صحافة دولية

صحفيان بريطانيان: قطر نظمت بطولة عظيمة رغم أكاذيب الإعلام الغربي

أمير قطر مع ميسي في تتويج الفائز بالمونديال- جيتي
قال الصحفيان البريطانيان، عمران ملا وبيتر أوبورن، إن الفترة التي سبقت انعقاد مونديال قطر 2022، كانت حافلة بحملات نقد شرسة من قبل الإعلام الغربي، وقد رسم الصحفيون لقطر صورة في غاية البشاعة والهمجية، إضافة إلى هجمات السياسيين الغربيين، لكن كل هذه النبوءات تم تكذيبها بعد التنظيم والنجاح المبهر لفعاليات كأس العالم.

وقال الصحافيان في مقال مشترك على موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، ترجمته "عربي21"، إن زعيم حزب العمال في بريطانيا كير ستارمر، صرح بأن الحزب لن يرسل أيا من أعضائه لحضور البطولة في قطر.

وأضاف، أنه قد تجاوز التنديد الانتقادات المعقولة بشأن قضايا حقوق الإنسان. فكانت هناك توقعات جامحة، وجذلة في بعض الأحيان، بأن قطر لم تكن مستعدة لاستضافة البطولة، وثار السخط بسبب القرار الذي اتخذ في اللحظة الأخيرة بحظر بيع الخمور داخل الملاعب.

وانتشرت الروايات الكاذبة حول دفع رشاوي للعمال المهاجرين من جنوب آسيا حتى يشجعوا فرقاً بعينها، بينما قررت الـ"بي بي سي" عدم بث الحفل الافتتاحي، رغم أنها كانت قد بثت حفل افتتاح كأس العالم في روسيا عام 2018.

وأضافا: "والآن، أما وقد انتهت البطولة، فقد ثبت أنها نجحت نجاحاً باهراً، وبذلك كذبت كل النبوءات التي توقعت الويل والثبور".

ولفتا إلى أنه لم تقع أعمال شغب في الدوحة، ولم يحصل تعطيل يذكر، ولم تشهد البطولة كوارث تنظيمية ذات بال.. في الواقع، مر الحدث بأسره مرور الكرام، وكانت تلك أول بطولة كأس عالم في التاريخ لم يلق فيها القبض على شخص واحد من مشجعي إنجلترا.

والآن، أما وقد انتهت البطولة، فإنه ينبغي بطبيعة الحال الاستمرار في إخضاع قطر للتحري بشأن قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك معاملة العمال المهاجرين وحقوق الأقليات. ولكن، يبدو أن كثيراً من المعلقين عازمون إلى حد السخافة على الاستمرار في توبيخ البلد بسبب تقاليده الثقافية.

وقال الصحفيان: "لقد فعلوا ذلك يوم الأحد عندما أهدى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، البشت (العباءة)، وهو لباس عربي احتفالي تقليدي، للأرجنتيني ليونيل ميسي بينما كان يرفع كأس العالم بيديه. وهي مبادرة قُصد منها التعبير لميسي عن الاحترام والحفاوة والتكريم من خلال عرض للثقافة المحلية في اللحظات الأخيرة من حدث عالمي حقق، بلا ريب، نجاحاً باهراً".

وصفت "ديلي تليغراف" ما حدث بالقول إنه "عمل شاذ دمر أعظم لحظة في تاريخ كأس العالم". وأما مقدم برامج الـ"بي بي سي" غاري لينيكر، الذي أخضع مشاهدي التلفزيون إلى جعجعة من العداء لقطر في بداية كأس العالم، فقد استهجن بسخرية واستهزاء ما فعله أمير قطر، واصفاً البشت، والذي يعتبر ارتداؤه في قطر علامة على التكريم، بالثوب الصغير. أما لوري وايت ويل، الذي يكتب عن كرة القدم لصحيفة ذي أتلانتيك، فوصف ارتداء ميسي للبشت بأنه "مظهر غريب لا ضرورة له"..

وأما مارك أوغدن، كبير الكتاب في "إي إس بيه إن" فأعرب عن تقززه، قائلاً في تغريدة ما لبث أن حذفها: "كل الصور دمرت من قبل شخص جعل ميسي يرتدي معطفاً كما لو كان يوشك أن يجلس عند الحلاق ليقص شعره"، وفي تغريدة حذفت كذلك فيما بعد، قال دان ووكر من القناة الخامسة: "أراهنكم أن مبابيه سعيد بأنه نجا من الرداء الغريب ذي الحافة الذهبية".

ولا يقتصر الأمر على وسائل الإعلام البريطانية. فمن خلال شاشة قناة التلفزيون الفرنسية "بي إف إم تي في"، فقد أعرب المعلقون عن انزعاجهم الشديد من ارتداء ميسي للبيشت، وسخروا منه مطلقين عليه أوصافاً مثل "بساط محلي رخيص" و"روب الحمام". وكما يعرف مسلمو فرنسا جيداً فإن وسائل الإعلام الفرنسية تعتبر أي شكل من أشكال الزي الإسلامي شيئاً مستهجناً، بل وخطيئة من الخطايا.


وقال الصحفيان: "دعونا نصف ذلك كله بما هو عليه في الحقيقة: إنه تعصب بذيء. لا يؤاخذ كثير من الناس في العالم العربي إن افترضوا أن بعض الصحفيين الأوروبيين ليسوا مدفوعين بالسخط على سجل قطر في مجال حقوق الإنسان وإنما بالكراهية للإسلام وللثقافة العربية".

لقد عرت تغطية مباريات كأس العالم الكبر الثقافي لدى كثير من الصحفيين، الذين يتعاملون مع الأعراف الأوروبية كما لو كانت الوضع الطبيعي والمعيار الذهبي، ويرون أن أي احتفاء بثقافة أخرى – مثل إسباع أمير قطر البشت على كتفي ميسي – فعلا ينبغي أن يهاجم باعتباره اختراقاً همجياً.

ولفتا إلى  أن "هذه الشوفينية العدائية، سيطرت على مجمل التغطية الغربية لأحداث كأس العالم. خذ على سبيل المثال الشكوى الشائعة من أنه ما كان ينبغي عقد البطولة في الشتاء، وهو أمر استدعاه كون حرارة الصيف في قطر شديدة جداً".

ومضمون هذا التظلم الغربي هو أنه لا ينبغي إزعاج الأوروبيين وأنه يجب على بقية العالم الخضوع لرغبات أوروبا.

وقال الصحفيان: "ثم جاء الاحتجاج على حظر بيع الخمور داخل الملاعب. صور ذلك في بعض وسائل الإعلام البريطانية باعتباره خضوعاً للثقافة الإسلامية الأنانية التي سوف تدمر التجربة بالنسبة لحملة التذاكر، إلا أن كثيراً من المشجعين من كل أنحاء العالم، بما في ذلك ليس فقط المسلمون الممتنعون عن تعاطي الخمور، بل وكذلك النساء اللواتي شعرن بالأمان والاطمئنان، سرهم تطبيق الأحكام الجديدة".

لطالما أصرت وسائل الإعلام والطبقة السياسية في الغرب على حتمية أن يتكيف الناس في بقية العالم مع رغباتهم وقيمهم، ولعل هذا ما يفسر لماذا أغضبهم تأكيد قطر بثقة واعتزاز على ثقافتها هي.

ووصف الصحفيان تنظيم كأس العالم في قطر بالعظيم، وأضافا أنه "بالفعل، كان هذا بالنسبة للعالم العربي كأس عالم عظيما وخارقا للعادة، الأول الذي ينعقد في الشرق الأوسط. شهدت الدوحة استعراضات واضحة للتضامن مع فلسطين حتى غدت تلك واحدة من أهم خصائص البطولة. وبالنسبة لكثير من المسلمين، فقد أثار مشاعرهم سماع القرآن يتلى في الحفل الافتتاحي".

وشهدت البطولة انتصارات غير متوقعة، مثل الهزيمة التي ألحقتها المملكة العربية السعودية بالأرجنتين في بداية البطولة، وانطلقت بسببها الاحتفالات متجاوزة الحدود القطرية والاختلافات السياسية.

وكان الحدث الأبرز هو نجاح المغرب في ما يشبه المعجزة، فكان فريقها أول فريق عربي يصل إلى الأربعة النهائية في كأس العالم. ولذلك كانت هذه البطولة بالنسبة للكثيرين، بمثابة معلم تاريخي.

في تلك الأثناء، رأى العشرات من المشجعين الذين وردوا من البلدان الأوروبية في وجودهم في قطر فرصة للتعلم عن الإسلام وعن الثقافة القطرية، فزاروا المساجد، وأقاموا صداقات جديدة، وارتدوا الملابس التقليدية. وشهد الميدان تبادلاً ثقافياً حماسياً، وسرت فيه روح أممية كم تحتاج إليها الإنسانية بعد أن أضحى العالم، وبشكل متزايد، شديد الانقسام.

وختما بالقول: "ينبغي على الـ بي بي سي، وبشكل خاص لينيكر، ووسائل الإعلام الفرنسية المتحاملة، وجل الصحافة البريطانية، التقدم باعتذار كبير لقطر. آن لهم أن يقروا بأنهم أخطأوا التقدير وأن قطر استضافت واحدة من أروع بطولات كأس العالم في التاريخ".