتم الوصول إليها لإنقاذ المدنيين.
وكانت المعركة الثانية أكثر دموية للمدنيين من الأولى بحسب رفاعة العيسوي الذي كتب مقالا نشر عام 2005 في "إيرين نيوز" وهي مؤسسة تمولها الأمم المتحدة، أشار فيه إلى أنها "من أكثر الأوضاع إثارة للكآبة وشاهدته منذ بداية الحرب".
وقال الكاتب إن التاريخ محفور في الكتب والأفلام والمقاتلات والنصب التذكارية، ولكن أمريكا تريد تخليد انتصارات جنودها الشجعان بإطلاق اسم بارجة بدون الاعتراف بالضحايا أو الجرائم التي ارتكبت.
ولا يستطيع الكاتب فهم السبب وكيف قرر قادة البنتاغون اختيار اسم الفلوجة على اسم بارجة لم تبن بعد، متسائلا: "هل هم غير عارفين بما جرى؟ وهل هم يعرفون ولكنهم قرروا تجنب الحقيقة؟.. هل يعولون على عدم اهتمام الرأي العام؟ أم إنهم يريدون إرسال رسالة بأن أمريكا تستطيع
تدمير أي مدينة تختارها في العالم؟"، مطالبا بتحرك جماعات الضغط لتغيير اسم السفينة.