في تطور إسرائيلي جديد للتعامل مع
الأزمة السياسية المتفاقمة، ظهرت أصوات جديدة تطالب بإجراء
استفتاء شعبي عام حول التغييرات القضائية التي تتبناها
الحكومة اليمينية الجديدة، لأنه لا يعرف حتى الآن عدد مؤيديها ومعارضيها، لسبب بسيط هو أن تفاصيل هذه التغييرات لم تطرح للتصويت على الإطلاق، ما يستدعي من أوساط القرار الإسرائيلي أن تتعرف على مواقف الإسرائيليين، لاسيما في أعقاب تظاهرات السبت الأخيرة ضد التغييرات المقترحة في النظام القضائي.
وتزداد دعوات إجراء الاستفتاء الإسرائيلي عقب الردود الحكومية على التظاهرات الأخيرة التي شارك فيها عشرات الآلاف، لكن وزير الثقافة الليكودي ميكي زوهار، زعم أن "هناك آلافا خرجوا في التظاهرة، في حين أن الملايين صوّتوا في الانتخابات"، أما وزير المالية زعيم الصهيونية الدينية بيتسلئيل سموتريتش فزعم أن "الشعب معنا، وبقوتهم سنقوم بالإصلاحات القضائية"، ولذلك فإن من الصعب فهم ثقة الوزيرين بمواقفهما.
البروفيسور نيراون هاشاي عميد كلية أريسون لإدارة الأعمال بجامعة رايخمان، ذكر أنه "قد يكون صحيحا أن أجزاء كثيرة من الجمهور الإسرائيلي، وبالتأكيد من الجمهور الذي انتخب الليكود وشركاءه في الائتلاف، يدعمون التغييرات في النظام القضائي، لكن الحقيقة أنه حتى أجزاء كثيرة ممن لم يختاروا التحالف الحالي يعتقدون أن مثل هذا التغييرات مطلوبة، وأن هناك مشكلة حوكمة حقيقية في إسرائيل".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أنه "في اختبار الوقائع فإن مجموعة التغييرات الواردة في مشروع القانون الذي قدمه الوزير ياريف ليفين، الداعية لإلغاء القوانين في المحكمة العليا، وتمرير حلّ الكنيست بأغلبية 61 عضوًا في الكنيست، وإلغاء تشكيل لجنة اختيار القضاة، لم يتم تضمينها في برنامج الليكود، أو برنامج أي حزب خلال الانتخابات، ما يدعو إلى التساؤل: كيف استنتج الوزراء أن الإسرائيليين معهم، ويؤيدون التغييرات المقترحة؟".
وقال: "لنفترض أن حكومة يسار الوسط ستصل إلى السلطة، وبعد فترة وجيزة من إنشائها ستوقع اتفاقية حول إقامة دولة فلسطينية، هل يمكن لمثل هذه الحكومة أن تستخدم الحجة القائلة بأن ناخبيها يدعمون حل الدولتين لشعبين، وبالتالي انتخبوها، مع العلم أن تفاصيل مثل هذه الدولة الفلسطينية بين أن تكون منزوعة السلاح، وما هي عاصمتها، ومساحتها الإجمالية، قد يدفع ناخبي يسار الوسط إلى تأييد هذه الدولة أو يعارضونها".
وأشار إلى أن "دعم حل الدولتين يختلف اختلافًا جوهريًا عن دعم اتفاقية محددة لإقامة دولة فلسطينية لم تكن أمام أعين الناخبين الإسرائيليين عندما صوتوا، مع العلم أن قادة يسار الوسط، بمن فيهم إيهود باراك وإيهود أولمرت، أكدوا أن أي اتفاق على دولة فلسطينية سيُعرض على الشعب الإسرائيلي لاتخاذ قرار، واليوم فإنه حتى لو كان الكثير من الإسرائيليين يؤيدون إصلاح النظام القضائي، فليس من الواضح على الإطلاق أنهم يؤيدون إصلاح جميع مكوناته كما اقترح الوزير ليفين".
الخلاصة من الدعوة الإسرائيلية لإجراء استفتاء شعبي عام، أنه من المحتمل جدًا أن يكون هناك من يؤيد الأغلبية المنسوبة لإلغاء القوانين في المحكمة العليا، فقد يؤيد آخرون بندًا يحل محله، ولكن بأغلبية مميزة، وجزء آخر يؤيد إلغاء لجنة تعيين القضاة، ولكن ليس لصالح تغيير تكوين اللجنة، وما إلى ذلك، كل هذا يعني أننا لا نعرف حقًا عدد المؤيدين للتغييرات المقترحة، وعدد الذين يعارضونها، لسبب بسيط أن تفاصيل التغييرات لم تطرح للتصويت أبدًا.
من التبريرات الأخرى لإجراء الاستفتاء أن مؤيدي التغييرات المقترحة ومعارضيها يزعمون أنه سيغير وجه دولة الاحتلال، سواء للأفضل أو للأسوأ، اعتمادًا على عين الناظر، ما يستدعي إفساح المجال للإسرائيليين ليقولوا كلمتهم، وفي هذه الحالة فإن الاستفتاء سيسمح لكل إسرائيلي بالتصويت، سواء كان مع التغييرات المقترحة أو ضدها، وسيكون قادرًا على تحديد ما إذا كانت هناك أغلبية مؤيدة للمقترحات أم لا. لكن إجراء الاستفتاء قد يزيد من تأزيم الأزمة السياسية، وليس حلّها.