نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" تقريرا، قالت فيه إن
الصين قلقة من تزايد
الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا وأثره على
روسيا التي تعتبر شريكا لبكين.
وأضافت الصحيفة أن المقاومة القوية لأوكرانيا قادت القيادة الصينية لإعادة التفكير، وأصبحت ميالة للدفع باتجاه وقف إطلاق النار؛ لمنع نكسات جديدة على الروس أو هزيمة على قاعدة واسعة، وذلك حسب أشخاص على معرفة بصناعة القرار الصيني.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن إعادة التفكير قادت الصين لزيادة علاقاتها الاقتصادية مع روسيا، وتتطلع بكين لزيادة وارداتها من النفط والغاز والبضائع الزراعية وتوثيق شراكتها في مجال الطاقة في القطب الشمالي، وزيادة الاستثمارات الصينية في سكك الحديد والموانئ.
وليس من الواضح كيف يمكن ترجمة الانضباط الصيني وعدم تقديم الأسلحة لروسيا، وهو موضوع كان حاضرا في تعليقات وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في نهاية الأسبوع، قال فيها إن واشنطن لديها معلومات حول تفكير بيحين بتقديم أسلحة فتاكة لروسيا.
وأثار بعض المخططين الاستراتيجيين في بكين أفكارا حول ما إذا كان يجب على الصين التفكير بتقديم الدعم العسكري لروسيا واستخدامه لأغراض دفاعية. وقد يعطي روسيا ورقة نفوذ لإنهاء النزاع، لكن خطوة كهذه قد تثير حنقا ضد الرئيس شي جينبنغ في الغرب. ولا يمكن التأكد فيما إن كانت الفكرة تحظى بدعم داخل القيادة الصينية.
وهاجم وزير الخارجية الصيني الاثنين واشنطن ورد على اتهاماتها، قائلا "إنها الولايات المتحدة وليس الجانب الصيني هي من تقدم سيلا لا يتوقف من الأسلحة" لأوكرانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني وانغ وينبن في إحاطة للصحافيين: "لا يحق للجانب الأمريكي توجيه أصابع الاتهام للصين أو إصدار الأوامر لها، ولن نقبل أبدا النقد الأمريكي للعلاقات الصينية- الروسية".
وفي زيارة لتركيا يوم الاثنين، قال بلينكن: "أعتقد أن الصين تفهم المخاطر لو قررت تقديم الدعم المادي بأي نوع لروسيا".
وفي زيارة مفاجئة لأوكرانيا، وعد الرئيس جو بايدن بمساعدات إضافية بقيمة نصف مليار دولار، وهو ما زاد الحاجة لدى الصين كي تبحث عن طرق لوقف النزاع الذي أدى لتوثيق علاقة الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا معا، ما يثير مخاطر من زيادة الصدع الصيني مع الغرب.
ومع أن تراجع القوة الروسية سيعطي الصين ميزة على روسيا من ناحية الحصول على صفقات طاقة رخيصة، لكن المطلعين على تفكير الرئيس شي يقولون إنه لا يريد خروج روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين من النزاع في حالة ضعف، ولمنع هذا تدفع بكين باتجاه وقف النزاع.
وقال أكبر دبلوماسي صيني وانغ يي نهاية الأسبوع، في مؤتمر الأمن بميونيخ، إن بكين ستقدم مبادرة سلام مفصلة في 24 شباط/ فبراير، وهو اليوم الذي بدأت فيه روسيا حملتها ضد أوكرانيا.
ووصل المسؤول الصيني الاثنين إلى موسكو لمناقشة التطورات مع الرئيس بوتين. وطالما تجنبت واشنطن وبكين المواجهة الشاملة، وتجنبتا الإجراءات التي قد تقود لزيادة النزاع. ونفت بكين أنها أرسلت أسلحة فتاكة للجانب الروسي، مؤكدة أن شركاتها تقوم بإجراء تعاملات تجارية عادية مع الشركات الروسية.
وعبر بايدن عن مخاوفه من تقديم أسلحة طويلة المدى إلى أوكرانيا قد تضرب العمق الروسي، بشكل يجعل أمريكا وروسيا في مواجهة شاملة. ويقول سيرغي راديشنكو، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جونز هوبكنز، إن "الدعم العسكري الصيني سيكون بمثابة تغيير لقواعد النزاع"، و"قد تكون جزءا أساسيا في خطة السلام التي تحدث عنها وانغ يي أو الدعوة لوقف إطلاق النار على طول الخطوط التي تسيطر عليها روسيا وأوكرانيا".
وأضاف راديشنكو: "الرسالة هنا ( للغرب) أننا لو فشلنا في انتهاز فرصة تجميد النزاع الآن، فستجعل مساعدة الصين لروسيا
الحرب أكثر كلفة وبمخاطر كبيرة على أوكرانيا والاستقرار الإقليمي".
ومنذ بداية الحرب، قدمت الصين دعما اقتصاديا لروسيا إلى جانب الدعم الدبلوماسي، حيث اتهمت الولايات المتحدة وحلف الناتو بخلق الظروف التي استفزت روسيا لكي تغزو أوكرانيا.
وتتشارك الصين وروسيا بهدف إعادة النظام الدولي الذي تريا أنه متحيز للعالم المتطور، وفي الوقت الذي تجنبت فيه الصين أي خطوات واضحة لدعم روسيا، بشكل تدعو إلى عقوبات جماعية غربية، إلا أن بكين واصلت تطوير وتعميق علاقاتها مع موسكو وسط زيادة التوتر بينها وواشنطن.
ولا تزال روسيا عالقة في أوكرانيا، رغم أنها نشرت معظم قواتها البرية في منطقة واحدة، ومن هنا بدا الدفع لوقف الحرب أمرا ملحا في بكين.
وعبر بعض القادة الغربيين عن أملهم في قدرة شي استخدام الدعم الاقتصادي للضغط على بوتين كي يذهب لطاولة المفاوضات، لكن شي لم يظهر أي إشارة حتى هذا الوقت، مع أنه أخبر قادة العالم أن الصين تعارض استخدام السلاح النووي في أوكرانيا، كما هدد بوتين.