تدور شكوك حول مصير أكثر من 34 مليار دينار ليبي، أي ما يعادل نحو 6 مليارات دولار، أدرجت في حساب المؤسسة الوطنية للنفط، والتي يعتقد أنها صرف جزء منها في إطار
صفقة جرت بين "
حفتر والدبيبة" منتصف العام الماضي لتغيير رأس المؤسسة الوطنية للنفط.
ولا يمكن عزل هذه الشكوك التي تشغل الأوساط الليبية عن الصفقة التي تم بموجبها تغيير قيادة المؤسسة الوطنية للنفط، حيث تحدثت أوساط إعلامية محلية ودولية في حينه عن اتفاق دار خلف الكواليس لتعيين رئيس مؤسسة
النفط الليبية الجديد، فرحات بن قدارة بدلا من مصطفى صنع الله في إطار ترتيبات جرت برعاية إماراتية بين إبراهيم
الدبيبة، ممثلا عن عمه رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، وبين صدام، نجل اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وكان مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط السابق رفض قرار تعيين بن قدارة، متهمًا الدبيبة بالفساد المالي والسياسي، معتبرًا أن تعيين بن قدارة جاء وفق صفقة تقف وراءها دولة الإمارات، لكن الدبيبة قال في تصريحات له، إن قرار تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط ليس صفقة سياسية، وإنما جاء بتوافق وتشاور بين مختلف الأطراف السياسية ودون أي تدخل خارجي. وفق قوله.
"ما جرى صفقة"
وكشف
مجلس أتلانتك في تقرير له ترجمته "عربي21" أن ما جرى كان صفقة بالفعل هدفت إلى ترسيخ مصالح النخبة السياسية المنقسمة، مشيرا إلى أن الدفء الطويل للعلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والمجموعات الرئيسية - وبالتحديد عشيرة الدبيبة وعائلة حفتر - ساعد في تقريب العلاقات بين الطرفين، وبناء على تدخل إماراتي استبدل الدبيبة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بأحد المقربين من عهد القذافي بعد أن التقى إبراهيم الدبيبة بصدام حفتر في أبو ظبي.
ولم يكن تدخل الإمارات بلا ثمن، فقد كشفت وثائق تفاصيل الاتفاقات السرية بين الحكومة الليبية وشركات هيدروكربونية إماراتية وروسية غير معروفة. وعلى سبيل المثال، فقد أكد المجلس أن مذكرة تفاهم تم تسريبها تظهر أن هناك صفقة بين شركة النفط الروسية المملوكة للدولة Zarubezhneft وشركة AGOCO ، وهي شركة تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط مقرها في الشرق وتحت سيطرة صدام حفتر. يتضمن الاتفاق إطلاق شبكة تجارة النفط، والتي قد تهدف إلى تعبئة موانئ النفط الليبية كنقاط لتصدير الخام الروسي لتجاوز العقوبات.
الميزانية المفقودة
وتظهر أرقام الإنفاق التي تم نشرها مؤخرًا من البنك المركزي أن 34.3 مليار دينار (حوالي 6 مليارات دولار) تم الإفراج عنها أخيرًا إلى المؤسسة الوطنية للنفط بعد تغيير قيادة المؤسسة الوطنية للنفط. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأموال قد استخدمت لتمويل قطاع النفط.
ويقول مجلس أتلانتك، إن هناك أدلة قليلة على إطلاق مشاريع جديدة، حيث تُظهر الوثائق بوضوح أن شركة AGOCO التابعة لحفتر تلقت 5.2 مليارات دينار في عام 2022. ومع ذلك، اشتكى رئيسها من إفلاسها الشهر الماضي.
في غضون ذلك، يتزايد القلق داخل الدوائر القانونية الليبية والمجتمع الدبلوماسي بسبب التقارير غير المؤكدة التي تفيد بأن هذه الأموال الحكومية استخدمت جزئيًا لدفع أموال لمجموعة فاغنر المرتبطة بالكرملين.
وقدمت مجموعة فاغنر دعمها المحوري لقوات حفتر خلال حربه للاستيلاء على طرابلس في نيسان/ أبريل 2019.
ويعتقد "أتلانتك" أن عدم اليقين بشأن مصير 34.3 مليار دينار والشكوك حول مجموعة فاغنر قد تفسر الزيارة المرتجلة التي قام بها مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز إلى
ليبيا في 12 من الشهر الماضي.
وقال "أتلانتك"، إن المأزق السياسي في ليبيا يمكن تفسيره على أنه نتيجة صفقة ضمنية بين النخب لإطالة أمد ولايتها في السلطة. حيث يرغب السياسيون من كلا الطرفين الرئيسين في ضمان استمرار الوصول إلى موارد الدولة المشروعة وغير المشروعة.