فوجئت
الحكومة الإسرائيلية الجديدة بتزامن استلام مهامها مع تصعيد
فلسطيني في الأمم المتحدة
بشأن الحصول على تأييدها بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول استمرار
الاحتلال
الإسرائيلي في الضفة الغربية، لأنه يتعارض بالضرورة مع خطط حكومة بنيامين نتنياهو لتعميق
الاحتلال فيها، ما سيقدم "ذخيرة حية" من قبل قضاة
محكمة لاهاي، ويضاف لذلك
سلسلة الخطوط الحمر التي حددتها إدارة بايدن والضغط الأوروبي، وهو ما سيزيد من حقل الألغام
السياسية المتزايدة.
باراك
رافيد المراسل السياسي لموقع "
واللا" أكد أن "قرار الأمم المتحدة سيكون
ثقلًا على رقبة إسرائيل وحكومتها اليمينية الجديدة، والسبب في ذلك أن اتفاقيات الائتلاف
الحكومي وضعت خططا ميدانية لتعميق الاحتلال في الضفة الغربية، بما في ذلك تعزيز الضم،
وهذا يعني تشجيع 15 قاضيا في المحكمة على تقديم الرأي القانوني المريح للفلسطينيين، ما قد يدفع نتنياهو الذي سيظهر الأكثر اعتدالًا في الحكومة إلى كبح جماح شركائه، ووقف
تحركات اليمين المتطرف لديه".
وأضاف
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "مسؤولين رفيعي المستوى بوزارة الخارجية
أعربوا عن استيائهم لأنه منذ البداية لم تكن هناك فرصة لمنع القرار الذي فازت به الأغلبية
بشكل شبه تلقائي، وقد صوّت هذه المرة عدد أكبر من الدول ضده بعدد 23، أو امتنعت عن
التصويت وأيده عدد أقل من الدول، وهذه المعارضة ستكون "قاعدة" إسرائيل في
الصراع السياسي القانوني الذي سيبدأ في الأسابيع المقبلة في محاولة للتأثير على المحكمة".
وأشار
إلى أن "إسرائيل ستخاطب هذه الدول رسمياً لتوضح للقضاة سبب تصويتهم ضد القرار،
حيث تستمر عملية نشر رأي المحكمة عاما أو عامين، وهذا لن يساعد صورتها في العالم، ورغم
أن الرأي غير ملزم، فإن الدول والمنظمات ستكون قادرة على استخدامه كمبرر لفرض عقوبات
عليها، مع العلم أن الإجراءات القانونية للمحكمة تنضم للقيود الدولية والخطوط الحمر التي ستضعها إدارة بايدن أمام الحكومة الجديدة، كما أنه سيزداد الضغط الأوروبي عليها إذا
شعروا أن هناك ضوءًا أخضر من واشنطن".
وأوضح
أنه "إذا لم يفهم إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش هذه القيود، ولم يعيدا ضبط
أطماعهما وخططهما، فسيكون من الصعب على نتنياهو التنقل عبر حقل الألغام السياسي هذا، ما يعني وصفة جاهزة للمواجهة مع المجتمع الدولي، وربما حتى أزمة سياسية تؤدي إلى تغيير
في تكوين الحكومة".
بانينا
شارفيت باروخ الرئيسة السابقة لقسم القانون الدولي في النيابة العسكرية، أكدت أن
"سياسة الحكومة، وطريقة تصرفها، قد تؤثر على مضمون قرارات المحكمة وخطورتها، بما
في ذلك إجراءات ضم الأراضي، أو الانتهاك الصارخ لحقوق الفلسطينيين، فضلاً عن إضعاف
الهيكل القانوني من خلال المساس بفصل السلطات، حيث ستستخدم جميعها في الحملة الدولية،
وقد تؤدي إلى تفاقم الضرر الذي يلحق بإسرائيل".
من الواضح
أن قرار الأمم المتحدة يخلق وضعا صعبا على الاحتلال، فهو من جهة يمنح مطالبة الفلسطينيين
مشروعية، وترويجا لهذه الخطوة، ومن جهة أخرى تظهر مطالبة غالبية الحكومة الإسرائيلية
التي تحاول منعها، وسط مزاعمها القائلة بأنه يجب الاستمرار في احتلال وضم الضفة الغربية،
بزعم أنها عملية يجب تقويتها وتسريعها، لأن ذلك مكتوب في اتفاق الائتلاف.
في الوقت
ذاته، فإن أحد الأسئلة الرئيسية سيكون عن ما إذا كانت إسرائيل ستقاطع إجراءات المحكمة،
أو تشارك فيها وتحاول التأثير، ورغم أنه في حالات مماثلة في الماضي كان هناك عدد غير
قليل من الأشخاص في وزارة الخارجية يعتقدون أن من مصلحة الاحتلال التعاون مع المحكمة
الدولية، لكن التركيبة الحالية للحكومة قد لا ترى في هذا الرأي فكرة جيدة.