نشر موقع "
فوتبول مايكس هيستوري" الأوروبي تقريرًا، تطرّق فيه لقضية التحول الكبير الذي شهدته الملاعب الإنجليزية في التعامل مع اللاعبين والمشجعين المسلمين، وتلبية احتياجاتهم الدينية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إنه منذ أن تسببت تغريدة في سنة 2015 في إثارة ضجة بعد مشاهدة اثنين من المشجعين المسلمين وهما يؤديان شعيرة الصلاة على مدرجات ملعب الأنفيلد خلال إحدى مباريات ليفربول؛ أظهرت
كرة القدم الإنجليزية تقدمًا كبيرًا في توفير متطلبات الالتزامات الدينية للاعبين والمشجعين المسلمين، في ملاعب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وأشار الموقع إلى أن قاعات الصلاة أصبحت متوفرة في ملاعب إنجلترا، وأصبحت كرة القدم الإنجليزية أكثر انفتاحًا على المسلمين الملتزمين بواجباتهم الدينية، ولم تعد كرة القدم مجرد لعبة محبوبة فقط، بل يمكن أيضًا تبنّيها كطريقة لمد جسور الربط بين المجتمعات والثقافات المختلفة.
وذكر الموقع أن ما حدث لمشجع مسلم لنادي ليفربول خلال شهر رمضان 2022، خلال مباراة الريدز ضد مانشستر يونايتد بتاريخ 19 نيسان/أبريل 2022 في ملعب أنفيلد، كان سابقة في تاريخ الدوري الإنجليزي، حيث رافقه مشرفون في الملعب إلى غرفة خاصة لأداء الصلاة، ثم العودة إلى مقعده في المدرجات.
وأعرب هذا المشجع لاحقًا - عبر تغريدة في تويتر - عن إعجابه بصنيع هؤلاء المشرفين، وانتشرت تغريدة التقدير هذه بعد المباراة، ولاقت الكثير من التجاوب والردود الإيجابية من مشجعين آخرين لفريقه وحتى لفرق أخرى.
وبيّن الموقع أنه قبل بضع سنوات، وبالذات في 2015، كان الوضع مغايرًا تمامًا، ففي تلك السنة، انتشرت تغريدة من أحد مشجعي ليفربول أيضًا لكن بطريقة سلبية؛ حيث شارك صورة لمسلميْن يصليان على الدرج أثناء مباراة ليفربول وبلاكبيرن روفرز في كأس الاتحاد الإنجليزي، مرفوقة بتعليق مسيء.
وتلقى هذا المشجع الكثير من الردود السلبية، مما أجبره على حذف التغريدة لاحقًا، في حين عبرّ المسلمان الظاهران في الصورة عن حزنهما الشديد لأن ممارسة شعيرة دينية قد تم وصفها بصفات مسيئة.
حيال هذه الحادثة؛ قال المعنيان لصحيفة "ليفربول إيكو": "إن التربية هي المفتاح لمنع مثل هذه الأشياء من الحدوث. ربما لم يصادف هذا الشخص الذي التقط الصورة، مسلمين من قبل ولا يعرف معنى وأهمية الصلاة"، ليضيف أحدهما أنه سيكون سعيدًا جدًا بلقائه ليشرح له معنى الصلاة والمحافظة على أوقاتها.
التنوع الديني في الدوري الإنجليزي الممتاز
ولفت الموقع إلى أنه منذ تلك الحادثة التي وقعت في ملعب الأنفيلد، أصبح اللاعبون والمشجعون المسلمون يحصلون بشكل متزايد على احتياجاتهم الدينية في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومع وجود العشرات من لاعبي كرة القدم المسلمين وعدد كبير من الجالية المسلمة في المملكة المتحدة، فهو أمر يبدو منطقيًا وضروريًا.
ونوّه الموقع إلى أن وجود العديد من أندية وملاعب كرة القدم الإنجليزية مملوكة لجهات راعية عربية مثل الإمارات، لها دور أيضًا في ذلك، بالإضافة إلى اللاعبين النجوم من ذوي العقيدة الإسلامية الذين ينشطون في هذه الأندية، حيث أصبح نجم ليفربول محمد
صلاح، على سبيل المثال، رمزًا مهمًا في التحول الإيجابي الذي حظي به المسلمون، ووصل الأمر بجماهير ليفربول لترديد أغنية تحمل عبارات إسلامية، لتشجيع الحاصل على أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي 3 مرات، تقول كلماتها:
إذا كان جيدًا بما يكفي بالنسبة لك
فهو جيد بما يكفي بالنسبة لي
وإذا سجل عددًا قليلاً من الأهداف
سأكون مسلمًا أيضًا
الجلوس في المسجد
هذا هو المكان الذي أريد أن أكون فيه
هذه هي "أغنية
مو صلاح" التي يغنيها من وقت لآخر وبشغف كبير، العديد من المشجعين الإنجليز داخل الملاعب وخارجها.
وأضاف الموقع أن "ليفربول ومحمد صلاح" ليس النموذج الوحيد، ففي سنة 2015، نشرت صحيفة الغارديان تقريرًا عن الأندية التي تقدم فضاءات متعددة الأديان في ملاعبها للاعبين والمشجعين، مثل أرسنال وكريستال بالاس وتوتنهام ونيوكاسل يونايتد، واستجابت الكثير من الأندية لمتطلبات المسلمين.
لقد فهمت أندية مثل أرسنال وليفربول ومانشستر سيتي هذا الأمر جيدًا ولعبت دورًا رائدًا في التفهّم المتزايد للعقيدة الإسلامية من خلال تقديم التسهيلات أو الدعم، والتحول نحو المزيد من إدراج ثقافات العقيدة الإسلامية في كرة القدم الإنجليزية، وكل هذه التطورات في الرياضة الإنجليزية، تمنح الأمل بأن ثقافة كرة القدم الإنجليزية تنفتح أكثر فأكثر تجاه الأشخاص من خلفيات دينية مختلفة.
نموذج بلاكبيرن روفرز في التقريب بين المجتمعات
وأوضح الموقع أن نادي "بلاكبيرن روفرز" الذي يلعب حاليًا في الدرجة الثانية من الدوري الإنجليزي، يعتبر أحد أبرز المرشحين الآخرين في مجال التنوع الديني في كرة القدم الإنجليزية؛ حيث تتمتع مدينة بلاكبيرن، مثل لندن، بوجود واحدة من أكبر الجاليات المسلمة في إنجلترا، وتعرف من حين لآخر بعض التوترات وتحديات الاندماج التي تحدث في المجتمع المحلي.
ووفق الموقع؛ يرى نادي كرة القدم "بلاكبيرن روفرز" - الذي تأسس سنة 1875 والذي يعتبر الباعث الحقيقي لمنافسة الدوري الإنجليزي لكرة القدم - أن مهمته هي لعب دور قيادي في تقريب المجتمعات في ملعب "إيوود بارك"، والتأكد من إشراك الجميع والحرص على معاملتهم بعدل ومساواة. ولتحقيق هذه الأهداف، أنشأ في العقد الماضي مؤسسة تسمى "وان روفرز" - المستمدة من تسمية النادي - لتحفيز ودعم التنوع والتقريب بين المجتمعات.
في هذا الشأن؛ يقول مسؤولو النادي: "نحن ملتزمون باستخدام كرة القدم كوسيلة للتقريب بين المجتمعات، وجعل ملعب "إيوود بارك" مكانًا يمكن لأي شخص أن يكون آمنًا فيه، ويتصرف على طبيعته ويكون جزءًا من نادي بلاكبيرن روفرز".
وفي إطار هذه الإجراءات؛ أصبح "بلاكبيرن روفرز" أول نادٍ في الدوري الإنجليزي الممتاز يستضيف صلاة المسلمين في عيد الفطر على أرض الملعب، وكان ذلك في أيار/مايو 2022، حيث أدى آلاف المسلمين هذه الشعيرة جماعيًا.
وختم الموقع تقريره بالقول إن الاندماج ليس قصة سهلة أبدًا، وليس تحديًا يتم تجاوزه ببساطة عن طريق ترديد الأغاني للاعبين المسلمين، لكن كل هذه الخطوات مجتمعة معًا تساعد في الانفتاح وخلق المزيد من التفهّم والتقبل، تجاه العقيدة الإسلامية.