بورتريه

الشاعرة المناضلة مي صايغ ترحل "بانتظار المطر"

عربي21
أديبة وشاعرة ومناضلة وقيادية في منظمة التحرير الفلسطينية وناشطة من غزة، عرفت باهتمامها بالقضايا السياسية والاجتماعية والفكرية والدفاع عن قضايا المرأة الفلسطينية والعربية.

متعددة المواهب والقدرات والأدوار ونقابية نشأت في عائلة مثقفة ومناضلة.

ولدت مي الصايغ في مدينة غزة عام 1941 لملاك الأراضي موسى الصايغ أحد كبار مصدري البرتقال الفلسطيني إلى أوروبا، وحين قام الإنجليز عام 1930 بالسماح لليهود بإنشاء مستعمرة "بيار تعبيا" في منطقة المجدل (عسقلان) قام موسى الصايغ ومجموعة من أصدقائه بإحراق المستوطنة، اعتقل على أثرها وحكم عليه بالإعدام فأضربت غزة بالكامل، ما شكل ضغطا كبيرا على حكومة الانتداب البريطاني التي اضطرت إلى الحكم عليهم بالبراءة وخروجهم، لكنه ما لبث أن فارق الحياة بعد أن أصيب بجلطة قلبية توفي على إثرها عام 1950.

درست الفلسفة وعلم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة القاهرة، ودخلت معترك الحياة السياسية مبكرا، فانضمت عام 1966 لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في العاصمة الأردنية عمّان. وأصبحت عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح، والمجلس المركزي، والمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1973.

وشاركت في تأسيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وشغلت منصب الأمينة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ما بين عامي 1971 و1986، وأصبحت عضوا في المكتب الدائم للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي من عام 1975 وحتى عام 1982.

واصلت مي الانتساب إلى النقابات والاتحادات الفلسطينية فأصبحت عضوا في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، ومثّلت دولة فلسطين في لجنة المرأة في الأمم المتحدة، ومثّلت المرأة الفلسطينية في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والدولية.

وقادت الجهود النسائية الشعبية لدعم صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني أثناء حصار بيروت عام 1982 من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

اكتشفت موهبة مي الصايغ في الكتابة في المدرسة عندما كتبت موضوعا تعبيريا أثار الإعجاب فكانت تأخذه مدرسة اللغة العربية وتقرأه على الصفوف العليا، وبدأت محاولاتها الأولى في كتابة الشعر بتشجيع من والدتها هند فرح الكاتبة والمناضلة الفلسطينية التي برعت في الشعر والخطابة ومارست العمل النضالي، وزرعت في قلوب أبنائها حب فلسطين وعشق الأدب.

وبرزت موهبة مي الصايغ الإبداعية بشكل ناضج في السنة الثانية من دراستها الجامعية حين ألقت شعرا أمام الأديب المصري الراحل يوسف السباعي الذي أعجب بقصيدتها ونشرها في اليوم التالي على الصفحة الأخيرة من صحيفة "الجمهورية" مرفقا بصورتها، ودعاها الشاعر الفلسطيني علي هاشم رشيد مدير إذاعة "صوت فلسطين" إلى قراءتها في الإذاعة ثم فتح أمامها أثير الإذاعة لقراءة كل ما تكتبه فيما بعد.

كتبت الشعر والرواية وحظيت أعمالها باهتمام عربي كبير مثل مجلة "فلسطين الثورة"، و"الآداب" لبنان، و"أقلام" العراق.

وصدرت لها أول مجموعة شعرية في عام 1968 وحملت عنوان "إكليل الشوك" ثم توالت أعمالها الشعرية : "قصائد منقوشة على سلسلة الأشرفية"، "قصائد حب لاسم مطارد"، "عن الدموع والفرح الآتي"، "ليت هندا لم تعد"، بالإضافة إلى ديوان مشترك عن "أيلول الأسود".

وحملت روايتها الأولى عنوان "الحصار: سيرة ذاتية" عام 1988، فيما كانت الرواية الثانية بعنوان " بانتظار القمر" عام 2001.

وقدمت عدة أوراق عمل ودراسات نقدية حول المرأة العربية، وصدر لها كتابان في هذا الشأن هما: "دراسات حول المرأة" عام 1981، و"المرأة العربية والفلسطينية" في نفس العام..

إلى جانب كتاباتها العديدة في مجلات "الكرمل" و"الكاتب" و"شؤون فلسطينية" و"السفير".

تقلدت العديد من الأوسمة والجوائز؛ كان أبرزها وسام نجمة القدس الذي قلدها إياه محمود عباس عام 2009، تقديرا لجهودها في إبراز القضية الفلسطينية والدفاع عنها في العالم.

توفيت في الخامس من شهر شباط/ فبراير الجاري في العاصمة الأردنية عمّان عن عمر ناهز الـ82 عاما، وشكل رحيلها خسارة كبيرة للمشهدين الثقافي والنضالي الفلسطيني بعد أن كانت حاضرة فيه على مدى 55 عاما أثرت خلالها المخزون الأدبي الفلسطيني والعربي، وحملت معاناة شعبها فكانت صوته الذي لم يخفت يوما حتى رحيلها.

رحلت "بانتظار المطر" الذي لم يأت مع حلم رؤية فلسطين محررة وعودة اللاجئين وتحرير القدس ورؤية الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني.