تشهد
دولة الاحتلال فقدانا لما تعتبره وحدة وطنية، واتساع رقعة الخلاف على الأهداف الإسرائيلية المشتركة، مما يشكل علامات إضافية على اتساع الصدع في بنية
الجدار الحديدي الإسرائيلي بالتزامن مع تصاعد العمليات الفدائية.
الجنرال غيرشون هكوهين القائد السابق لهيئة الأركان العامة، وعضو حركة "الأمنيين"، قال إنه "من أجل فهم أفضل لما تواجهه إسرائيل هذه الأيام يمكن العودة لمقال زئيف جابوتنسكي حول الجدار الحديدي، المنشور في 1923، حين أدرك أن دوافع النضال الفلسطيني جادة وأساسية، وبالتالي لا يمكن إنهاؤه باتفاق حسن النية، أو عرض تعويض مناسب، وقد كان أول من تجرأ في القيادة الصهيونية على الاعتراف بالوجود الفعلي لأمة فلسطينية في هذه الأرض، وفي الوقت نفسه معترفاً بأنه لا حديث عن مصالحة طوعية بيننا وبينهم إطلاقاً، لا الآن ولا في المستقبل المنظور".
وأضاف في مقال نشرته
القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "قراءة واعية معاصرة لنظرية الجدار الحديدي تشير إلى أن أسس الوعي الإسلامي تصل إلى إدراك أن دوافع النضال ضد الصهيونية لا تنتهي أبدًا، ومنها قدرته على إحداث تشققات في صورة الجدار الحديدي بما يفسر إلى حد كبير عودة النضال الفلسطيني المكثف، وظهور التصدعات الإسرائيلية المتنوعة ومتعددة الأبعاد".
وأشار إلى أن "هناك اتجاهات مقلقة في الظهور داخل الدولة، بينها تركز معظم اتجاهات البناء الحكومية الإسرائيلية على الشريط الضيق على طول الساحل، من نهاريا إلى عسقلان، واليهود يهجرون المناطق الداخلية من فلسطين المحتلة، ويتجمعون في أبراج الشريط الساحلي، وفي المناطق الداخلية منها، خاصة في الجليل والنقب أصبح اليهود أقلية عددية، أما في وسط الجليل فلا يشكلون أكثر من 15٪، أي أن المؤسسة الصهيونية توقفت فعليًا عن تطلعها لإقامة سيطرة راسخة في الدولة، وفي كل ما يحدث في الفضاء الإسرائيلي خارج الشريط الساحلي، تتصدع الرسالة الصهيونية القائلة إننا هنا لنبقى".
واعترف هكوهين بالقول إن "المجتمع الإسرائيلي فقد منذ فترة طويلة الاستعداد للوجود المستمر في وعي النضال، تحت الادعاء القائل إن الدولة أقيمت، وانتهت أيام التضحية، وبالتالي يميل المجتمع الإسرائيلي لإنكار الحقيقة البسيطة القائلة بأن الدولة، مثل أي ظاهرة طبيعية وإنسانية، تخضع لدورة مستمرة من الازدهار والكساد، في اضطراب مستمر بين الاستقرار والنضال، بين الازدهار والانحدار، بين النهضة والانهيار".
وختم بالقول إن "فقدان الوحدة الوطنية الإسرائيلية، واتساع رقعة الخلاف بين اليهود، حول الأهداف المشتركة يمثل شروخًا آخذة في الاتساع في البنية التحتية للجدار الحديدي، والأصوات الاحتجاجية لليهود الذين يهددون بأنهم سيجدون طريق العودة إلى الشتات مع التغيير السياسي الذي تشهده الدولة مؤخرا، مما يخلق صدوعًا كبيرة في بنائها الداخلي، وفي ظل هذه الظروف الصعبة، فإن الواجب الأول للقيادة الإسرائيلية هو إعادة تأسيس دولة صلبة على غرار الجدار الحديدي".